"مصائب قوم عند قوم فوائد" لعل هذا المثل العربي القديم ينطبق على الدول المنافسة للصين اقتصاديا التي يكاد فيروس كورونا أن ينهكها
"مصائبُ قومٍ عند قومٍ فوائد" لعلّ هذا المثل العربي القديم ينطبقُ على الدول المنافسة للصين اقتصادياً التي يكاد فيروس كورونا أن ينهكها.
"كورونا" يضرب 29 بلدا ومنطقة.. وقارتان لم يصلهما الفيروس
بريطانيا تسجل إصابة رابعة بـ"كورونا"
هل كان لأحد في هذا العالم أن يتخيل أن يأتي يوم على مليار ونصف مليار إنسان، وهو عدد سكان الصين، لا يذهبون إلى المدارس والجامعات؟ لا يذهبون إلى العمل؟ لا يفتحون متاجرهم للتسوق.. لا يستوردون؟ لا يصدرون؟
في السوق الداخلي الصيني أسعار ترتفع وأخرى تنخفض، فالخضراوات تضاعفت أسعارها وكذلك اللحوم والمواد الغذائية، أمّا العقارات فقد أُصيبت بالشلل نتيجة إغلاق مكاتب بيع العقارات في أكثر من مئة مدينة صينية، ومئات المصانع أُغلقت وآلاف المنشآت السياحية باتت خاوية على عروشها.
أهمية مدينة ووهان التي بدأ منها المرض أنّ اقتصادها يزيد عن 200 مليار دولار، أي 1.6% من الناتج المحلي الصيني، وهي مركز لأهم شركات تصنيع السيارات وشركات الحديد لكنها اليوم مدينة معزولة بالكامل.
مدينة سوتشو الواقعة شرق الصين هي أيضاً مركز مهم لشركات التكنولوجيا ومقر لصناعات الأدوية، وقد تم إيقاف الأنشطة التجارية في المدينة.
الصين.. هي ثاني أكبر سوق للسندات في العالم بعد الولايات المتحدة، والسندات الصينية التي جلبت لها مليارات الدولارات وصلت إلى أكبر تراجع لها منذ عام 2014، وهذا يعطي الأفضلية لواشنطن في حربها التجارية مع بكين.
المستفيد الأكبر مما يحدث في الصين نظريا هي الولايات المتحدة الأمريكية، التي طالما كانت تشكو من أن الصين تتقصّد أن تُبقي عملتها أقل من قيمتها الحقيقية لمساعدة المصدرين الصينيين على زيادة صادراتهم، كما أن تدنّي قيمة اليوان الصيني يحقق فائضاً ضخماً يجعل الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة أقل تكلفة، والواردات من الولايات المتحدة أكثر تكلفة.
فيروس كورونا ساعد الولايات المتحدة في حربها التجارية مع الصين، وهذا ما عبّرت عنه واشنطن صراحة، حين قال وزير التجارة الأمريكي ويلبر روس في مقابلة مع شبكة فوكس بيزنس: إن الوباء الجديد لفيروس كورونا في الصين يمكن أن يساعد في تسريع وتيرة عودة الوظائف والتصنيع إلى الولايات المتحدة.
تراجع الاقتصاد الصيني لا ينعكس على الصين وحدها، بل يؤثر على الاقتصاد العالمي، فتجارة الصين التي وصلت عام 2018 إلى أكثر من 4.5 تريليون دولار تؤثر على دول كثيرة حول العالم.
تراجعت الأسهم في الأسواق الآسيوية، حيث سجل مؤشر نيكي الياباني تراجعا كبيرا، كما تراجع مؤشر داو جونز الصناعي الأمريكي، خبراء يقدرون خسائر الاقتصاد العالمي بنحو 160 مليار دولار، وهي أكبر خسارة يسببها وباء في التاريخ.
خوف الولايات المتحدة يأتي من أن تقوم الصين بخفض إمداد الدول الصناعية بالمعادن النادرة التي تدخل في صناعات أجهزة الحواسيب والصواريخ الموجهة، وأنظمة الاتصالات والرادارات وإلكترونيات الطيران والأقمار الصناعية والأجهزة الإلكترونية والهواتف المحمولة، وغيرها ما يعني تراجع هذه الصناعات في جميع البلدان.
كورونا تسبب أيضاً بخفض أسعار النفط والغاز، لأن الصين من أكبر مستوردي المشتقات النفطية في العالم، ومن أكثر المتأثرين بأضرار الفيروس هي روسيا، التي أوقفت حركة القطارات إلى الصين.
وتراجع الإقبال الروسي على شراء الأدوات الكهربائية والتقنيات الإلكترونية الصينية، وتضررت بلدان أخرى في آسيا وأوروبا.
الصين التي لا تسمح بإنجاب إلاّ ابنٍ واحد هي أكبر مصدّر في العالم، الدولة التي تستورد تقنيات فائقة فقط بقيمته 800 مليار دولار، هذه الدولة قاطرة الاقتصاد العالمي هي اليوم في خطر، فهل يكون كورونا سبباً في عودة السيطرة الاقتصادية الأمريكية أم يمدّ العالم يده للصين لإخراجها -والخروج معها- من الكارثة؟
وحدها الأيام هي من ستجيب.