ترامب يعيد رسم المعادلة.. هكذا أصبحت أوروبا «عدوا لأمريكا»

تحول جذري في السياسة الخارجية لأمريكا يعد الأكثر عمقًا منذ أربعينيات القرن الماضي، في منعطف قد يجعل الحليف عدوا والخصم صديقا.
هذا ما ذكرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، مشيرة إلى أن تقارب إدارة دونالد ترامب مع الكرملين، ليس في ما يخص أوكرانيا فقط بل ودعم الحركات السياسية من أقصى اليمين في أوروبا مثل "البديل من أجل ألمانيا"، يضعف تماسك القارة العجوز.
ويحذر الخبراء من أن يقود هذا التحول إلى تغييرات استراتيجية كبرى، مثل إعادة رسم الخرائط الأوروبية وزيادة النفوذ الروسي في شؤون القارة، وضعف الاستعداد الأوروبي لمواجهة هذا التحول، رغم التحذيرات المستمرة منذ سنوات حول ضرورة تعزيز الدفاعات الأوروبية.
هذا المطلوب
يرى خبراء أن أوروبا بحاجة إلى التحرك بسرعة لدعم أوكرانيا في ظل غياب الولايات المتحدة.
وتشمل الخطوات المقترحة: إشراك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في القمم الأوروبية، ومصادرة 150 مليار دولار من الأصول الروسية لدعم أوكرانيا، وزيادة الإنفاق الدفاعي الأوروبي إلى 5 في المائة من الناتج المحلي.
كما تشمل أيضا زيادة القدرات النووية الفرنسية والبريطانية، وإرسال السويد طائرات مقاتلة لأوكرانيا، واستخدام عائدات النفط النرويجي لتمويل الدفاع الأوكراني.
إضافة إلى إعادة فتح مصنع بريطاني لقذائف المدفعية، وفرض عقوبات على الشركات المتعاملة مع روسيا، وتعزيز تنسيق التسلح الأوروبي، والتخطيط لحرب محتملة ضد روسيا دون الاعتماد على الولايات المتحدة.
وتثير سياسة ترامب المتقلبة القلق بين حلفاء أمريكا الآسيويين، الذين يخشون من تراجع الالتزام الأمريكي تجاههم كما حدث مع أوروبا.
وفي المقابل، تتجه أوروبا لتعزيز علاقاتها مع الهند والصين بسبب المخاوف من انسحاب الولايات المتحدة من الساحة العالمية.
ترامب وتشكيل النظام الأمني
قالت المجلة إن ترامب يسعى لإنهاء الحرب في أوكرانيا من خلال تقديم تنازلات لروسيا، مثل منع عضوية أوكرانيا في حلف "الناتو" وإجبارها على التخلي عن أراضٍ لصالح موسكو.
كما يطالب ترامب الأوروبيين بزيادة إنفاقهم الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي وتحمل مسؤولية الدفاع عن أوكرانيا.
وهذا التوجه يهدف إلى إضعاف أوروبا، وخفض التزامات واشنطن في المنطقة، وربما استمالة روسيا ضد الصين، ومع ذلك، قد يؤدي ذلك إلى تعزيز موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدلًا من إضعافه.
دروس
بحسب المجلة، حققت أوكرانيا نقلة نوعية في الحرب من خلال تطوير قدرات هجومية استراتيجية باستخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ لضرب أهداف داخل روسيا.
وهذه الضربات تؤثر على الاقتصاد الروسي، وتُحرج بوتين سياسيًا، وتمنح أوكرانيا موقفًا تفاوضيًا أقوى. كما طورت أوكرانيا قدرات بحرية عبر زوارق مسيّرة لضرب السفن الروسية.
والدرس المستفاد هو أن بمقدور الدول تطوير أسلحة متقدمة بسرعة وكفاءة دون الاعتماد على الدعم الأجنبي، وهو ما قد يكون نموذجًا للدول الأوروبية والآسيوية الساعية لتعزيز قدراتها الدفاعية.
روسيا في أوروبا
منذ أوائل عام 2024، كثفت روسيا حملتها في أوروبا، مما أثار تساؤلات حول أهدافها الحقيقية.
ومع توجه الولايات المتحدة نحو "الشراكة" مع موسكو واحتمال فرض تسوية لصالح روسيا على أوكرانيا، أصبحت أجهزة الاستخبارات الروسية أكثر حرية في تنفيذ عملياتها.
وبعض الهجمات، مثل الحرائق في متاجر ومخازن صغيرة، بدت عشوائية وغير مؤثرة، ما يشير إلى أن الهدف قد يكون نشر الخوف وعدم الاستقرار بدلًا من شن حملة إرهابية حقيقية.
وخلصت المجلة إلى أن هدف روسيا قد يكون ردع أوروبا عن دعم أوكرانيا أو حتى التحضير لهجوم عسكري مفتوح على أحد أعضاء الناتو، خاصة مع تراجع التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن أوروبا.
وإذا لم تستعد الحكومات الأوروبية بسرعة، فقد تجد نفسها غير قادرة على مواجهة تصعيد روسي واسع النطاق.
aXA6IDUyLjE1LjIwMS4xOTIg
جزيرة ام اند امز