برج الدوحة المهجور يفضح ركود العقارات القطرية
قطر تواجه تحديا إضافيا يتمثل في مقاطعة دبلوماسية وتجارية فرضتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر بسبب اتهامها بدعم الإرهاب.
تشهد سوق العقار القطرية حالة من الركود العام تضرب الوحدات الفندقية والسكنية والتجارية قبل انعقاد بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، وألقت الأزمة بظلالها على برج الدوحة، المصمم على شكل أسطواني بقمة مدببة ويشع ضوءاً برتقالياً في الليل، المكتمل بناؤه في عام 2012؛ حيث إن نحو نصف طوابقه البالغ عددها 46 خالية، كما أن شركات التسويق العقاري أكدت أن المهمة أصبحت "شاقة" على حد تعبيرها، وكذلك البنوك اضطرت إلى مد آجال أقساط التمويل العقاري من 10 إلى 20 عاماً في محاولة لتوفيق أوضاع بعض العملاء وتحريك السوق.
وأصبحت السوق العقارية القطرية في مأزق بسبب ما يقول وسطاء عقاريون ومصرفيون ومحللون إنه يشهد فائضاً في المعروض قبل بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، وهو ما يعكس تراجعاً في السوق العقارية في منطقة الخليج بعد هبوط أسعار النفط.
- قطر.. صناعة العقار تتحول إلى "ركام" بفعل ضعف المشتريات
- شلل يضرب أوصال القطاع العقاري في قطر ويجعل الدوحة مدينةً أشباح
وتواجه قطر تحدياً إضافياً يتمثل في مقاطعة دبلوماسية وتجارية فرضتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر، بسبب اتهامات بأن الدوحة تدعم الإرهاب.
وأدى النزاع المستمر منذ فترة طويلة إلى صعوبة في جذب مشترين أجانب للعقارات السكنية أو التجارية.
وانخفضت أسعار العقارات السكنية نحو 10% منذ يونيو/حزيران 2017، حين بدأت المقاطعة، في حين تراجعت أسعار العقارات الإدارية بنسبة مماثلة، وفقاً لمحللين وخبراء اقتصاديين. ويقولون إن أسعار الإيجارات هبطت 20% من مستواها قبل 3 سنوات.
وقال جيسون توفي، الخبير الاقتصادي لدى كابيتال إيكونوميكس "قطاع العقارات القطري كان أحد الضحايا الرئيسيين للحصار المفروض منذ منتصف 2017".
وقال مصرفي لدى بنك الخليج التجاري إن بنوكاً مثل بنكه أعادت هيكلة الكثير من القروض العقارية في الأشهر القليلة الماضية، لتمدد فترات السداد إلى 20 عاماً من 10 سنوات في بعض الحالات، لكي تحافظ على استمرار نشاط الشركات العقارية التي تضررت من تباطؤ الطلب.
لكن مع اقتراب موعد بطولة كأس العالم لكرة القدم، يقول خبراء عقاريون إن مشاريع جرى التخطيط لها منذ وقت طويل تتأهب حالياً لإغراق السوق، حتى في الوقت الذي تظل فيه مبانٍ في مواقع رئيسية، مثل برج الدوحة، بلا حراك.
وقال جوني آرتشر، المدير المشارك في شركة دي.تي.زد للعقارات ومقرها الدوحة "سيكون من المثير للاهتمام رؤية ماذا يحدث حين تقع (أسعار العقارات) فعلياً تحت ضغط في غضون عام، حين يضرب الكثير من المعروض الجديد السوق".
حمى كأس العالم
يطلب الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) أن يكون لدى قطر ما لا يقل عن 60 ألف غرفة فندقية جاهزة لبطولة كأس العالم التي تستمر شهراً، والتي تُقدر قطر أنها ستجتذب نحو 1.5 مليون من عشاق كرة القدم، وهو ما يزيد على نصف عدد سكانها البالغ حوالي 2.6 مليون نسمة.
ويجرى معظم البناء داخل مدينة جديدة تماماً، لوسيل، المقامة على مساحة 38 كيلومتراً مربعاً شمالي الدوحة، التي تنتشر فيها أبراج تجارية وفنادق ومراكز للتسوق في مراحل متنوعة من الإنشاء.
وتتولى شركة الديار القطرية التي تسيطر عليها الدولة تشييد مدينة لوسيل، التي من المقرر أن تستوعب 200 ألف مقيم و170 ألف موظف، وتحتضن المدينة أكبر استاد لكأس العالم في قطر، وهو مزود بعدد 80 ألف مقعد سيستضيف مباراتي الافتتاح والختام.
وتقول كوليرز انترناشيونال، التي كان مكتبها من بين الداخلين المبكرين إلى لوسيل، إن جلب شركات لشغل فيض الأبراج التي تدخل السوق قبل عام 2020 سيكون مهمة شاقة.
وقال أدريان كامبس، مدير كوليرز في قطر "سيكون هناك فائض هائل في المعروض للبنية التحتية المكتبية في المستقبل المنظور".
وفي مسعى لتحفيز النشاط، أقرت قطر الشهر الماضي قانون استثمار يسمح للأجانب بالملكية الكاملة للشركات، وعلى مدار سنوات جعلت قطر مناطق محددة راقية مثل لوسيل مفتوحة أمام الأجانب، لكن وسطاء يقولون إن الطلب يظل منخفضاً.
ومراكز التسوق التي تفتقر إلى المتسوقين السعوديين أو الإماراتيين الذين كانوا يفدون إليها قبل المقاطعة، من بين المتأثرين الأكثر وضوحاً، مع اضطرار البعض لإغلاق متاجر في الأشهر الأخيرة.
وبعد 2022، تواجه العقارات القطرية آفاقاً ضبابية. وبخلاف ملاعب كرة القدم، فإن قطر لم تحدد خططاً لمصير البنية التحتية التي يجرى تطويرها لكأس العالم، بعد البطولة.
وقال ريتشارد راينر الذي يقوم بمسح عقاري لدى دي.تي.زد "هناك الكثير من الضبابية بشأن من أين سيأتي ذلك الطلب على وجه الخصوص".