3 سيناريوهات لإنهاء أزمة البرلمان في الجزائر
"العين الإخبارية" ترصد في تقريرها 3 سيناريوهات قد تشهدها الجزائر للخروج من أزمة برلمان البلاد التي دخلت أسبوعها الثالث دون أفق للحل
دخلت أزمة البرلمان الجزائري أسبوعها الثالث دون أفق للحل بسبب تمسك نواب الموالاة بمطلب رحيل رئيسه سعيد بوحجة وتمسك الأخير بمنصبه، وسط حالة انسداد حقيقية يقول مراقبون إن المخرج منها سيكون عبر 3 سيناريوهات، كلها مرتبطة بقرار سياسي من أطراف الأزمة.
تتواصل بالجزائر لمدة فاقت الأسبوعين أزمة حادة داخل البرلمان بين نواب الموالاة الذين يطالبون برحيل بوحجة رئيس المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، بسبب ما يسمونه "سوء تسيير شؤون الهيئة"، وهذا الأخير الذي يرفض التنحي بدعوى أن خطوة النواب غير دستورية واتهاماتهم غير مؤسسة.
تصعيد للأسبوع الثالث
وتبعا لهذا الوضع؛ يشهد البرلمان حالة انسداد غير مسبوقة حيث تم تجميد كل النشاطات، وبقيت عدة مشاريع قوانين قادمة من الحكومة معلقة، وفي مقدمتها قانون الموازنة لعام 2019.
وبالتزامن مع ذلك تشهد الساحة السياسية والإعلامية سجالا بين الجانبين، وسط صمت من السلطات الرسمية، وخاصة الرئاسة التي ترفض التدخل في الأزمة بصفة علنية، كون ذلك يعد إخلالا بمبدأ الفصل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وفي 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، كسر بوحجة البروتوكولات وخرج في جولة بشوارع وسط العاصمة الجزائر حيث التقى مواطنين وجالسهم في المقاهي، في خطوة وصفتها وسائل الإعلام المحلية بـ"الاستعراضية" ردا على خصومه في البرلمان.
وأمام هذا الوضع يتم تداول عدة سيناريوهات لتجاوز الأزمة تتراوح بين لجوء الرئيس إلى حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مسبقة، والثاني استقالة رئيس المجلس في أي لحظة، والثالث هو جلوس الطرفين إلى طاولة حوار والخروج بحل توافقي.
وأظهرت الأيام الماضية، وفق مراقبين ووسائل إعلام جزائرية، خطأ توقعات نواب الموالاة باستجابة بوحجة لضغطهم والإنسحاب، لكن هذا السياسي المخضرم (80 عاما) استند في معركته مع النواب إلى فراغ قانوني، حيث إن الدستور والقانون الداخلي للهيئة يحصران تغيير رئيس المجلس في الوفاة أو العجز أو الاستقالة، وبالتالي لا يمكن سحب الثقة منه.
وحول إمكانية تجاوز الانسداد بتولي الغرفة الثانية للبرلمان (مجلس الأمة) دور الهيئة التشريعية، يقول الخبير الدستوري عامر رخيلة لـ"العين الإخبارية" إنه "في نظامنا الدستوري الغرفة الثانية للبرلمان (مجلس الأمة) هي بمثابة كابح لما لا يرضي السلطة التنفيذية من تشريع يسنه المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى)".
وأوضح: "وفي حالة تعطل الغرفة الأولى (المجلس الشعبي الوطني) كما هو الحال الآن فإن الغرفة الثانية (مجلس الأمة) تصير لا جدوى منها، لأنها بدورها تتعطل لكون نشاطها مرهونا بما تصادق عليه الغرفة الأولى من مشاريع قوانين".
وحسب محدثنا -وهو برلماني سابق- "فإن مطالب النواب باستقالة الرئيس غير قانونية وغير شرعية وغير دستورية" لأنه منتخب لـ5 سنوات.
سيناريو حل البرلمان الأضعف
وأمام هذا الانسداد طفت إلى السطح تصريحات لسياسيين من الموالاة والمعارضة تطالب الرئيس بحل البرلمان والدعوة لانتخابات مسبقة كحل للأزمة.
وتنص المادة 147 من الدستور الجزائري على أنه "يمكن لرئيس الجمهورية أن يقرر حل المجلس الشعبي الوطني، أو إجراء انتخابات تشريعية قبل أوانها بعد استشارة رئيس مجلس الأمة، ورئيس المجلس الشعبي الوطني، ورئيس المجلس الدستوري، والوزير الأول". وتجري هذه الانتخابات في كلتا الحالتين في أجَل أقصاه 3 أشهر حسب الدستور.
لكن رئيس الوزراء أحمد أويحي استبعد هذه الفرضية في مؤتمر صحفي عقده قبل أيام، وقال إنه "لا توجد أزمة سياسية في البلاد تستدعي حل البرلمان وكل ما في الأمر هو نزاع بين الرئيس والنواب الذين انتخبوه".
ويضاف إلى تصريحات رئيس الوزراء ضيق الأجندة السياسية في البلاد، حيث إن البلاد دخلت في عد تنازلي لتنظيم انتخابات الرئاسة المقررة على الأرجح شهر أبريل/نيسان 2019، وبالتالي من الصعب الذهاب إلى انتخابات نيابية أخرى وفق مصدر من الحزب الحاكم تحدثت إليه "العين الإخبارية".
ويقول سعيد لخضاري الرئيس السابق للمجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم لـ"العين الإخبارية" إن "حل المجلس من الصلاحيات التي يختص بها رئيس الجمهورية وحده، وإذا قرر ذلك فلن يستشير أحدا".
رحيل "مشرف" لبوحجة
ومنذ بداية الأزمة داخل البرلمان قبل أكثر من أسبوعين أعلنت وسائل الإعلام المحلية عدة مرات نبأ استقالة سعيد بوحجة استجابة لطلب النواب، لكن الأخير يخرج من جديد ويرفض التنحي إلا في حالة طلب منه رئيس البلاد عبدالعزيز بوتفليقة المغادرة، باعتباره رئيس حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم الذي ينتمي إليه.
وسابقا قالت مصادر من الحزب الحاكم لـ"العين الإخبارية"، إن "المبررات التي يقدمها بوحجة كشرط للاستقالة غير منطقية مثل انتظار ضوء أخضر من الرئيس، كون الرئيس بحنكته لن يتدخل في صراع بين النواب ورئيس البرلمان؛ لأن ذلك إخلال بمبدأ الفصل بين السلطات".
وكتب موقع "كل شيء عن الجزائر" المتخصص في الشأن السياسي، هذا الأسبوع، تقريرا حول سبل تجاوز أزمة البرلمان بأن استقالة سعيد بوحجة هي أقصر طريق للحل.
وحسب التقرير فإن بوحجة "أبقى الباب مفتوحا في كل تصريحاته لخيار الاستقالة، ولكن بطلب من الرئيس، وهذا من أجل أن يكون خروجه مشرفا من منصبه".
وأمام وصول الأزمة إلى طريق مسدود بسبب تمسك كل طرف؛ ظهر في الساحة السياسية طريق ثالث تمثله أحزاب من الموالاة والمعارضة اقترحت الوساطة بين الجانبين للتوصل إلى حل.
حلحلة الأزمة عبر وساطات
وخلال الأيام الماضية أعلن حزب التحالف الجمهوري (موالاة) إطلاق وساطة في الأزمة وقال في بيان إنه "بهدف تجاوز حالة الانسداد التي يعرفها البرلمان، تعلن قيادة التحالف الوطني الجمهوري عن إطلاقها مبادرة وساطة بين رئيس المجلس الشعبي الوطني ونواب الأغلبية البرلمانية المناوئة له".
والتحالف الوطني الجمهوري هو حزب موالاة يقوده الوزير السابق للجالية بلقاسم ساحلي، وبقي على الحياد من الأزمة، وأعلن أن بوحجة أكد موافقته المبدئية على المبادرة.
ويواصل الحزب تحركاته لحلحلة الأزمة، وقال رئيسه بلقاسم ساحلي في 11 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، للصحفيين بمقر البرلمان إنه اقترح على الطرفين تقديم تنازلات لتجاوز الأزمة منها انسحاب الرئيس سعيد بوحجة مؤقتا عن رئاسة الجلسات لأسابيع؛ لفائدة أحد نوابه مقابل سحب النواب مطلب تنحيته.
يرفض نواب الموالاة حتى الآن التنازل عن مطلب رحيل بوحجة، وفي هذه النقطة يقول لخضاري الرئيس السابق للمجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم لـ"العين الإخبارية" إن "نواب الموالاة أكدوا الثبات على مطلب رحيل بوحجة".
من جهته يقول لخضر بن خلاف النائب عن جبهة العدالة والتنمية المعارضة إن "بعض النواب المطالبين برحيل بوحجة أوهمهم قادة أحزابهم أنه بناء على تعليمات فوقية؛ ينبغي سحب الثقة من بوحجة، والقليل فقط وقع والكثير منهم زُورت توقيعاتهم".
وأضاف في حديثه للعين الإخبارية: "لو يجد هؤلاء النواب إشارة واحدة فقط تؤكد عدم صحة وجود تعليمات فوقية للإطاحة ببوحجة؛ سينقلبون على من جرهم إلى التوقيع وسيعودون إلى تأدية مهامهم بشكل طبيعي".
وحسب محدثنا: "مؤسف ضرب مؤسسة عصبية دستورية بهذه الطريقة من قِبَل من كانوا يصرحون ليلا نهارا باستقرار المؤسسات والاستمرارية.. إن ما قاموا به صورة مسيئة للعمل البرلماني للمجلس وللبلاد، ومن غير الأخلاقي محاولة تشويه وتكسير المؤسسة وضرب ماضي الشخصيات وتاريخها".
وختم بن خلاف بالقول: "نتمنى عودة النواب إلى رشدهم وعقولهم، وعدم الانسياق وراء الأكاذيب"، في إشارة إلى ضرورة إنهاء حملة الإطاحة ببوحجة.