قضايا التسليح والسعي لبلوغ الفضاء والإصلاح الاقتصادي تصدرت المشهد الهندي في عام 2017.
استحوذت 5 قضايا على صدارة المشهد في الهند خلال عام 2017، تفاوتت بين السياسة والاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا، جاء على رأسها الزيارة التاريخية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى الهند، وإطلاق 104 أقمار صناعية، والخلاف الحدودي بين الهند والصين على منطقة دوكلام، وتطبيق ضريبة السلع والخدمات لتحسين الاقتصاد الهندي.
1. زيارة تاريخية للشيخ محمد بن زايد
استقبلت الهند عام 2017، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في زيارة تاريخية وصفتها وسائل الإعلام الهندية بالأسطورية.
وخلال الزيارة ذكر تقرير نشره موقع "وان إنديا" عن تطلع نيودلهي لتعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
وعدد التقرير النتائج الإيجابية لتطوير العلاقات عبر هذه الزيارة، ومنها انها تزيد التعاون بين البلدين في ملف مكافحة الإرهاب، حيث تعمل الدولتان بشكل مكثف على القضايا المتعلقة بتنظيم "داعش" والتنظيمات الإرهابية الأخرى.
وأعرب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي عن سعادته باستقبال صديقه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في ثاني زيارة له للهند، مضيفا أنها زيارة استثنائية كون الشيخ محمد بن زايد حل ضيفا أثناء احتفالات يوم الجمهورية.
وأكد مودي أنه يعتبر دولة الإمارات شريكا مهما في قصة نجاح تطوير مجال البنية التحتية الهندية، وتعزيز النمو في مجال الصناعة والخدمات.
فيما استعرض المتابعون تاريخ العلاقات بين الإمارات والهند كثيرا أمام لقطات وقوف للشيخ محمد بن زايد أمام ضريح الزعيم الهندي المهاتما غاندي في العاصمة نيودلهي.
وسجل الشيخ محمد بن زايد اسمه في سجل الزائرين للضريح، وهو المشهد الذي يكاد يكون متطابقا مع تلك الصورة التي التقطت منذ ربع قرن وتحديدا في عام 1992 عندما زار والده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الهند.
ووقعت الإمارات والهند اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة وعددا من مذكرات التفاهم بين البلدين وتبادل وثائق الاتفاقيات بين الجانبين.
واعتبر رئيس الوزراء الهندي الإمارات شريكا رئيسا في قصة نمو الهند، وأثنى على اهتمام الإمارات بالاستثمارات في الهند، وخاصة في قطاع البنية التحتية.
وأبدى مودي للشيخ محمد بن زايد اهتمامه بمشاركة الشركات الهندية في مشروعات البنية التحتية المتعلقة بمعرض "إكسبو دبي 2020."
وأشار إلى أن الاتفاقيات التي وقعتها دولة الإمارات العربية المتحدة والهند تسهم في تقوية العلاقات بين البلدين عموما، وإن اتفاقية الطاقة تمثل جسرا للترابط بين البلدين.
ويشار إلى أن بين الإمارات والهند علاقات تاريخية قامت على أسس راسخة من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة في العديد من المجالات.
ووصل حجم التجارة بين الإمارات والهند خلال عام 2015 – 2016 إلى 50 مليار دولار، بينما حجم التجارة بين البلدين خلال 30 عاما مضت كانت بنحو 128 مليار دولار، حيث تأتي الإمارات في المرتبة الثالثة بين أكبر الشركاء التجاريين للهند.
ويبلغ عدد الجالية الهندية في الإمارات نحو 2.6 مليون شخص، يشكلون أكبر جالية في الدولة، وتقدر تحويلاتهم المالية إلى الهند بنحو 13.6 مليار دولار سنويا.
ووقعت أول اتفاقية بين البلدين في 1975 خلال زيارة الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان للهند، أما آخر اتفاقية وقعت بين بنك الاحتياطي الهندي والبنك المركزي الإماراتي حول تبادل العملة، فكانت خلال زيارة الشيخ محمد بن زايد للهند في فبراير/شباط 2016.
2. مبادرة صنع في الهند
كما أعلنت الهند عبر شركة الروبوتات إتش – بوتس، انها تعمل على "شرطي روبوت"، يمكن استخدامه للقيام بعدد من أنشطة الشرطة، وفي حالة نجاحه يمكن استخدامه لأنشطة تجارية.
وأشارت إلى أن روبوت الشرطة سيكون مصنوعا بالكامل في الهند تحت مبادرة "صنع في الهند"، وحتى الآن دبي فقط من لديها روبوت الشرطة الذي صمم في فرنسا.
وضمن المبادرة أيضا تشترك شركة ألستوم الفرنسية في إنتاج القاطرات الكهربائية للسكك الحديدية الهندية بالتعاون مع شركة السكك الحديدية الهندية.
وبحلول مطلع عام 2018، ستكون أول قاطرة مصنعة بالكامل داخل الهند جاهزة في مصنع ولاية بيهار، من ضمن مميزاتها أنها هي قادرة على العمل في الظروف المناخية المختلفة.
وعلى صعيد الصناعات العسكرية بدأت الهند خطوات إنتاج 123 طائرة هليكوبتر متعددة المهام مع قدرات لرصد الغواصات، بالإضافة إلى 111 من الطائرات المروحية الخفيفة المسلحة، والتي تبلغ قيمتها الإجمالية 5 مليارات دولار تحت نفس المبادرة.
وكانت الهند قد قررت تنفيذ برنامج إنتاج الغواصات محليا بقيمة تقترب من مليار دولار بهدف تعزيز الصناعات العسكرية في البلاد، في إطار المبادرة، التي تهدف إلى حشد الشركات الرائدة في مجالات الصناعات العسكرية والدفاعية لتطوير الصناعات المحلية الهندية في هذا المجال.
وفي نفس الوقت تراجعت الهند عن خطط لشراء منظومات صاروخية مضادة للدبابات من إسرائيل، وبدلا من ذلك طلبت نيودلهي من منظمة الدفاع والتطوير الهندية، تطوير وحدات المشاة والميكانيكا التابعة للجيش تجاوبا مع مبادرة صنع في الهند.
3. أكبر إصلاح ضريبي
أطلقت الحكومة الهندية في شهر يوليو/ تموز الماضي أكبر إصلاح في تاريخ الهند، وسط ردود فعل شعبية اختلفت ما بين الترحيب والاحتجاج.
وتتضمن هذه الخطوة دمج عدة ضرائب في ضريبة واحدة، غير أن عددا من أرباب قطاع الأعمال قالوا إن نظام الضريبة الواحدة يسبب إرباكا.
واستبدلت الضريبة الجديدة على السلع والخدمات بأكثر من 12 ضريبة مفروضة على صعيد الولايات الهندية الـ29.
وخلال جلسة البرلمان الهندي، أكد مودي أنه مع إقرار ضريبة السلع والخدمات سيتحقق الحلم بهند واحدة وعظيمة.. وتمنح الضريبة الجديدة السلطات المحلية حق فرض بضعة ضرائب أخرى.
والمفهوم الرئيسي من تطبيق ضريبة السلع والخدمات في الهند هو التحول من نظام الضرائب غير المباشر القائم على الإنتاج إلى نظام الضرائب الذي يتحدد من نقطة الاستهلاك، ومن شأن ضريبة السلع والخدمات الجديدة أن توحد الاقتصاد الأسرع نموا في العالم بقيمة 2 تريليون دولار.
وطبقت ضريبة السلع والخدمات على التصنيع والمبيعات واستهلاك السلع والخدمات في جميع أرجاء الهند.
ومن خلال تأييد الضريبة، أطلق مواطن هندي في ولاية تشاسيجاره وسط الهند اسم ضريبة السلع والخدمات على مولودتهم تيمنا بالإصلاح الذي تشهده الهند.
وفي المقابل رحب خبراء الاقتصاد الهنود بالإصلاح مشيرين إلى أنه طال انتظاره، لكنهم في نفس الوقت حذروا من أن الصدمة الأولية لتنفيذ الضريبة هي الأصعب.
وقال وزير المالية إن الهند السابقة كانت مفككة اقتصاديا، والهند الجديدة ستخلق ضريبة واحدة وسوقا واحدة لأمة واحدة.
4. تطور التكنولوجيا إطلاق الأقمار الصناعية
نجحت الهند في فبراير الماضي في إطلاق 104 أقمار صناعية في مهمة واحدة، وهو رقم قياسي عالمي للأقمار الصناعية التي تطلق دفعة واحدة.
ومن بين هذه الأقمار هناك 101 قمر أجنبي تم إطلاقها لصالح عملاء دوليين، فيما تسعى الهند إلى الحصول على نصيب أكبر من صناعة الفضاء العالمية التي يقدر حجمها بنحو 300 مليار دولار.
ومن خلال تعزيز التعاون مع دول الجوار، بجنوب شرق آسيا، أطلقت الهند قمر صناعي غسات 9 في مايو/أيار الماضي كهدية لدول جنوب شرق آسيا.
ومن المتوقع أن يساعد القمر الصناعي على دعم المبادرات المتعلقة بحفظ المياه من خلال توفير البيانات والتنبؤ بالطقس وإرسال التحذيرات بشأن الكوارث الطبيعية.
وأطلقت الهند أثقل صاروخ "غسلف ماك 3" في يونيوـ حيث يزن 705 أطنان أي ما يعادل 200 فيل آسيوي كامل النمو، كما يعتبر الصاروخ الأقوى للبلاد، حيث يستطيع حمل أثقل الأقمار الصناعية حتى الآن.
وقد أعدت منظمة الفضاء الهندية "اسرو"، خططا لإرسال أول طاقم إنساني هندي إلى الفضاء بمجرد موافقة الحكومة الهندية على الميزانية التي تتراوح بين 3 إلى 4 مليارات دولار.
وتقدمت التقنية الهندية كثيرا، وأطلقت القمر الصناعي الهندي "إيرنس اتش1"، ليقدم الخدمات في مجال الملاحة الجوية.
ويهدف البرنامج إلى تقديم خدمتين الأولى تحديد المواقع القياسية "سبس" والأخرى "رس" المشفرة التي تقدم فقط للمستخدمين المرخص لهم مثل قوات الدفاع.
وتستعد منظمة الفضاء الهندية "اسرو" لإنزال أول مركبة متحركة على سطح القمر في أول هبوط تاريخي للهند في مارس/آذار 2018.
وهذه ليست أول بعثة هندية إلى القمر؛ فقد أطلق تشاندرايان 1 في 2008 وتحطمت في نوفمبر/تشرين ثاني من نفس العام.
وبعد غزو القمر والمريخ وضعت الهند خططها لغزو الشمس ببعثة أديتا ايل 1، في عام 2019.
والهدف الرئيسي للبعثة هو تحسين فهم العمليات الديناميكية للشمس والمساعدة في حل بعض الأسئلة المعلقة بالفيزياء الشمسية.
وتهدف وكالة الفضاء الهندي لمضاعفة إطلاق الأقمار الصناعية من 9 إلى 20 قمرا سنويا.
5. التوتر الحدودي بين الهند والصين
بدأ التوتر الحدودي بين الهند والصين في يونيو الماضي بعد قيام القوات الصينية بإنشاء طرق في المنطقة الحدودية دوكلام التي تقع بين الهند والصين وبوتان.
وفي منتصف يونيو/حزيران، أكدت الهند التي تنشر قوات في بوتان أن "فريق بناء تابع للجيش الصيني دخل منطقة دوكلام وحاول بناء طريق".
ولكن الصين ذكرت أن هذه المنطقة تتبع لها، وأن جنودا هنود ينتشرون على أراضيها، وطالبت الجنود الهنود بالانسحاب.
غواصات فتاكة
بعد سنوات من التأخير، تستعد البحرية الهندية لاستلام واحدة من أدوات القتال الأكثر فتكا في العالم، "إنز كالفاري"، وهي غواصة هجومية تستخدم في أعماق البحار، حيث تبذل الهند قصارى جهدها لإعادة بناء قواتها القتالية تحت الماء.
و"إنز كالفاري"، هي الأولي من 6 غواصات "سكوربين" فرنسية الصنع، والمعروفة سابقا باسم المجموعة "دنز"، والتي قد تم الاتفاق عليها منذ عام 2005 بتكلفة 3.7 مليار دولار.
كما كشف الافتتاح الرسمي في يوليو/تموز الماضي لقاعدة بحرية صينية في جيبوتي في الطرف الغربي من المحيط الهندي، ومبيعات الغواصات الأخيرة لباكستان وبنجلاديش وزيارة الغواصة الصينية التي تعمل بالطاقة النووية إلى كراتشي في العام الماضي، التحدي الكبير، الذي يواجه البحرية الهندية مع البحرية الصينية في الفترة القادمة.
وأشار بوشان داس، وهو باحث في برنامج الأمن القومي في نيودلهي إلى أن عدم وجود تخطيط طويل الأجل والالتزام بخطط شراء معدات الدفاع، يمكن اعتباره بمثابة إهمال من جانب الحكومة الهندية، مضيفا أن هناك زيادة في أنشطة جيش التحرير الشعبي الصيني في المنطقة.
وكان الجيش الصيني، الذي يعد أكبر قوة مسلحة في العالم، قال إن قدرته على حماية الأراضي الصينية "لا تقهر"، وإنه مستعد لتعزيز الانتشار العسكري على الهضبة القريبة من ولاية سيكيم بشمال شرقي الهند.
وشدد المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، كول وو تشيان، ردا على سؤال حول المواجهات الحدودية مع الهند، إن رغبة الصين وتصميمها على الدفاع عن سيادتها لا يقهر.
وطالبت الصين بقوة الهند سحب قواتها واتخاذ إجراءات ملموسة لتصحيح أخطائها وإنهاء أعمالها الاستفزازية، للحفاظ على السلام في المناطق الحدودية.
ونبهت وسائل الإعلام الصينية حكومة بكين، سابقا إلى أن الحرب مع الهند اقتصادية، بعد التدفقات الهائلة من الاستثمارات الأجنبية في قطاعات الصناعات وقطاعات أخرى.
وفي مواجهة موقف الصين، أقامت القوات الهندية معسكراتها في المنطقة المتنازع عليها، مما يدل على تصميمها على البقاء على الأرض، ما لم تكن هناك معاملة متبادلة من جيش التحرير الشعبي الصيني في إنهاء المواجهة.
ونقل موقع "تايمز ناو" الهندي عن مصادر رسمية قولها، إن تحصين الحدود هو الخط المستمر للحفاظ على الجنود الهنود المتواجدين على الخط الحدودي، مؤكدة أن الجيش الهندي لن ينهار تحت وطأة الضغط الصيني.