الذى أخطأ فى القضية هم أمناء الشرطة بصورة فجة، والأمين هو الذى وقف بـ«جزمته» فوق رأس الطبيب، وليس جماعة الإخوان
ضابط مهم فى وزارة الداخلية قال لى يوم السبت الماضى إن الإخوان المسلمين هم الذين يقفون وراء تأجيج حادث اعتداء بعض أمناء الشرطة على أطباء مستشفى المطرية التعليمى قبل نحو أسبوعين.
خلاصة رواية الضابط الكبير أن الطبيب الذى تم الاعتداء عليه قبل التصالح بالفعل صبيحة يوم الواقعة، من دون أى ضغوط عليه، لكن طبيبا آخر فى المستشفى ينتمى لجماعة الإخوان، ضغط عليه ليرفض التصالح، وقام بتأليب بقية الأطباء لإغلاق المستشفى، ورفض كل الوساطات التالية، وأن الموضوع تم تضخيمه عمدا.
لم أصدق نفسى وأنا أسمع هذا الكلام. أعرف أن جماعة الإخوان ارتكبت العديد من الجرائم ولاتزال، ويتباهى بعض أفرادها بالعنف والإرهاب عبر ما يسمى اللجان النوعية، ويتصارع قادتها على قضايا كثيرة منها العنف، لكن أن يتم تحميل الجماعة مسئولية حادث المطرية، فذلك أمر لا يمكن احتماله.
هل حاولت الجماعة استغلال الحادث، واستقطاب الأطباء إلى التصعيد؟!، المؤكد أنها فعلت ذلك، ولو لم تفعله تصبح مقصرة، فهى تلعب على أخطاء الحكومة ومهمتها أن «تعمل من الحبة قبة». لكن استغلال الخطأ شىء، وارتكابه شىء آخر.
الذى أخطأ فى القضية هم أمناء الشرطة بصورة فجة، والأمين هو الذى وقف بـ«جزمته» فوق رأس الطبيب، وليس جماعة الإخوان، والشرطة هى التى حاولت الطرمخة على القضية، وسعت لإنهائها بكل السبل بعيدا عن النيابة، وبعيدا عن القصاص العادل.
وبالتالى فإن جماعة الإخوان استغلت فقط سوء تفكير وتصرف الشرطة. ثم إن الجماعة لم تعد تسيطر على نقابة الأطباء مثلما كان عليه الحال من قبل الثورة،. ومجلس النقابة الذى دعا للتصعيد لا يمكن اتهامه أيضا بأنه إخوانى.
هم حاولوا مرارا الوصول إلى تسوية عادلة للقضية، فاصطدموا بعقليات متحجرة تريد التستر على مجموعة من أمناء الشرطة المنحرفين.
الدكتوة منى مينا وكيلة نقابة الأطباء تعرضت لحملة هجوم شرسة من وزارة الداخلية والعديد من وسائل الإعلام، بحجة أنها تقوم بتأجيج القضية والإصرار على عقد الجمعية العمومية للأطباء غدا الجمعة، بل سمعت زميلا يقول إنها متعاطفة مع الإخوان!!!. لم أعرف هل أضحك ام أبكى؟!!. دكتورة منى مينا واحدة من أهم الشخصيات التى لعبت دورا بارزا فى كسر هيمنة الإخوان على نقابة الأطباء، قبل نحو عامين، وهى تحلم فعلا بنقابة قومية مستقلة ترتقى بمهنة الطب، وإذا عدنا لهذه الأيام فسوف نقرأ ونسمع العديد من الإشادات بها.
إرهاب أى شخص يتحدث عن الإصلاح واتهامه بأنه إخوان سلاح بدأ يفقد فاعليته، لأن كثيرين ابتذلوه، وصار كوميديا فى كثير من الأحيان.
بدلا من اتهام كل من تحدث عن جريمة المطرية بأنه إخوان أو معارض، كان يفترض على هؤلاء أن يساعدوا الشرطة بإقناعها بمعاقبة الأمناء المجرمين الذين أساءوا إلى الجميع للأسف الشديد.
حينما يتم التوسع فى إلصاق تهمة الإخوان بأى مختلف أو معارض، سوف يجعل كثيرين يتعاطفون مع الإخوان وليس العكس. ثم إن الحكومة وأجهزتها حينما تتوسع فى هذا الاتهام، فمعنى ذلك أن الإخوان لايزالون أقوياء ومنظمين وقادرين على التأثير فى كثير من القطاعات.
لو أن قيادات الحكومة وخصوصا وزارة الداخلية يفكرون بنفس الطريقة فى تعليق أى مشكلة فى رقبة الإخوان، فمعنى ذلك أن ما حدث فى المطرية سيتكرر كثيرا، وبالتالى فإن المسافة بيننا وبين الكارثة الكبرى أقرب مما نتصور للأسف الشديد.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الشروق المصرية وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة