قهوة على دراجة هوائية.. الأمل يتغلب على البطالة في قطاع غزة
يستقبل حمودة الأب لطفلين، طلبات الزبائن عبر تطبيق "واتساب" وهو جالس خلف مكتب صغير في المقهى.
يمسك شعبان حمودة مقود دراجته الهوائية بيد ويحمل بالأخرى صينية وضع عليها أكواب القهوة، ثم يناور بين المركبات لإيصالها إلى زبائنه في أول خدمة توصيل يقدمها مقهى في رفح جنوب قطاع غزة الفقير والمحاصر.
وأسس حمودة (31 عاما) الذي يحمل شهادة جامعية في إدارة الأعمال كشكا صغيرا لبيع المشروبات الساخنة في وسط سوق رفح المركزي الواقع بين المدينة ومخيمها للاجئين.
وفي الكشك الذي يحمل الاسم الأول لصاحبه، تجد موقدا للنار وعددا من القدور وأكوابا زجاجية ومئات الكؤوس المصنوعة من الورق المقوى، وعلى رف خشبي وضع حمودة علب القهوة والشاي والنعناع لإعداد المشروبات.
- المهن الشاقة في غزة.. مصدر رزق لا يعرف احتياطات كورونا ولا ظروف رمضان
- غزة رهينة كورونا.. قطاعات اقتصادية مشلولة وبطالة متزايدة
يستقبل حمودة الأب لطفلين، طلبات الزبائن عبر تطبيق "واتساب" وهو جالس خلف مكتب صغير في المقهى. ثم يجهّز الطلبات ويقوم هو أو أحد العاملين التسعة لديه بإيصالها مجانا للزبائن على متن دراجة هوائية.
ويشير صاحب المقهى إلى أن "محال بعض الزبائن لا تبعد أكثر من كيلومترين عن السوق".
يقول حمودة "عملت في مقهى داخل السوق لتوصيل المشروبات للزبائن، لكن أجرتي لم تكن تكفي لدفع إيجار الشقة ولا لشراء الطعام والشراب لأسرتي".
ويضيف "قررت بدء مشروع مستقل بإنشاء مقهى، وتميزت بتوصيل الطلبات على العجلات (الدراجات الهوائية)". ويستدرك "العمل ينهي الإحباط".
يفتح حمودة المقهى يوميا من الساعة الخامسة فجرا وينهمك والعاملين لديه في إعداد المشروبات وتوصيلها حتى منتصف الليل.
وإلى جانب توصيل الطلبات بالدراجة الهوائية، يضع حمودة طاولات صغيرة ومقاعد أمام المقهى تلبية لرغبة بعض الزبائن من المارة الذين يفضلون الجلوس.
وتعتبر خدمة التوصيل هذه جديدة في قطاع غزة، ويقول حمودة "الناس تحب كل جديد، لقد قوبلت بتشجيع من الكثيرين".
لكنه يشير إلى تأثير "فيروس كورونا بعض الشيء خلال الأسابيع الأخيرة وتقليص رواتب السلطة الفلسطينية، لكن بالمجمل البيع جيد".
وتأثر نحو 23 ألف موظف من قطاع غزة يعملون لصالح الحكومة الفلسطينية في رام الله من الأزمة المالية والوضع الاقتصادي الصعب الذي تواجهه الحكومة والذي زاد تفشي فيروس كورونا من حجمها، إذ لم يتقاضوا مؤخرا سوى نصف قيمة رواتبهم.
وأحصت الضفة الغربية المحتلة أكثر من عشرة آلاف إصابة بالفيروس بينها 74 وفاة، في حين سجلت في غزة 76 إصابة، ووفاة واحدة.
- تحدي البطالة
حرم الفقر علي أبو جياب (25 عاما) من استكمال تحصيله العلمي، وهو يعمل اليوم مع حمودة في توصيل المشروبات على دراجته الهوائية، بعد أن كان أحد زبائن المقهى.
يقول الشاب الأعزب "أستخدم العجلات، التنقل فيها أسهل وأسرع وهي رياضة ممتعة أيضا وغير مكلفة، الفكرة جميلة وأحبها الناس".
ويتذمر أبو جياب من أن الوضع الاقتصادي "صعب جدا" في القطاع، ويضيف "لا عمل ولا أمل عند الشباب، علينا تحدي البطالة والإحباط".
وترتفع نسبة البطالة في القطاع المحاصر منذ أكثر من عقد، لتزيد عن 50%، و70% في صفوف الشباب وفق إحصائيات حكومة حماس الحاكمة في غزة.
- "رائحة القهوة"
يمتلك سامح جودة الشاب الذي لم يكن من محبي القهوة، محلا لبيع العطور والبخور في سوق رفح المركزي، لكن رائحة القهوة التي تفوح في السوق من مقهى حمودة جعلته يبدل رأيه.
وأصبح جودة (25 عاما) أحد زبائن المقهى ويقول "منذ أن فتح شعبان المقهى، جذبتني رائحة القهوة وصرت أشتري كل أسبوع فنجان قهوة صغير، أما الآن فأشتري كوبا أو كوبين يوميا".
ويضيف الشاب "فكرة شعبان رائعة وجديدة، أرسل طلبي له عبر واتساب وبسرعة البرق يأتي المشروب ساخنا، هذا أمر جديد بالنسبة لنا ومشجع".
وقاطعته فتاة كانت في المحل تشتري العطور قائلة "فكرة لافتة، يمكن للشباب أن يخلقوا أفكارا تساعدهم على إيجاد مصدر رزق حتى يعيشوا رغم الإحباط والفقر والبطالة".