تحتفي الصين في الأول من أكتوبر من كل عام بيومها الوطني، الذي رفع فيه مؤسسها العلم الأحمر من فئة الخمس نجوم لأول مرة.
تلك الذكرى التي يعتز بها الصينيون، كانت نواة لمعجزة اقتصادية وإنسانية في آن واحد؛ فما بعدها كان يختلف بشكل جذري عما قبلها؛ إذ حقق البلد الآسيوي طفرة اقتصادية سريعة واستقرارًا اجتماعيًا، بعد أن انتشل أكثر من 800 مليون شخص من براثن الفقر.
طريق الحرير
ويعد طريق الحرير واحدا من أبرز مشاريع الصين الاقتصادية التي تهدف لربط كفاح الشعوب اقتصاديا، حيث يربط ما يعرف بمبادرة "الحزام والطريق" نحو 65 دولة ببعضها عبر شبكة من الطرق البرية والسكك الحديدية والموانئ وخطوط أنابيب النفط والممرات البحرية، فضلاً عن شبكات الاتصالات.
ولمن لا يعرف ما هو طريق الحرير، فهو مجموعة من الطرق يرجع تاريخها إلى عام 3000 قبل الميلاد وكان عبارة عن مجموعة من الطرق المترابطة تسلكها السفن والقوافل، بهدف التجارة وترجع تسميته إلى عام 1877، حيث كان يربط بين الصين والجزء الجنوبي والغربي لآسيا الوسطى والهند.
وسمي طريق الحرير بهذا الاسم لأن الصين كانت أول دولة في العالم تزرع التوت وتربي ديدان القز وتنتج المنسوجات الحريرية، وتنقلها لشعوب العالم عبر هذا الطريق لذا سمي طريق الحرير نسبة إلى أشهر سلعة تنتجها الدولة التي أطلقته.
وبدأت محاولات الصين لإحياء طريق الحرير بداية تسعينيات القرن الماضي، عبر ما عُرف بالجسر البري الأوروبي الآسيوي الذي يصل بين الصين وكازاخستان ومنغوليا وروسيا، ويصل إلى ألمانيا عبر سكك حديدية.
إحياء طريق الحرير
وفي سبتمبر عام 2013 أعلن الرئيس الصيني مبادرة جديدة تهدف لتعزيز التعاون الاقتصادي وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي دعا إلى إعادة إنشاء شبكة الممرات البحرية القديمة لخلق طريق الحرير البحري لتعزيز الربط الدولي ودعم حركة التجارة.
ويمتد طريق الحرير من المراكز التجارية في شمال الصين، حيث ينقسم إلى فرعين شمالي وجنوبي.
يمرّ الفرع الشمالي من منطقة بلغار-كيبتشاك وعبر شرق أوروبا وشبه جزيرة القرم وحتى البحر الأسود وبحر مرمرة والبلقان ووصولاً للبندقية.
أمّا الفرع الجنوبي فيمرّ من تركستان وخراسان وعبر بلاد ما بين النهرين والعراق والأناضول وسوريا عبر تدمر وأنطاكية إلى البحر الأبيض المتوسط أو عبر دمشق وبلاد الشام إلى مصر وشمال أفريقيا.
ربط الشعوب
منذ إطلاق الرئيس الصيني المشروع، استثمرت الصين أكثر من 100 مليار دولار في مشاريع متعددة، كما قدمت المصارف قروضا بقيمة تتراوح بلغت نحو 270 مليار دولار للدول المشاركة في مبادرة " الحزام والطريق". وتأتي هذه الاستثمارات بهدف تحسين البنية التحتية للدول المشاركة في المبادرة من أجل إيجاد شبكة طرق قوية تخدم هدف المبادرة. ومع اكتمال مبادرة طريق الحرير فإن تبادل السلع والخدمات بين الدول المشاركة سيكون أمرا سهلا ويسيرا مما يساعد على حجم التجارة المتبادلة بينها.
وتعتبر روسيا وباكستان أبرز الدول الداعمة للمشروع، إضافة إلى دول مثل بريطانيا واليونان.
ورغم أنّ الصين قد لا تجد صعوبة كبيرة في تمويل طموحات طريق الحرير، وهي تخطو خطوات ثابتة لتحقيق هذا الهدف في أماكن عدة ومنها المنطقة العربية، فمن المرجَّح أن تواجه الصين مقاومة سياسية لإعاقة تنفيذ هذه الطريق، خصوصاً فيما يتعلق بالطريق البحري، حيث ترى الولايات المتحدة الأمريكية في المبادرة محاولة صينية للسيطرة الاقتصادية والسياسية في آسيا وأوروبا وأفريقيا.
إعلان جمهورية الصين
وفي الساعة الثالثة من بعد ظهر الأول من أكتوبر/تشرين الأول عام 1949، أعلن الزعيم الراحل ماو تسي تونج رسميًا إنشاء جمهورية الصين الشعبية والحكومة الشعبية المركزية، ورفع شخصيا أول علم أحمر من فئة الخمس نجوم.
وفي احتفال كبير حضره قرابة 300 ألف شخص في ميدان "تيان آن من" في العاصمة الصينية بكين، قرأ الرئيس الراحل ماو "إعلان الحكومة الشعبية المركزية لجمهورية الصين الشعبية".