أفريقيا 2020.. "اصطياد" رؤوس الإرهاب
![عبد المالك درودكال زعيم "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب"](https://cdn.al-ain.com/lg/images/2020/12/10/60-115450-afriqa-qaida-harvest-2020_700x400.jpg)
لم يمر عام 2020 بردا وسلامًا على تنظيم القاعدة الإرهابي بأفريقيا، بعد سنوات من التمدد وتنفيذ عمليات إرهابية بعدد من دول القارة.
وتلقى التنظيم الإرهابي في هذا العام ضربات موجعة من القوات الفرنسية وجيوش المنطقة، استهدفت قياداته واستنزفت قدارته، وسط عودة الصراعات الداخلية على الزعامة.
- نهاية درودكال.. سجل إرهابي من الجزائر إلى الساحل
- "العنابي" زعيما لـ"القاعدة" ببلاد المغرب.. ما دور قطر؟
وهي الأحداث التي تزامنت مع تضارب الأنباء حول مصير الرأس الثاني في تنظيم القاعدة وهو الإرهابي أيمن الظواهري الذي اختفى عن الأنظار، مع تضارب في الأنباء حول حقيقة وفاته نتيجة إصابته بمرض عضال.
وفي هذا التقرير، ترصد "العين الإخبارية" أبرز الضربات الموجعة التي تلقاها ما يعرف بـ"تنظيم القاعدة ببلاد المغرب" الذي يمتد نشاطه إلى منطقة الساحل، مركزاً عملياته الإجرامية في دولة مالي.
مقتل درودكال.. نهاية سفاح القاعدة
وفي 6 يونيو/حزيران الماضي، سجل العالم ومعه القارة الأفريقية انتصارا كبيرا على تنظيم القاعدة الإرهابي، عقب مقتل زعيم ما يعرف بـ"تنظيم القاعدة ببلاد المغرب" الإرهابي عبد المالك درودكال.
وأعلنت وزارة الدفاع الفرنسية عن مقتل الإرهابي درودكال في عملية عسكرية نفذتها قوات فرنسية بالتنسيق مع قوات من دول المنطقة في 3 يونيو/حزيران الماضي بمنطقة "تساليت" الواقعة في شمال مالي، أدت إلى تصفية زعيم التنظيم الإرهابي مع مجموعة من مقربيه.
الإرهابي درودكال ذو الأصول الجزائرية، لم يكن مجرد إرهابي عادي، وفق ما ذكره خبراء أمنيون لـ"العين الإخبارية" وما تسرده سيرته من العمليات الإرهابية التي نفذها ابتداء من الجزائر وامتدت إلى منطقة الساحل على مدار 3 عقود كاملة.
واستناداً إلى ذلك، فإن القضاء على زعيم القاعدة في منطقتي المغرب العربي والساحل شكّل ضربة كبيرة لأقدم تنظيم إرهابي في العالم وأفريقيا، بالنظر إلى "الخبرة الإرهابية" التي كان يمتلكها.
واكتسب الإرهابي درودكال خبرة طويلة في العمليات العسكرية التي تستهدف الجيوش النظامية بحكم تكوينه في أفغانستان وعملياته الإجرامية في الجزائر ومعرفته بالتضاريس الصعبة الجبلية والصحراوية التي تتميز بها دول المنطقة.
تدرب في أفغانستان بداية التسعينيات، والتحق بالجماعات الإرهابية سنة 1992 مع "الجيش الإرهابي للإنقاذ" وهو الجناح المسلح لـ"الجبهة الإرهابية للإنقاذ" الإخوانية المحظورة في الجزائر، والتي اقترفت مجارز بشعة وتسببت في مقتل زهاء ربع مليون جزائري في فترة "العشرية السوداء".
ولم يجنح الإرهابي المقبور لفرص السلم التي منحتها الدولة الجزائرية لمن كانت تسميهم "المغرر بهم"، وقرر مواصلة نشاطه الإرهابي في الجزائر، وقاد عمليات إرهابية في 2007 بالعاصمة ومحاولة اغتيال فاشلة ضد الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة بإرهابي مفخخ.
