مجزرة صنعاء.. مطالب بتحقيق دولي وشهادات توثق "عنصرية" الحوثي
طالب إثيوبيون في اليمن بتحقيق شامل يكشف ملابسات مجزرة الحوثي بصنعاء فيما توثق شهادات لناجين "عنصرية" المليشيا الانقلابية.
وفي 7 مارس/آذار الجاري، شهدت العاصمة اليمنية واحدة من أبشع المجازر، حيث قضى مئات المهاجرين حرقا جراء مقذوفات أطلقتها مليشيا الحوثي على مركز احتجاز ما تسبّب في حريق.
تحقيق دولي مستقل
وأمام مفوضية الأمم المتحدة بالمدينة، يتظاهر لاجئون إثيوبيون تنديدا بالجريمة التي ارتكبتها المليشيا الموالية لإيران، في غضب يتواصل ليومه الثامن على التوالي.
وجدد المحتجون مطالبة الجهات الدولية بإجراء تحقيق شامل في الجريمة، وكشف ملابساتها للرأي العام مع توفير حماية دولية للاجئين.
وتأتي دعوات المتظاهرين في وقت تعمل فيه المليشيا على طمس معالم جريمتها من خلال دفن جثث الضحايا دون تحقيق، في مقابر بشارع السبعين تخضع لحراستها.
كما تحاول التهرب من المسؤولية الجنائية من خلال إلقاء اللوم على جهات أخرى، واختلاق قصص مزيفة تسعى عبرها إلى النأي بنفسها عن جريمة هزت الرأي العام المحلي والدولي.
في الأثناء، يضيق الخناق على المليشيا وسط تقارير إعلامية تشير إلى أن منظمات حقوقية يمنية، تعدّ بالاشتراك مع منظمات تابعة لقومية الأورومو (ينتمي إليها المحتجون الإثيوبيون)، لتنظيم مؤتمر صحفي، للمطالبة بتحقيق دولي مستقل يكشف ملابسات الجريمة، والإفراج عن جميع اللاجئين الموقوفين بمراكز الاحتجاز.
عنصرية وتفاصيل مروعة
شهادات مروعة نقلتها منظمة "هيومن رايتش ووتش" الدولية عن ناجين من المجزرة، ممن استعرضوا تفاصيل صادمة تدين مليشيا مشحونة بعقيدة العنصرية والقتل.
وفي تقرير صدر الثلاثاء، اطلعت عليه "العين الإخبارية"، أدانت المنظمة الحقوقية المجزرة المروعة، واتهمت المليشيا الانقلابية بـ"إطلاق مقذوفات مجهولة" على مركز احتجاز المهاجرين، ما تسبب في نشوب الحريق.
ونقلت المنظمة روايات مروعة عن ناجين تحدثوا عن التعرض للضرب والشتم ومشاهدة عشرات الجثث المتفحمة في الغرفة التي سجنوا فيها قبل اندلاع الحريق عقابا لهم على احتجاجهم.
وقالت إنها تحدثت هاتفيا مع 5 مهاجرين إثيوبيين مُحتجزين في مرفق لتابع لما يسمى "مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية" بصنعاء، ومسؤولين من الأمم المتحدة في اليمن.
وأفاد الأشخاص الذين أُجريت معهم مقابلات أنّ ظروف الاحتجاز في المنشأة المكتظة غير صحية، ولم يحصلوا على أفرشة للنوم، كما كان الطعام محدودا ومياه الشرب شحيحة، ما أجبر المحتجزين على الشرب من حنفيات المراحيض.
وأضافوا أن المحتجزين نظّموا، بعد أسابيع من العيش في المنشأة المكتظة، إضرابا عن الطعام احتجاجا على الظروف السيئة واستمرار احتجازهم.
ولفتوا إلى أن السبيل الوحيد للإفراج عنهم كان دفع رسم بقيمة 70 ألف ريال يمني (280ما يعادل نحو دولار أمريكي) لحراس الأمن، كما تحدثوا عن انتهاكات لفظية تستهدفهم من قبل الحراس، بما فيها الإهانات العنصرية، والتهديدات، والشتائم المتكررة.
وصباح 7 مارس/آذار، رفض المحتجزون تناول الإفطار، غير أن حراس المليشيا تعرفوا على منظمي الاحتجاج، وضربوهم بالعصي الخشبية وأسلحتهم النارية، فردّ المحتجزون بإلقاء الأطباق.
ولاحقا، صعد أحد أفراد قوة حوثية وفدت إلى المكان إلى سطح العنبر الذي يحتجز فيه المهاجرون، ويضم فسحات مفتوحة، وأطلق مقذوفتين على الغرفة.
ونقلت المنظمة عن مهاجر قوله: "انتشرت النيران.. كنت مذعورا، وكأنّ الدخان شلّ ذهني. كان الناس يسعلون، وأحرقت النيران الفراش والبطانيات.. احترق الناس أحياء. اضطُررت إلى الدوس على جثثهم للهروب".
وقالت المنظمة إنها تلقت مقاطع فيديو تؤكد روايات الشهود وحلّلتها، بما فيه فيديو التُقط بعد الحريق مباشرة يظهر عشرات الجثث المتفحمة في وضعيات تشير إلى أنهم كانوا يحاولون الفرار لكن الدخان والنار تغلبا عليهم.
وعقب الحادث، عمّ انتشار أمني كثيف المستشفيات، وقال الأشخاص الذين أُجريت معهم مقابلات إنّهم شاهدوا قوات الأمن الحوثية تعيد اعتقال مهاجرين غير مصابين بجروح خطيرة، وفق المصدر نفسه.
أديس أبابا تعلق
في تعليق إثيوبي عقب الحادثة المروعة، قال المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإثيوبية، السفير دينا مفتي، إن الحكومة تعمل على إعادة رعاياها الذين تعرضوا للقصف الحوثي في اليمن.
وأضاف مفتي، خلال مؤتمره الصحفي الأسبوعي الثلاثاء: "نعمل بالتنسيق مع منظمة الهجرة الدولية باليمن"، مشيرا الى أن النقل سيتم من صنعاء الى عدن ثم الى إثيوبيا .
وأوضح أن أديس أبابا تعمل على تحديد هوية المصابين بالقصف الحوثي في صنعاء، لافتا إلى أنه من المقرر عودة أكثر من 150 إثيوبيًا من اليمن اليوم، دون تقديم تفاصيل إضافية حول عدد الضحايا الإثيوبيين والمصابين في القصف الحوثي.
والثلاثاء الماضي، قالت منظمة الهجرة الدولية إنها عالجت أكثر من 170 شخصًا من المصابين، وأنه لا يزال العديد منهم في حالة حرجة.
وأوضحت أن حريقا نشب في مستودع مجاور لمبنى الهجرة والجوازات بصنعاء، وكان يضم أكثر من 350 مهاجراً فيما كان هناك قرابة 900 مهاجر، معظمهم من الإثيوبيين، بالمبنى الذي تحول إلى سجن مكتظ باللاجئين.
وغداة المجزرة المروعة، نددت الحكومة اليمنية بالجريمة البشعة التي ارتكبتها مليشيا الحوثي بحق مهاجرين أفارقة في سجون صنعاء.
ودعت حكومة اليمن، في بيان لوزارة حقوق الإنسان، المفوضية السامية لحقوق الإنسان ومفوضية شؤون اللاجئين بالأمم المتحدة، لإجراء تحقيق شفاف لمعرفة ملابسات محرقة صنعاء التي قتلت وأصابت المهاجرين الأفارقة.
وأعربت الوزارة عن بالغ قلقها من مقتل وإصابة العشرات من الأفارقة في سجون مليشيا الحوثي، معتبرة أن استخدام العنف المميت ضد مهاجرين عزّل يمثل "عملا مشينا".
كما اعتبرت أن ما تقدم يشكل "انتهاكا صارخا للقوانين الوطنية والدولية، علاوة على أنه يقوض التزامات اليمن تجاه المهاجرين، ويسيء لقيم الشعب اليمني الذي لطالما عرف عنه الإحسان للمهاجرين والتعامل معهم كإخوة في الإنسانية، وقدم لهم على الدوام كل العون رغم الظروف الاستثنائية التي يمر بها اليمن".
واستنكر البيان "الجريمة النكراء"، داعيا كافة المنظمات الدولية العاملة في اليمن لتقديم العون الطبي للجرحى والمصابين، وإيجاد مخرج آمن لهم للعودة إلى بلدانهم.
وعلى مدى الأيام الماضية، أشعلت الجريمة الشارع اليمني، كما تداول ناشطون تسجيلات لجثث متفحمة مبعثرة في مستودع جماعي اتخذه الانقلابيون سجنا لاحتجاز اللاجئين بعد تخييرهم بين الانخراط بالقتال أو دفع فدية مالية أو الموت حرقا.
aXA6IDMuMjEuNDYuNjgg جزيرة ام اند امز