الدولار في مصر يتراجع إلى 42 جنيها.. مسار مثمر بين أشواك الديون
توقع مصرفيون استطلعت "العين الإخبارية" آراءهم أن يتأرجح متوسط سعر الدولار مقابل الجنيه المصري ما بين 42 و50 جنيها للدولار خلال العام الجاري، اعتمادا على المسار الذي ستسلكه البلاد في سداد ديونها بالتوازي مع تدفقات النقد الأجنبي.
وفي ظل تحرك سعر الدولار مقابل الجنيه المصري صعودًا وهبوطًا خلال الآونة الأخيرة، بات السؤال الشاغل دائمًا هو عن السعر العادل للعملة الأجنبية؟ وهل يرتفع الدولار أمام الجنيه إلى مستويات قياسية جديدة أم سيحدث العكس؟
وفي 6 مارس/آذار الماضي أعلن البنك المركزي عن تحرير سعر الصرف، حيث ارتفع الدولار بنحو 60% مقابل الجنيه، من 30.9 جنيه إلى 51 جنيهاً في البنوك، قبل أن يتراجع إلى المستويات الحالية عند 46 جنيهاً.
وعانت مصر على مدى السنوات الماضية من تفاقم أزمة الصرف الأجنبي بعد هروب 22 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي غير المباشر، مما أدى إلى فجوة بين السعر الرسمي للدولار في البنوك، والسعر في السوق الموازية بنسبة 130% قبل أن تتضاءل السوق السوداء لتداول العملات بفضل تحرير سعر الصرف.
كيف سيتحرك الدولار؟
واتفق المصرفيون على أن وصول الدولار إلى نقطة التوازن مقابل الجنيه يعتمد على حجم الدين الخارجي المطلوب من مصر سداده خلال العام الجاري، ووتيرة تدفقات النقد الأجنبي.
وقال الخبير المصرفي الدكتور ماهر جامع، إن سعر الدولار سيدور بين 46 و50 جنيها خلال العام الحالي، حيث يلبي هذا السعر مصالح البنوك والمصدرين والمستوردين.
وأوضح أن نقطة التوازن ستتجنب ارتفاع أسعار السلع والخدمات، فضلا عن المساهمة في تسريع تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية.
وفي 2 فبراير/ شباط الماضي ، وقعت مصر أكبر اتفاقية استثمار مع دولة الإمارات لتطوير مدينة رأس الحكمة بقيمة 35 مليار دولار ما ساهم ذلك في خروج مصر من أزمة نقص النقد الأجنبي الخطيرة.
وتلقت مصر 24 مليار دولار على شرائح، منها 10 مليارات دولار في فبراير/شباط، ومارس/آذار الماضيين، و14 مليار دولار الشهر الجاري، بجانب تسوية ودائع إماراتية مستحقة على مصر بقيمة 11 مليار دولار.
الدولار = 42 جنيها
وقالت سهر الدماطي، نائب الرئيس السابق لبنك مصر، إنه أثناء العمل على إدارة تدفقات النقد الأجنبي الداخلة والخارجة، من المرجح أن يتراوح سعر الدولار بين 42 و45 جنيها خلال العام الحالي.
وأوضحت أن سعر الدولار سيخضع لحسابات مختلفة، بما في ذلك قدرة مصر على جذب استثمارات أجنبية جديدة على غرار اتفاقية رأس الحكمة، مقابل حجم الدين الخارجي الذي لا يزال قائما، ولا سيما صفقة رأس الحكمة التي سيتم استخدام جزء منها في تعزيز احتياطيات النقد الأجنبي وميزانية الدولة لخفض الديون.
كان صندوق النقد الدولي قد ذكر في آخر تقرير صادر له بشأن قرض مصر، أن هيئة المجتمعات العمرانية- المالكة لرأس الحكمة- ستبيع 15 مليار دولار للبنك المركزي لتغذية احتياطي النقد الأجنبي، و6 مليارات دولار للبنوك لتدعيم صافي مراكز الأصول الأجنبية.