أسس عدة تنظيمات إرهابية في الجزائر من "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" إلى "القاعدة في بلاد المغرب"، قبل أن يدرج على قوائم الإرهاب الدولي من قبل الولايات المتحدة والأمم المتحدة، خصوصاً بعد أن كشف عن أهدافه الإرهابية الجديدة التي باتت تتعدى حدود الجزائر.
ومع استعادة الجيش الجزائري توازنه مع بداية الألفية الثالثة في مواجهة الإرهاب، تمكن خلالها من توجيه ضربات كبيرة لمعاقل التنظيم الإرهابي، ساهمت في الحد من نشاطاته الإرهابية وقتل عدد كبير من أمرائه وعناصره، وشل تحركاته.
واقع جديد أجبر الإرهابي درودكال على الهرب نحو مالي عبر تونس، حاملا معه مبايعة تنظيم القاعدة الإرهابي، ليجد في مالي أرضاً خصبة للعمل الإرهابي، مستفيدا من سيطرة المتمردين على الشمال، وضعف الجيش المالي.
ليدخل وسط ذلك في تحالفات مع بعض زعماء التمرد في شمال مالي الذين رفضوا أي اتفاق مصالحة مع الحكومة المركزية على رأسهم الإرهابي إياد آغ غالي، قبل أن يتمدد ما يعرف بـ"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب" باتجاه ليبيا ودول الساحل والصحراء.
العنابي.. الخليفة المتعوس
مؤشر ثانٍ يؤكد بأن عملية تصفية أمير القاعدة في بلاد المغرب الإرهابي عبد المالك درودكال شكلت ضربة قاصمة لفرع تنظيم القاعدة الأم بأفريقيا، هو الفترة التي استغرقها لإعلانه عن الزعيم الجديد.
وبعد 5 أشهر أعلن التنظيم الإرهابي المسمى بـ"القاعدة في بلاد المغرب" عن تعيين زعيم جديد له عقب مقتل قائده السابق الإرهابي الجزائري عبدالمالك درودكال، منذ 5 أشهر.
وكشف خبراء أمنيون لـ"العين الإخبارية" عن أن عجز التنظيم عن إيجاد خليفة لزعيمه المقتول، مؤشر على وجود صراعات داخل التنظيم الإرهابي، رغم محاولاته إعادة إحياء نشاطه الإرهابي بالمنطقة مستفيدا من صفقات إطلاق سراح الأسرى الأجانب من خلال العوائد المالية، وهي الصفقات التي وقف ورائها في كل مرة النظام القطري.
عام استنزاف إرهاب القاعدة
ورغم أن سنة 2020 شهدت تزايدا في عدد الهجمات الإرهابية وتمدد نشاطات تنظيماتها بالقارة الأفريقية وعجز القوى الكبرى ودول المنطقة عن الحد من اعتداءاتها، إلا أنه سجل في المقابل انتكاسة لتنظيم القاعدة الإرهابي.
انتكاسة تحققت مع تكثيف القوى الكبرى ودول القارة الأفريقية منذ الأشهر الأولى لـ2020 من تحركاتها العملية لاحتواء الخطر الإرهابي المتنامي بالقارة السمراء، عبر تشكيل قوات عسكرية مشتركة، لم تتمكن مع نهاية العام من تحجيم خطرها رغم الضربات الكبيرة التي وجهتها لها، خصوصاً لتنظيم القاعدة وداعش الإرهابيين.
وفي نهاية مارس/أذار الماضي، شكلت 11 دولة أوروبية بقيادة فرنسا مع النيجر ومالي قوة عسكرية مشتركة باسم "تاكوبا".
كما نفذت قوة "برخان" عدة عمليات على نطاق واسع في منطقة الساحل، كبدت الجماعات الإرهابية خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وهي القوة العسكرية التي تقودها فرنسا مع 5 من دول الساحل وهي موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينافاسو وتشاد، وقوامها 5 آلاف جندي.
وفي فبراير/شباط 2020، أعلن جيش النيجر عن نجاح أضخم عملية عسكرية مشتركة ضد النشاطات الإرهابية في المثلث الحدودي مع مالي وبوركينافاسو، أسفرت عن مقتل 120 إرهابياً.