بالصور.. شاب فلسطيني يلين الحديد فيجعله فنا ينطق بالجمال
الشاب الفلسطيني محمود النباهين يتمنى أن يزور دولة الإمارات، ويعرض ما ينحته من الأسلاك في صالات عرضها، متجاوزا حلمه البسيط إلى حلم أكبر.
يتطلع الشاب الفلسطيني محمود النباهين إلى غدٍ يستوعب موهبته المبتكرة، والتي رأت النور في قطاع غزة بعد 10 سنوات من اكتشافها، فالنحت بالأسلاك بدعة جديدة، اخترعتها مخيلته، رغم الظروف الصعبة التي يعيشها والبطالة، ولكنه استطاع أن ينجز بعض ما طرحته عليه المخيلة، وأقنع الآخرين بما لديه من فن جديد لم يسبقه إليه أحد في غزة.
"العين الإخبارية" التقت الشاب الفلسطيني محمود النباهين، في منزله الكائن بمخيم البريج، وسط قطاع غزة، ومن بين الممرات الضيقة، وتحت السقف الإسباستي، بدأ إبداعه يظهر أمام العين كفن حديث أو اكتشاف يستحق تسليط الضوء عليه، فيقول النباهين: "بدأت فكرة النحت بالأسلاك قبل 10 سنوات من الآن، ولأن الظروف التي مررت بها كانت قاسية من ناحية الأوضاع المالية، لم أنجح في إبراز هذا الفن إلا في سنتي هذه، بعد أن توفرت لي فرصة عمل بسيطة، استقطعت منها بعض المال لكي أحقق ما نادت به المخيلة، وفرضته عليّ الموهبة، فبدأت بأسلاك الكهرباء الناعمة التي يرميها الناس، بعد الانتهاء منها".
وأضاف: "صممت العديد من التماثيل والأشكال التي تجسد الإنسان بحالات وهيئات مختلفة، كما دخلت إلى عالم الطير والشجر والجماد، ونحت أشكالها، حتى نالت إعجاب المقربين مني، وأثنوا على ما صنعت، فكانت البداية، والفن الجديد الذي استوحيته من بعض أشكال الفن العالمي، حاولت أن أطوره بشكل يناسب البيئة الفلسطينية التي نعيش فيها، فصنعت بعض الأشكال الوطنية الخاصة بالشأن العام الفلسطيني، فلاقت استحساناً وتشجيعاً، لم يرق لمستوى الدعم المالي بعد".
وعن الأدوات والوسائل التي يستخدمها النباهين في فنه قال: "في المرحلة الأولى استكفيت بأسلاك معدنية مستعملة، أغلبها أسلاك كهربائية، وبعد توسيع الفكرة، استخدمت الأسلاك النحاسية الغليظة وقضبان الحديد، وأدخلت إلى التماثيل الجديدة الخشب وفي بعض الأحيان أضطر إلى استخدام الأسمنت والشبك في حال أن الشكل المجسد كبير قياساً بالأشكال الأخرى، وهذا يلزمه أدوات للنجارة مثل (قطاعة وشاكوش ومنشار حديد) وطبعاً غرفتي الصغيرة المسقوفة بالأسباست، هي ورشة العمل، ولا يوجد لي مكان آخر مستقل، ورغم ذلك أشعر بأنني حققت بعض حلمي، لأن هناك اهتماما إعلاميا وتشجيعا من الناس لما أقدمه من فن، قد يضاف إلى فن الأنتيكا المعروف عالمياً".
وعن الأماني التي يتطلع إليها الشاب العشريني أوضح: "أمنيتي أن أحقق حلمي في المرحلة المقبلة، وأن يصل فني إلى العالمية، بعد أن أنظم معرضاً خاصاً للتماثيل والأشكال التي أصنعها، سواء في قطاع غزة، أو في أي عاصمة عربية، وأسعى إلى ذلك وأحضر كل ما أستطيع تحضيره لإنجاز أول معرض فني، كما أتطلع إلى أن تتبنى فني وما أنتجه جهة راعية، أستطيع من خلالها تطوير هذا الفن، لأن الأفكار المخزنة في مخيلتي كثيرة جداً وتستحق إمكانيات مالية كبيرة، وهذا الحلم لا أقول إنه بعيد المنال هذه الأيام، ولكنه قد يحتاج إلى وقت طويل".
وأكد النباهين أن بعض ما أنتجه في مرحلة سابقة من تحف ونحت بالأسلاك وصل إلى القاهرة وعمان ولندن، عن طريق بعض الأصدقاء، ولكنها قطع قليلة وبسيطة كانت تحمل فنه في بداياته، ويتمنى أن يزور دولة الإمارات الشقيقة، ويعرض ما ينحته من الأسلاك في صالات عرضها، متجاوزا حلمه البسيط إلى حلم أكبر، فيقول: "دولة الإمارات من أهم دول العالم التي ترعى الابتكار والإبداع وكل ما هو مميز، ويخدم الذائقة البشرية، وينبئ بجمال خارق للعادة".
وعن الظروف المعقدة وحالة عدم الاستقرار الأمني التي يعيشها قطاع غزة، واستهداف دولة الاحتلال لكل مقومات الحياة فيها، يقول الفنان الفلسطيني: "لن أركن حلمي جانباً في الزوايا، منتظراً حرية قد يطول تحقيقها، وتتراكم من أجلها التضحيات، ولكنني سأواصل فني بكل ما أستطيع، فالسلك الذي يمنعني عن بلدتي الأصلية في فلسطين، سأحوله إلى آلة عزف، أو فكرة صرخة يسمعها العالم، فنحن معشر الشباب الفلسطيني، لم نكن في يوم من الأيام ضد الحياة والإبداع وبناء الحضارات، بل نسعى إلى الحرية وتحقيق دولتنا لكي نصنع الحياة الأكثر جمالاً، مع جوارنا العربي والجوار الكوني، لسنا أقل قدرة من الآخرين على صناعة الحياة، وكل ما ينقصنا أن نعطي حريتنا لنبني دولتنا المستقلة والحرة لنجعلها دولة مبدعة".