منذ شهر تقريباً، تدور اشتباكات عنيفة في منطقة الحدود الثلاثية التي تجمع كلا من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، بين عناصر ما يسمى "القاعدة في المغرب الإسلامي" وتنظيم وداعش.
ورغم أنه لا يتم الحديث عن تلك المواجهات في الإعلام، فإن وسائل إعلام الإرهابيين تحدثت عنها، كما أشارت المصادر المحلية أيضاً إلى حدوث 25 اشتباكاً على الأقل. وعلى الرغم من عدم وجود معلومات دقيقة، تؤكد الأخبار الشحيحة المتوفرة أن داعش يسعى للتوسع من النيجر وبوركينا فاسو نحو مالي كأولوية.
وفي نهاية الشهر المنصرم، وجدت قوات الجيش الوطني الليبي نفسها مضطرة للتدخل ضد تنظيم القاعدة الذي استقر في بلدة أوباري جنوب غرب ليبيا. وحسب مصادر محلية، فإن أحد قادة التنظيم قَدِم من شمال مالي لتسليم شحنة من الأسلحة والذخيرة. وأكدت ذات المصادر أن الأسلحة المذكورة مصنوعة في تركيا. ولا ينبغي أن نستغرب ذلك لا سيما إذا علمنا أن طائرات الشحن التركية لا تتوقف عن الهبوط في غرب ليبيا، وتحديداً في قاعدتي عقبة بن نافع والوطية الجويتين، دون إبداء الكثير من الاهتمام بمحادثات السلام الليبية.
وفي محاولة لتبرير موقفه، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أنه يشعر أن مسؤولية كبيرة تقع على عاتقه مع ملايين المسلمين، مُنصّباً نفسه كمدافع عن الأطفال السوريين واليمنيين المظلومين الذين يعانون الجوع والمرض، مُعلناً في الوقت ذاته أنه يسعى "لاستعادة حقوق اليتامى الفلسطينيين".
ومن هدايا أردوغان الأخرى لليبيا هو أنه أعاد إليها 900 مرتزق كانوا يقاتلون في أذربيجان. وفي 02 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، كشفت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ستيفاني ويليامز، عن تواجد 20 ألف مقاتل ومرتزق أجنبي في عموم ليبيا.
إلى ذلك، بدأت الدول تتذمّر من استفزازات أردوغان، حيث اشتكت تونس العمل المشبوه لـ "جمعية الصداقة التركية في تونس"، والتي تحاول التسلل إلى المساجد وإدخال الأموال إلى البلاد، والأمر ذاته ينطبق على وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) التي تستخدمها أنقرة لتعزيز وجودها الاستخباراتي في غرب ليبيا وشمال وغرب أفريقيا والساحل والصحراء (موريتانيا وبوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد).
وفي ليبيا دائماً، انتهت الكلمات الطيبة والجميلة التي تم تداولها على الألسن في اجتماعات السلام التي عُقدت في أوروبا والمغرب وتونس. والكل يعلم أنه عندما تأتي لحظة الحقيقة، أي ساعة توزيع الأرباح الناتجة عن عائدات النفط، حينها سينشب نزاع بين الرئيس فايز السراج ومحافظ البنك المركزي الليبي بطرابلس، الصديق الكبير، ورئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، الذي هاجم محافظ البنك المركزي، الصادق الكبير، مُتهماً إياه بهدر مئات المليارات من عائدات النفط لصالح جماعة الإخوان المسلمين.
وفي غضون ذلك، ورغم تلويحه بالاستقالة، إلّا أن، فايز السراج، لم يقدم استقالته، ليبقى ذلك مجرد شعار تم رفعه لتحقيق مكاسب مرحلية.
وكان رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، قد التقى وفداً من شركة النفط الإيطالية "ايني" لمناقشة إمكانية فتح آفاق استثمارية جديدة، وهو أمر يفترض أن يكون من صلاحيات الحكومة المقبلة. واستمراراً في سرد تجاوزاتهم، قامت بعض ميليشيات طرابلس باختطاف وكيل وزارة الصحة في حكومة الوفاق الوطني، عبد الرحمن عمر.
وفي الجزائر القريبة، وصلت أنباء تفيد باستسلام الإرهابي، بن خيا عيسى، وتسليم سلاحه في مدينة تينزاواتين جنوب البلاد. وبعد أيام قليلة، انتهت عملية للجيش الجزائري بالقضاء على ثلاثة إرهابيين من تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" بمدينة جيجل. ويتعلق الأمر بكل من: ليسلوس مدني، الملقب بالشيخ عاصم أبو حيان، الذي كان المسؤول عن المنطقة الشرقية والمجلس الشرعي في آنٍ واحد، وحريدة عبد المجيد، الملقب بأبو موسى الحسن، الذي كان مكلفاً بالدعاية والإعلام، وخليفي محمد، الملقب عبد الحق الزموري.
ومنذ مطلع ديسمبر/ كانون الأول الجاري، لا تزال الاشتباكات الدامية بين داعش والقاعدة مستمرة، وسط تواتر الأنباء عن وجود زيادة ملحوظة في أعداد الإرهابيين الأجانب واستخدام داعش أسلحة نوعية في منطقة تيسيت في مالي. إلى ذلك، تفيد مصادر غير رسمية بوجود تدفقات للإرهابيين من ليبيا إلى النيجر، حيث ستكون الحدود المالية هي وجهتهم النهائية.
ووسط زخم الأخبار السلبية، على الأقل تلقينا أنباءً إيجابية تتمثل في زيادة عدد الجنود الإسبان في مالي ضمن بعثة EUTM / MALI من 278 إلى 550 جنديا. كذلك تم إرسال القوات البريطانية إلى مالي كجزء من مهمة لدعم قوات بعثة الأمم المتحدة "مينوسما"، كما أرسلت السنغال جنوداً لتعزيز قوة ذات البعثة الدولية في مالي، ومن المتوقع أن يصل هذا الدعم في 27 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة