انتهى المجلس القومى لحقوق الانسان من صياغة نحو 15 مشروع قانون تتناول موضوعات لها صلة بحقوق الانسان منها ما يتصل بالتعذيب
انتهى المجلس القومى لحقوق الانسان من صياغة نحو 15 مشروع قانون تتناول موضوعات لها صلة بحقوق الانسان منها ما يتصل بالتعذيب، وحماية الشهود والمبلغين، وبناء دور العبادة، وانشاء مفوضية ضد التمييز وغيرها تمهيدا لارسالها لمجلس النواب لمناقشتها واصدارها. وسوف نتناول فى هذا المقال موقف المجلس القومى لحقوق الانسان من قضية التعذيب ايمانا منه بأهمية التعديلات المقترحة على القوانين التى تتناول التعذيب حاليا لتوفير اقصى قدر من الحماية للمواطنين.
ويقترح المجلس فى مشروع القانون الخاص بالتعذيب تعديل المادة 126 من قانون العقوبات لتكون على النحو التالى :
اولا: النص على ان التعذيب بجميع صوره واشكاله جريمة لا تسقط الدعوة الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم.
ثانيا: تعريف التعذيب بمفهوم اوسع كثيرا من المفهوم الحالى فى القوانين المصرية والذى يعرفه بان الهدف منه هو الحصول على معلومات فقط وينص تعريف التعذيب المقترح من المجلس القومى لحقوق الانسان بانه (كل عمل ينتج عنه الم او عذاب شديد جسديا كان ام معنويا يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول منه او من غيره على معلومات او على اعتراف او معاقبته على عمل ارتكبه او يشتبه فى انه ارتكبه او شخص غيره، وتخويف هذا الشخص او ارغامه هو او غيره على القيام بعمل، او الامتناع عن القيام بعمل او عندما يلحق بالشخص مثل هذا الالم او العذاب لاى سبب يقوم على التمييز ايا كان نوعه، ويعتبر مرتكبا لجريمة التعذيب كل من امر به او حرض عليه او وافق عليه او سكت عن الابلاغ عنه).
هذا التعريف الواسع للتعذيب سوف يترتب عليه محاسبة دائرة من الاشخاص اوسع بكثير مما يحدث حاليا وسوف يكون رادعا فعالا لمرتكبيه. كما انه يتجاوز المفهوم الحالى فى القوانين المصرية الذى يمكن الكثيرين من الافلات من العقاب.
ثالثا: اما بالنسبة للعقوبة على التعذيب فان المجلس القومى لحقوق الانسان يقترح فى مشروع القانون المقدم منه لمجلس النواب معاقبة كل من ارتكب جريمة التعذيب المشار اليها بالمفهوم الجديد او امر او حرض على ارتكابها او وافق على ارتكابها او سكت عن الابلاغ عنها بالاشغال الشاقة او السجن من 7 الى 10 سنوات.
على انه اذا كان من ارتكب الجريمة او حرض على ارتكابها او وافق عليها او سكت عن الابلاغ عنها موظف او مستخدم عمومى او اى شخص يتصرف بصفته الرسمية فان العقوبة تكون السجن المؤبد او المشدد. وفى جميع الاحوال اذا مات المجنى عليه يعاقب الجانى بالعقوبة المقررة للقتل العمد. ولا يجوز للمحكمة وقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها فى الجرائم الواردة فى هذه المادة كما لا يجوز لها الاخذ بالاسباب المخففة لانزال العقوبة درجة او درجتين. ويتميز هذا النص الخاص بالعقوبات انه لايدع فرصة للمشاركين بالتعذيب الافلات من العقاب، فضلا عن انه يشدد العقوبة على الموظف العمومى لانه مسئول بحكم وظيفته عن حماية المواطنين من اى شكل من اشكال التعذيب.
رابعا: يتناول المجلس القومى لحقوق الانسان جوانب مهمة بالنسبة للتعذيب ينبغى المحاسبة عليها مثل ان الاقوال التى صدرت من المجنى عليه فى جريمة التعذيب تهدر ولا يعول عليها ولا تعتبر دليلا يستخدم ضده، ومع ذلك يعتد بهذه الاقوال كدليل ضد من ارتكب جريمة التعذيب.
ويلزم مشروع القانون الدولة بحماية كل من يقوم بالابلاغ عن جريمة تعذيب ارتكبت ضده او ضد غيره ، كما تلتزم بحماية شهود الجريمة وادلة ارتكابها وتقوم النيابة العامة بالتحقيق فى البلاغ على وجه السرعة.
كما ينص على ان تكفل الدولة حصول المجنى عليه فى جريمة التعذيب على ما يقضى به لصالحه من تعويض نقدى ولو كانت غير مسئولة عن افعال مرتكبى الجريمة، وذلك بغير اخلال بحقها فى الرجوع على المحكوم عليه بأداء التعويض بقيمة ما ادته نيابة عنه.
ويؤكد مشروع القانون بحق المجلس القومى لحقوق الانسان فى ابلاغ النيابة العامة باى انتهاك لحقوق الانسان ومنها جرائم التعذيب.
خامسا: وينص المشروع على تعديل المادة 129 من قانون العقوبات بحيث تنص على ان كل موظف او مستخدم عمومى وكل شخص مكلف بخدمة عمومية استعمل القسوة مع الناس اعتمادا على وظيفته بحيث انه أخل بشرف المجنى عليه او عامله معاملة حاطة بالكرامة ومعاقبته بالحبس مدة لا تقل عن سنة.
من هذا العرض لكيفية تناول جريمة التعذيب ومعاقبة مرتكبيها ودخول المجلس القومى لحقوق الانسان طرفا فيها فاننا نهيئ المجتمع لمحاصرة هذه الجريمة ونضمن عدم افلات مرتكبيها من العقاب ونخطو بذلك خطوة واسعة نحو وطن خال من التعذيب وننهى حالة الجدل فى المجتمع عن الافعال التى تعتبر تعذيبا بعد النص فى القانون على صور متعددة من الايذاء البدنى او المعنوى للمواطنين باشكال مختلفة.
ان المجلس القومى لحقوق الانسان بتشكيله الحالى الذى سوف يعاد النظر فيه بعد انتخاب مجلس النواب لا يتخلى عن واجبه فى تحسين حالة حقوق الانسان ومواجهة اى انتهاك لها رغم ان المدة المتبقية له محدودة للغاية وسوف نعرض فى مقالات مقبلة مشروعات القوانين الاخرى المقدمة لمجلس النواب.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الأهرام وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة