جندي سابق من ميانمار يروي فظائع المجزرة
إسلام كان جنديا لأكثر من عقد وشهد المجزرة في قرية "تولا تولي" في شمال ولاية "راخين" بميانمار. .
بعد انتهائهم من حرق الجثث طلب الجنود وجبة الدجاج بالكاري، وشاهد "نازمول إسلام" البوذيين المحليين يشرعون في إعداد الطعام للرجال الذين يقول إنهم اغتصبوا وارتكبوا مذابح ضد عشرات من مسلمي الروهينجا من قرية "تولا تولي" في شمال ولاية "راخين" بميانمار.
- دفتر أحوال نساء الروهينجا.. اغتصاب وعنف وأمل بالإنصاف
- بالصور.. لاجئو الروهينجا.. ذكريات مؤلمة حفرت في الأجساد
وفي وقت متأخر من بعد الظهيرة كان الهدوء يسود المكان، فيما علقت رائحة الحريق فوق القرية. وصاح أحد الضباط: "نحتاج إلى 100 طبق من الأرز وكاري الدجاج.. أحضروهم لنا"، وفقا لصحيفة "جارديان" البريطانية.
وأصابت وحشية الجنود "إسلام" بالفزع ولكنها لم تصبه بالصدمة؛ فمساعد رئيس القرية إسلام (60 عاما) كان جنديا بوذيا سابقا اعتنق الإسلام وتزوج من امرأة من الروهينجا، والآن يعيش في معسكر للاجئين ببنجلاديش.
وبينما فرت زوجته وأطفاله الخمسة من ميانمار مع جيرانهم، يقول إسلام إنه خضع للاعتقال لأسابيع في القرية حيث حاول الضباط إعادته إلى البوذية، ويقول إنه شهد مذبحة في "تولا تولي"، موضحا: "لقد شاهدت كل شيء وعجزت عن القيام بأي شيء سوى الجلوس والمشاهدة".
وتلقي قصته –التي أيدها مواطنون من الروهينجا من تولا تولي تم إجراء حوارات معهم بشكل منفصل– ضوءا جديدا على إحدى أسوأ حلقات ما وصفته الأمم المتحدة وقادة العالم بحملة تطهير عرقي.
وكان أكثر من 650 ألفا من الروهينجا الذين تعرضوا للاضطهاد طويلا في ميانمار، قد فروا إلى بنجلاديش منذ أغسطس/آب الماضي، حيث يقولون إن جنود وشرطة ميانمار والمليشيات البوذية نظموا عمليات إعدام جماعية واغتصبوا النساء والأطفال وأحرقوا مئات القرى.
وفي الوقت الحالي، وقعت ميانمار وبنجلاديش اتفاقية لإعادة اللاجئين، ولكن قلة منهم يريدون العودة، قائلين إنهم سيواجهون مزيدا من الاضطهاد.
وبإمكان إسلام الذي كان جنديا لأكثر من عقد، وتمركز في راخين أغلب الوقت، تفهم ذلك الخوف، موضحا أن "ما يدور في عقولهم أن الجيش يرغب في محو المسلمين".
ويتحدث إسلام عن فظائع المجزرة التي عاشها، فعندما كان محتجزا في مخيم عسكري قال إسلام إنه كان على دراية بما يحدث، وفي البداية لم يتمكن من رؤية أي شيء ولكنه سمع أصوات الرصاص والبكاء، وشاهد النيران والدخان.
وفي وقت من الأوقات، هبطت طائرة هليكوبتر بالجوار حاملة بعض الظباط البارزين، وأوضح إسلام أنهم قدموا الرصاص والبنادق وأمروا الجيش بعدم إلقاء الجثث في المياه وإنما دفنها أو حرقها.
وأشار إسلام إلى أنه تم تكليف البوذيين المحليين بالمهمة، وفي حالة عدم موافقة أي شخص كان يُطلق الرصاص عليه، موضحا أنه سمع عريفا يقول "لدينا الأمر بقتل الجميع وسنقتل أي شخص لا يوافق".
ونهب الجنود والقرويون المنازل التي كانت لا تزال قائمة وأخذوا الأرز والدراجات النارية والماشية، ويقول إسلام إنه سمع المحليين يتحدثون عن "البنغاليين" الموتى والنساء المغتصبات، مضيفا: "لم نتحمل رائحة الجثث المحترقة"، مشيرا إلى أن الجنود ضربوه وركلوه.
وأوضح إسلام أنه في إحدى الليالي انتهز الفرصة للهرب عندما كان الحراس سكارى، وتمكن من الذهاب إلى بنجلاديش حيث كانت زوجته وأطفاله في انتظاره.
وفي تولا تولي، كان إسلام وزوجته ميسوري الحال؛ فامتلكا منزلا جيدا، فضلا عن الأبقار والدجاج، والآن يعيشان على تخوم مخيم كوتوبالونج للاجئين.
أما عن اتفاقية العودة بين ميانمار وبنجلاديش، يقول إسلام إنه لا يمتلك منزلا؛ حيث تعرض للحرق، متسائلا: "من سيدفع لي تعويضا مقابل منزلي وجميع الأشياء المنهوبة مني؟ وأي محكمة ستحقق العدالة لنا؟".
وكون إسلام بوذيا سابقا؛ فهو يمتلك الوثائق المطلوبة للعيش بحرية في ميانمار، ولكنه أدار ظهره لتلك الحياة لصالح انعدام الجنسية والنفي مع عائلته، ولا يشعر بالندم على ذلك.
ويقول إسلام: "كنت أمتلك حرية التنقل في ميانمار، ولكنني لا أريد ذلك؛ لأن زوجتي وأطفالي هنا".