"عبير موسي" النائبة التونسية ورئيسة كتلة "الحزب الدستوري الحر".
تعرضت الأسبوع الماضي للشتائم المقذعة التي تطوّرت إلى الاعتداء الجسدي بالضرب والعنف من قبل نائبين محسوبين على جماعة الإخوان المعروفة في تونس تحت اسم "حركة النهضة"، والمفارقة أن هذا الاعتداء المشين تمّ تحت قبة البرلمان الذي يترأسه راشد الغنوشي زعيم حركة "النهضة".
جماعة "الإخوان" ورموزها وعناصرها ممتلئون بالعنف والإرهاب وهو مبررٌ عندهم دينياً وسياسياً. وكل أحاديثهم عن التسامح هي مجرد استجابة تكتيكية لحالات الضعف، التي يمرّون بها، وإلا فالعنف هو الأساس والأيديولوجيا المتطرفة هي الأصل، وكلمات سيد قطب التي تقطر دموية وإرهاباً حاضرة دائماً في أذهانهم وتصرفاتهم.
الغنوشي اليوم هو قائد العنف والتخريب والفوضى داخل تونس، وهو يتلاعب بمصير الدولة والشعب دون وازعٍ من ضميرٍ أو رادعٍ من خلقٍ. والمهم في هذا السياق أن هذا الشخص كان يتم تقديمه عبر عقودٍ من قبل بعض المنسوبين للثقافة بأنه رمز اعتدال ووسطية وتسامح. فلم يكد يستحوذ على شيء من السلطة حتى كشر عن أنيابه. ولم تزل التحقيقات جارية على قدم وساق عن علاقته وعلاقة حركته بتنظيمات الإرهاب وعمليات الاغتيالات والفساد التي جرت في تونس بعد ما كان يعرف بالربيع العربي.
إبان ذلك الربيع الأصولي قام النائب ممدوح إسماعيل بالأذان تحت قبة البرلمان المصري، وهذه بدعة من بدع الإسلام السياسي. فالبرلمان ليس مسجداً يرفع فيه الأذان وتقام الصلاة على مقاعده، ولكنه نموذج صارخ على الخلط بين الدين والسياسة، واستغلال صارخ وتوظيف للدين في معارك حزبية سياسية، لا علاقة لها بالإسلام.
الاعتداء على عبير موسي تحت قبة البرلمان التونسي والحماسة التي تحرك بها النائب "الصحبي صمارة" توضح مدى سيطرة الأيديولوجيا عليه، وعدم تحمّله للخلاف السياسي في مكان هو المكان المفترض للجدل السياسي والقانوني والضربة التي وجهها لزميلته تظهر شيئاً من الاحترافية التي يتدرب عليها عناصر جماعة "الإخوان" منذ نعومة أظفارهم للاعتداء والعنف والإرهاب الجسدي في "الجوالة" وما يسميه حسن البنا "التربية العسكرية".
إنسانياً ودولياً الاعتداء الجسدي على المرأة مجرّمٌ بكل أشكاله وألوانه، وعربياً يأنف الرجل الشهم من الاعتداء على المرأة، ويعتبره منذ الجاهلية أحد خوارم المروءة التي لا تغتفر، ولكن هؤلاء "الإخوانيين" لا يعرفون قانوناً ولا إنسانية، فضلاً عن مروءة العربي وشهامته. وفتوى سخيفة، أو أمر تنظيمي من أحد قادتهم، يجعلهم يرتكبون الموبقات الدينية والأخلاقية بلا تردد.
هذا تاريخهم، وهذه طبيعتهم، وهذا مجرد توصيف واقعي لما هم عليه، دون أي تقصد للهجاء أو اللمز. فبعض البشر لا تحتاج معهم إلا لرواية قصصهم وأفعالهم كما هي، دون زيادة ولا نقصان. ومقطع الاعتداء على النائبة عبير موسي مصور ويتداوله الكافة حول العالم.
القصد من هذا السياق هو توضيح أن العنف لدى جماعة "الإخوان" وجماعات الإسلام السياسي هو منهجٌ ثابتٌ، وأيديولوجيا راسخة، والاختلاف بينهم في الدرجة لا في النوع، من نحر "داعش" للبشر إلى توجيه اللكمات لنائبة في البرلمان.
هذا المقصد موجهٌ لأصواتٍ ستعلو وتنتشر للتهوين من شأن ما جرى، والحجة الباردة التي يتم نشرها لتبرير هذه الفضيحة، هي أن اللكمات والاشتباك بالأيدي موجود في كل برلمانات العالم، وأن القصة لا تحتمل تهويلاً ولا استنكاراً.
"الإخواني" الإسرائيلي يتحالف مع الأحزاب "اليمينية" المتشددة في الكنيست، ولكن "الإخواني" التونسي لا يحتمل خلافاً سياسياً مع زميلةٍ له في البرلمان حتى يبرحها ضرباً ولكماً. وهؤلاء هم "الإخوان" يلبسون لكل حالةٍ لبوسها، ويرتكبون المتناقضات، والأتباع جاهزون للترديد دون تفكير.
نقلا عن الاتحاد الإماراتية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة