التغير المناخي ليس حقيقة.. هل تصدق ذلك؟
يُجادل بعض الناس بأنّ التغيرات المناخية ليست حقيقة؛ وذلك رغم كل المتغيرات التي طرأت على حياتنا على كوكب الأرض.. فأين الحقيقة إذًا؟
ترتفع درجات الحرارة ويذوب الجليد في المناطق القطبية، وتفسد المحاصيل وتتغير سلوكيات الحيوانات، والنظام البيئي كله، وما زالت هناك مجموعة من البشر ينكرون حدوث تغيرات مناخية أدت إلى الاحترار العالمي، ويرون أنّ الاحترار العالمي ليس حقيقة، وأنّ التغيرات المناخية مجرد شائعة، يروج لها المستفيدون وأصحاب المصلحة؛ فما الحقيقة؟
نكران التغير المناخي
هناك العديد من البشر الذين يؤيدون فكرة أنّ الاحترار العالمي أو التغير المناخي شائعة، وليست حقيقة، على الرغم من الآثار الملموسة. وهذه الحالة تُعرف بـ«نكران التغير المناخي»، وهناك عدة صور لإنكار التغير المناخي؛ معتمدين على أدلة واهية، منها:
1- علم زائف
يرى المنكرون أنّ تغير المناخ هو مجرد جزء من الدورات الطبيعية، وأنّ النماذج المناخية التي يُقدمها العلماء ليست دقيقة، ويقترح بعضهم أنّ غاز ثاني أكسيد الكربون، لا يمثل إلا جزءا صغيرا جدًا من الغلاف الجوي.
2- تكلفة عالية
وفي محاولة لتعطيل مفاوضات الدول الأطراف في مؤتمر المناخ لاتخاذ إجراءات خاصة بتمويل المناخ، يذهب منكرو المناخ إلى أنّ حل مشكلة المناخ لا تتطلب أكثر من 1% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وبحسب ادعائهم؛ فهذا من أجل توفير النفقات، باعتبار أنّ تغير المناخ لا يستحق هذا القدر من الأهمية.
3- تغير المناخ مفيد
يرى بعض المنكرين أنّ تغير المناخ قد ساعد في إطالة فترة الصيف، الأمر الذي يساهم في زيادة إنتاجية الزراعة وسد الحاجة الغذائية العالمية.
4- لا توجد أزمة
يجادل منكرو التغير المناخي بشأن الأزمة الحاصلة، إنهم لا يرون أنها أزمة، ويدّعون أنّ العلماء يبالغون في طرح آرائهم وأبحاثهم العلمية التي تكشف عن الكوارث الناجمة عن التغيرات المناخية.
أين الحقيقة؟
حسنًا، كل هذه الأدلة التي يُشير إليها منكرو التغير المناخي. متجاهلين عدة حقائق، ربما أبرزها موجات الحر غير المسبوقة التي يشهدها العالم في السنوات الأخيرة، وأشياء أخرى أيضًا، من ضمنها:
1- يقول العلم
ارتفعت درجات الحرارة العالمية بمقدار 1.1 درجة مئوية، مقارنة بعصر ما قبل الصناعة، ويتزايد احتمال رفعها إلى 1.8 بحلول العام 2027، وفقًا لـ«المنظمة العالمية للأرصاد الجوية» (WMO)، ما يعني أنّ الاحترار العالمي حصل بالفعل، ويزداد الوضع سوءًا.
من جانب الآخر، ظهرت العديد من الأبحاث التي تؤكد ذوبان الجليد على الأرض، الذي بدوره تسبب في رفع مستوى سطح البحر، وهناك بعض الجزر التي غرقت بالفعل، مثل: جزيرة لوهاتشا وساندي و5 من جزر سليمان. وهناك جزر أخرى على حافة الغرق ومهددة بسبب ارتفاع مستويات سطح البحر. وعند النظر على مستوى النظام البيئي، رصد العلماء تغيرات في سلوك الحيوانات، مثل العنف الذي طال بعضهم؛ نتيجة عدم توافر الموارد الغذائية، والهجرة المبكرة لبعض أنواع الطيور والحيوانات، وازدهار النباتات في وقت مبكر عن المعتاد، وغيرهم.
2- تكلفة أهون من تكلفة
بخصوص التكلفة الاقتصادية للخسائر الناتجة عن التغير المناخي، والتي يدّعي منكرو التغير المناخي أنها بسيطة؛ فقد توّقع «تقرير فجوة التكيّف» الصادر عن «برنامج الأمم المتحدة للبيئة» (UNEP) في عام 2016، أنّ التكلفة العالمية للتكيّف قد ترتفع؛ نتيجة تأثيرات التغيرات المناخية، بحلول العام 2030، إلى ما يتراوح بين 140 و300 مليار دولار سنويًا، بينما قد يتراوح بين 280 و500 مليار دولار سنويًا بحلول العام 2050. وهذا يعني أنّ التكلفة تزيد بمرور الوقت ولا تقل؛ خاصة في حالة تعطيل الإجراءات اللازمة للتكيّف. وإذا لم تتخذ دول العالم إجراءات فعّالة، سترتفع تكلفة إصلاح ما أفسده التغير المناخي أكثر فأكثر.
3- تغير المناخ كارثة
ربما يتسبب المناخ في إطالة الصيف، وجعل الهواء أكثر دفئًا؛ خاصة في المناطق المعتدلة، لكن نفس المناخ، يتسبب في تواتر موجات من الحر الشديد في نفس المناطق، ويحل الجفاف في مناطق أخرى وتنتشر الأمراض في درجات الحرارة المرتفعة، ويذوب الجليد، ويتبع ذلك كوارث عديدة يطول عنها الحديث.
4- هناك أزمة
قال أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، في نهاية يوليو/تموز 2023، إننا وصلنا إلى عصر الغليان، وتجاوزنا عصر الاحترار العالمي، بعد موجة الحر الشديدة التي شهدها العالم في نفس الشهر. وكل الأدلة العلمية والملموسة والأحداث التي تحصل حولنا، تؤكد أنّ ما وصلت إليه حالة التغير المناخي، تجعله أزمة.
من ذلك، يتضح أنّ الشائعة التي تقول إنّ "تغير المناخ ليس حقيقة"، هي شائعة كارثية في حد ذاتها، تُعطّل العالم عن اتخاذ الإجراءات الملائمة لمواجهة الوضع الذي يهدد كوكبنا.
aXA6IDMuMTQ4LjEwOC4xOTIg جزيرة ام اند امز