وأوضح الصندوق في تقريره أن وزارة المالية ستحصل من إيرادات رأس الحكمة على ما يعادل 12 مليار دولار بالعملة المحلية من الصفقة، وسيتم تسجيل ذلك في الرصيد الأولي، مما يخفض الدين بنفس المبلغ.
كذلك، توقع محمد بدرة، الرئيس التنفيذي لأحد البنوك، أن يستقر سعر الدولار عند 42 جنيها إذا عادت تدفقات النقد الأجنبي مرة أخرى، مثل التحويلات المالية من المصريين العاملين في الخارج والاستثمار الأجنبي غير المباشر.
وأدت الفجوة بين السعر الرسمي للدولار والسوق السوداء إلى تراجع تحويلات المصريين بنسبة 30% على أساس سنوي مقارنة بنفس الربع من العام المالي السابق مسجلة 4.5 مليار دولار، وفق ميزان المدفوعات خلال الربع الأول من العام المالي الجاري 2023- 2024.
وتوقعت مؤسسات مالية دولية مثل "إتش إس بي سي" و"جى بي مورغان" و"غولدمان ساكس" أن يتراوح سعر الدولار من 40 إلى 50 جنيها هذا العام بعد تدفقات النقد الأجنبي من رأس الحكمة وتحرير سعر الصرف.
التدفقات الدولارية
يظهر حجم الالتزامات والضغوط على مصر في حجم مدفوعات الدين (فوائد وأقساط قروض)، وعجز الميزان التجاري (الفرق بين الصادرات والاستيراد)، ويعكسان صورة واضحة لحجم الالتزامات ولكن في المقابل لدى مصر تدفقات نقد أجنبي من موارد مختلفة.
ووفقًا لتقرير الوضع الخارجي لمصر الصادر عن البنك المركزي، ارتفعت مدفوعات الدين الخارجي خلال عام 2024 بمقدار 1.441 مليار دولار، لتصل إلى حوالي 36.362 مليار دولار، منها 7.515 مليار دولار كفوائد على الديون و28.85 مليار دولار كأقساط للقروض.
خلال النصف الأول من العام المالي الجاري 2023-2024، ازداد عجز الميزان التجاري بنسبة 20% على أساس سنوي، حيث بلغ حوالي 18.7 مليار دولار بسبب انخفاض الصادرات، وفقًا لتقرير أداء ميزان المدفوعات الصادر على موقع البنك المركزي.
ووفقاً لتقرير ميزان المدفوعات، فإن عجز الميزان التجاري ناتج عن تراجع الصادرات بنسبة 23.5% خلال النصف الأول من العام المالي الحالي مقارنة بالعام السابق، حيث بلغ نحو 16.5 مليار دولار مقابل واردات بلغت 35.1 مليار دولار، مما يعكس الضغوط التي تواجه الاستيرادات والطلب على العملة.
ومن المقرر أن يُفرج صندوق النقد الدولي عن شريحتين جديدتين من القرض البالغ 8 مليارات دولار بعد المراجعتين الثالثة والرابعة على برنامج الإصلاح الاقتصادي في شهري يونيو/ حزيران وسبتمبر/ أيلول المقبلين، بإجمالي 2.5 مليار دولار.
وصرحت وزيرة التعاون الدولي رانيا المشاط في وقت سابق بأن مصر ستتلقى مليار دولار من إجمالي الحزمة المخصصة من مجموعة البنك الدولي بقيمة 6 مليارات دولار خلال يونيو/ حزيران المقبل بعد انتهاء الموافقة على صرف الشريحة.
وفي سياق متصل، وافق الاتحاد الأوروبي على تخصيص 8 مليارات دولار لمصر خلال 4 سنوات القادمة، وتم تلقي أول مليار دولار من التمويلات خلال العام الجاري بهدف دعم الاقتصاد المصري من الآثار السلبية للحرب في غزة.
aXA6IDMuMTM1LjI0Ny4xNyA= جزيرة ام اند امز