"واشنطن بوست": "القاعدة" يصعّد القتال لسرقة الأضواء مجددًا من "داعش"
المنافسة بينهما أسهمت في تزايد اضطرابات اليمن وسوريا
سرق "داعش" الأضواء من سلفه تنظيم "القاعدة"، ومن أجل استعادته صعّدت الجماعات المرتبطة بالتنظيم الأقدم، القتال في الأشهر الأخيرة.
سرق "داعش" الأضواء من سلفه تنظيم "القاعدة"، ومن أجل استعادته صعّدت الجماعات المرتبطة بالتنظيم الأقدم القتال في الأشهر الأخيرة، وكثَّفت هجماتها على المستويين الأيديولوجي والعسكري لإضعاف خصمها، وفقًا لمحللين استطلعت آراءهم صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
وقالت الصحيفة إن هذه التحركات تعكس التهديد العالمي الذي يشكله "القاعدة"، وتعطي مؤشرًا على تنافس متزايد مع "داعش" يشعل الصراعات، وينشر التطرف من جنوب آسيا وإفريقيا إلى أوروبا الغربية.
ويعتقد محللون أن المنافسة أسهمت في تزايد زعزعة استقرار دول مثل اليمن وسوريا، حيث استغلت الجماعات السنية المتطرفة الاضطرابات للسيطرة على مساحات مترامية الأطراف من الأرض، بهدف تعليم السكان المحليين الأيديولوجيات المتطرفة، وربما شن هجمات ضد الغرب.
وفي هذا السياق قال تيودور كاراسيك، وهو خبير القضايا الأمنية في الشرق الأوسط، يقيم في دبي "إنه سباق دمار، ومن الواضح أن معركة الجهاديين تتوسع بشكل كبير".
وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد انشقاقه عن تنظيم القاعدة في أوائل عام 2014، انتقل "داعش" إلى سلب قلوب وعقول المسلحين المحتملين.
وبعد إعلانه إقامة دولة الخلافة في العام الماضي عقب الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي في العراق وسوريا، أبهر "داعش" مؤيديه المحتملين بالدعاية الماهرة لهجماته الوحشية، وتشمل عمليات إعدام جماعي، وتبني إسقاط طائرة الركاب الروسية في مصر، فانضم إليه بعض متشددي "القاعدة"، ليشكّلوا فروعًا له خارج معاقله في العراق وسوريا.
ونقلت الصحيفة عن فواز جرجس، أستاذ سياسات الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، قوله: "(القاعدة) وفروعه كانت تحاول الاستجابة لتحدي داعش بقوة أكبر في محاولة لإظهار صدق نياتهم الجهادية".
وضرب جرجس مثالًا بـ"الهجوم على فندق راديسون بلو في العاصمة المالية باماكو، في 20 نوفمبر، حيث احتجز مسلحون 170 رهينة، قتل منهم 20، وتبنى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مسؤولية الهجوم الذي استهدف بالتنسيق مع حلفائه رمزًا غربيًّا بعد أيام من هجمات داعش في باريس التي قتل فيها 130 شخصًا".
وأشار إلى أن هجوم مالي أثار موجة من الثناء على وسائل الإعلام الاجتماعية بين مؤيدي تنظيم القاعدة، لافتًا إلى أن "القاعدة يحاول تنفيذ هجمات مذهلة بمفرده وإظهار قدرته"، واصفًا الجماعة بأنها "أكثر حيوية في فروعها العالمية".
وعلى غرار "داعش"، اعتمدت الفروع التابعة لـ"القاعدة" استراتيجية الاستيلاء على الأراضي في دول الشرق الأوسط التي مزّقتها الحرب، ففي اليمن حقق تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية تقدمات كاسحة وسط الاضطرابات الناجمة عن 9 أشهر من الحرب بين قوات المتمردين (الحوثي) والتحالف العسكري بقيادة السعودية.
وينظر مسؤولون أمريكيون إلى "القاعدة" في جزيرة العرب باعتباره فرعًا خطيرًا، لارتباطه بمحاولات شن هجمات على أهداف غربية، حيث أكدت الجماعة مسؤوليتها عن هجوم باريس الذي قتل 17 شخصًا في يناير الماضي، بينهم صحفيون من مجلة أسبوعية ساخرة فرنسية.
وفي سوريا واليمن، تجنبت الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة فرض أساليب "داعش" المتشددة مثل قتل إخوانهم المسلمين على نطاق واسع، والتطبيق الصارم للشريعة الإسلامية، التي تنفّر كثيرًا من الناس يعيشون تحت سيطرته، كما يقول محللون.
وفي هذا السياق، قال آرون زيلين، وهو باحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وخبير شؤون الجماعات المسلحة: "يبدو أن تنظيم القاعدة يلعب لعبة طويلة، وينتهج نهجًا مرنًا نسبيًّا في فرض أيديولوجيته باعتبارها وسيلة لدمج الجماعة مع السكان المحليين".
وأضاف: "نموذج تنظيم القاعدة باقٍ، وأعتقد أن الكثيرين يقللون من شأنه، القضية هنا هي أنه بسبب صعود (داعش)، يمكن أن يُنظر إلى (القاعدة) على أنه أكثر قبولًا لدى السكان وحتى الحكومات المحلية مقارنة بـ(داعش)".
ومن جانبه، قال سيث جونز، خبير الإرهاب في مؤسسة "راند" البحثية، يبدو أن "القاعدة" يُظهر قليلًا من الرحمة نحو مسلحي "داعش"، حيث كثف التنظيم وحلفاؤه عمليات القتل الانتقامي من منافسيهم المتطرفين.
وفي ليبيا التي يسيطر على أجزاء كبيرة منها فرع تابع لتنظيم "داعش"، أعلن مسلحون مؤيدون لتنظيم القاعدة الجهاد في أكتوبر، وصعّدوا الهجمات ضد أعضاء الجماعة المنافسة. وفي الصومال، تنفّذ حركة "الشباب المجاهدين" المتشددة التي أعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة، عملية تطهير كبيرة، وتهدد بقتل الأفراد الذين يشتبه في انشقاقهم إلى "داعش".
وأوضح جونز أن "هذا النوع من الهجمات يحدث على المستويين الأيديولوجي والعسكري، ورغم أنه لا يُنظر إلى تنظيم القاعدة باعتباره جذابًا، أو جوادًا رابحًا، لكن هذا لا يعني هزيمته".
aXA6IDMuMTUuMTcuNjAg جزيرة ام اند امز