لو قررت أجهزة أمنية مصرية اختبار مدى كفاءة تأمين مطاراتنا وقدرة العاملين على كشف أى محاولة لإدخال أسلحة أو متفجرات، فكم نسبة نجاحها ؟
لو قررت أجهزة أمنية مصرية خبيرة اختبار مدى كفاءة إجراءات تأمين مطاراتنا وقدرة العاملين بها ومعداتهم على كشف أى محاولة لإدخال أسلحة أو متفجرات لطائرات الركاب دون كشفها، فكم تتصورون نسبة نجاحها فى تمرير شىء؟ ولو أخفق أمن مطاراتنا فى كشف نسبة 10% من هذه المحاولات، فهل سيتم الإعلان عن ذلك وإبلاغ البرلمان للتحقيق فى الأمر ومناقشته؟
أجهزة الأمن الأمريكية تفعل ذلك من وقت لآخر- عملا بمقولة: «بيدى لا بيد عمرو»- للتأكد من فاعلية أمن مطاراتها، بعد كارثة 11 سبتمبر. آخر اختبار قامت به- منذ ستة أشهر- مجموعة متخصصة فى التفتيش والتخفى بذكاء شيطانى، تُسمى «الفريق الأحمر»، تتبع وزارة الأمن الداخلى الأمريكية، التى تتبعها أيضا هيئة أمن المواصلات، حاولت تهريب أسلحة وما يشبه متفجرات إلى داخل أكبر وأهم وأزحم ثمانية مطارات فى الولايات المتحدة الأمريكية. تصوروا كم نسبة نجاح هذه المحاولات وفشل أمن المطارات الأمريكية فى كشف إدخال تلك المحظورات الخطرة؟ نسبة الفشل وصلت إلى 95%. نعم، فمن بين سبعين محاولة للتسلل بأسلحة أو ما يشبه متفجرات مع أعضاء «الفريق الأحمر» للتفتيش الأمنى، نجح المفتشون فى سبع وستين مرة، وفشل القائمون على أمن هذه المطارات المهمة بأجهزتهم المتقدمة فى كشفها أو توقيفها باستثناء ثلاث مرات فقط.
بل وأُعلن عن النتيجة وعن ذلك الفشل فى إحدى لجان الكونجرس الأمريكى المعنية بالأمن القومى فى مجلس الشيوخ، وتمت مناقشة الأمر علنا، باستثناء تفاصيل التقرير المتضمن الحيل الشيطانية لتسريب الأسلحة وما يشبه المتفجرات، حتى لا يقلدها أحد، فلم يتم الإعلان عنها سوى لأعضاء الكونجرس بتصنيف معلومات التقرير «سرية». هذا التفتيش والاختبار الذاتى أدى إلى نقل القائم بأعمال رئيس هيئة أمن المواصلات والنقل إلى وظيفة أخرى، ومراجعة أساليب التفتيش وفاعلية بعض الأجهزة، رغم إدراك كبار المسؤولين عن الوزارة أن «الفريق الأحمر»، الذى يكشف عن استعداد وكفاءة أمن المطارات، يتشكل من أشخاص فى منتهى الخبرة والذكاء، يُوصَفون بـ«السوبر إرهابيين!»، كما أن العبء على أمن المطارات الأمريكية ثقيل، حيث يصل عدد الركاب المارين بها يوميا إلى مليون وثمانمائة ألف شخص، يحملون بأيديهم للطائرات ثلاثة ملايين حقيبة شخصية.
لكن أحداً فى هذه المطارات الأمريكية- أو حتى فى الدول الأخرى التى أسافر عبرها، بما فيها أبوظبى ودبى ولندن، التى مررت بها فى رحلتى الحالية من القاهرة إلى واشنطن- لم يمنع الناس من دخول مبنى المطار أو صالتى السفر والوصول لتوديع أو انتظار المسافرين. فى مطاراتنا التى بَنَتْ أجمل وأفخم صالات الوصول، يُمنع الناس من الدخول ليبقوا فى الشارع أو على الرصيف خارج المبنى فى عز ظهيرة الصيف وبرد ليل الشتاء!
بل والأدهى والأَمَرّ أن تجد فى مطارنا وحده لجان ونقاط تفتيش مرور لطوابير السيارات الطويلة المتأخرة، أحيانا تحاول توصيل المسافرين المغادرين، ربما بدافع الحرص الأمنى على ألا يكون أحد السائقين يحمل رخصة قيادة أو سيارة منتهية الصلاحية، ويتمكن من توصيل مسافر لطائرته فى الموعد، وبالتالى يُدَقِّقون فى عملهم بغض النظر عن إمكانية تفتيش الرخص المرورية للسيارات- إن كان ولابد- عند مغادرتها المطار وليس عند وصولها، كما أنه لا يوجد لدينا أو لدى غيرنا أى نقاط تفتيش بالمطارات للكشف عن متفجرات بالسيارات، فهو عبء غير عملى أو مُجْدٍ.
هل يمكن أن نكف عما يصفه المثل الشعبى بـ«اللى ييجى فى الهايفة ويتصدر»؟
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة المصري اليوم وبوابة العين الإلكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة