بلطجي يخشاه الجميع، ومطرب شعبي ذو جماهيرية كبيرة، ورجل أعمال يوظف بشركته جيشا جرارا من الموظفين، وأيضا أب لـ3 أبناء لديهم مشاكل سلوكية.
كلها شخصيات جسدها الفنان المصري أحمد أمين، على مدار الـ10 حلقات الأولى من مسلسله الرمضاني "الصفارة"، ليفتح من خلالها بابا فلسفيا بعباءة كوميدية.
بطريقته الهزلية يسعى "شفيق"، المرشد السياحي، للعودة بالزمن لمدة 3 دقائق، ثم الرجوع للحاضر لينقذ مستقبله الوظيفي من الضياع.
فكرة المسلسل ليست بالجديدة وسبق وقدمها عالميا الممثل الأمريكي آدم سندلر، في رائعته السينمائية Click، لكن تفوق "أمين" على "ساندلر" يأتي في تأكيد البعد الفلسفي بنكهة اجتماعية كوميدية في مسلسل "الصفارة".
يجد "شفيق" ضالته في "صفارة الملك توت عنخ أمون"، لتعيده إلى اللحظة التي سبقت سرقة مشروعه، لكنه وفي كل مرة يفاجأ بمستقبل لم يتخيله يوما أو تمناه.
ومع كل محاولة منه لتحسين مستقبله يجد "شفيق" نفسه في النهاية غير راض عن حياته الجديدة، حتى وإن كان مليارديرا يعيش في قصر كبير ولديه الكثير من الموظفين، ليقرر استخدام الصفارة ليعود إلى واقعه الذي هرب منه.
المرة الوحيدة التي وجد فيها "شفيق" نفسه سعيدا بمستقبله الجديد، تمثلت في قبول حبيبته عرض الزواج منه رغم فشله في الماضي في نيل استحسانها عدة مرات، لكن الهرب من القدر أمر شبه مستحيل، إذ يأتي ابنه الصغير في المستقبل لينفخ "الصفارة" فيعيده إلى واقعه الذي هرب منه.
شخصيات أحمد أمين في مسلسله، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأننا لو علمنا الغيب لاخترنا الواقع بكل مشاكله ومساوئه، بعيوبنا ومميزاتنا، بجيراننا وأحبابنا بمن يكرهوننا، فهذه حياتنا التي قدرت لنا، وعلينا تقبلها حامدين شاكرين.
رسالة "الصفارة" هي الأهم دراميا في رمضان 2023، إذا إن ما نتمناه قد يكون أشد ضررا وسوءا مما نحن فيه؛ وتؤكد شخصيات "أمين" في المسلسل أن علينا الرضا بما أصابنا لأنه أخف الأضرار ونحن لا نعلم، وعلينا الابتعاد عن سوء الظن وتقدير المستقبل الذي هو ليس في يد البشر.
أمين في "الصفارة" أثبت جدارته مرتين، الأولى في التنقل بين شخصيات المسلسل بسلاسة ويسر، والثانية نجاحه في إبهار مشاهديه كل عام بشخصية جديدة، خاصة مع تقديمه العام الماضي شخصية "الشيخ عرفات" في مسلسل "جزيرة غمام"، وشخصية رفعت إسماعيل في مسلسل "ما وراء الطبيعة" 2020.
ومن العجيب أن فكرة مسلسل "الصفارة" تنطبق فكرتها على أحمد أمين شخصيا، إذ إنه دخل مجال التمثيل دون أن يفكر يوما ما في امتهان هذا العمل، لكن برامجه على موقع يوتيوب لفتت إليه أنظار المخرجين، فخطفوه من عالم الإنترنت إلى عالم الشاشة الصغيرة، ليتحول خلال 4 أعوام فقط إلى نجم تلفزيوني شهير جدا.