إسرائيل توظف قانونا من زمن الانتداب البريطاني لهدم منازل فلسطينيين
السلطات الإسرائيلية هدمت وأغلقت 54 منزلا في أنحاء الضفة الغربية بموجب هذا القانون منذ العام 2014.
وصلت قوات كبيرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر الثلاثاء، إلى منزل عائلة الأسير خليل جبارين (17 عاما) في مدينة يطا في جنوبي الضفة الغربية.
وخلال الاقتحام أبلغت قوات الاحتلال العائلة الفلسطينية بقرارها هدم الشقة التي كان يسكنها خليل بداعي تنفيذ عملية طعن في 16 سبتمبر/أيلول الماضي؛ ما أدى إلى مقتل مستوطن إسرائيلي على مفرق مستوطنات "غوش عتصيون" في جنوبي الضفة الغربية.
- حملة اعتقالات إسرائيلية تطال 32 فلسطينيا في القدس
- للمرة الرابعة منذ تعيينه..إسرائيل تعتقل محافظ القدس والسُلطة تندد
والشقة التي كان يسكنها خليل، المعتقل في السجون الإسرائيلية، تقع في الطابق الثالث من المبنى المكون من 3 طوابق ما يشير إلى أن الهدم، في حال تنفيذه، سيؤثر على باقي سكان المبنى.
ومنح جيش الاحتلال الإسرائيلي العائلة حتى الثاني من ديسمبر/كانون أول المقبل للاعتراض على هذا القرار لدى المحكمة العليا الإسرائيلية.
ولكن عادة ما أقرت المحكمة الإسرائيلية قرارات الجيش الاسرائيلي بهدم المنازل إلا في حالات نادرة.
وتستخدم سلطات الاحتلال الإسرائيلي قانون الطوارئ الذي صدر إبان الانتداب البريطاني في العام 1945 لتبرير عمليات الهدم.
وقال مركز الدفاع عن الفرد في القدس، وهو مركز حقوقي إسرائيلي يدافع عن أصحاب المنازل المهددة بالهدم، " يستند هذا الهدم إلى المادة 119 من أنظمة الدفاع الطوارئ لعام 1945، التي تمنح القائد العسكري سلطة تقديرية واسعة في هدم أو إغلاق كل أو جزء من منزل أو مبنى".
وأضاف أن "عمليات الهدم بموجب هذا القسم، على الرغم من طبيعتها الوحشية، لا تنفذ بعد صدور أمر من المحكمة إذ إن قرار القائد العسكري يكفي".
وقال زياد الحموري، مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، لـ"العين الإخبارية" إن "إسرائيل تستخدم كل القوانين المتاحة من أجل تنفيذ مخططاتها ضد الفلسطينيين بما في ذلك قانون صدر عن الانتداب البريطاني".
وأوضح أن "السبب في اختيار هذا القانون هو أنه لا يستلزم الحصول على قرار من المحكمة، وإنما يكفي أن يصدر عن ما يسمى بالقائد العسكري للمنطقة حتى يتم تنفيذه، ولكن يمكن الاعتلااض عليه من خلال المحكمة العليا الإسرائيلية التي بدورها توفر الغطاء لتطبيق هذا القانون رغم أنه مخالف للقانون الدولي".
وتابع الحموري أن "إسرائيل توظف القوانين لصالحها وفي حال عدم وجود قانون فإنها تبتكر تماما كما فعلت بإقرارها قانون القومية العنصري".
وأشار مركز (بتسيلم) الحقوقي الإسرائيلي إلى أن الاستعانة بالنظام 119 من أنظمة الطوارئ التي شُرعت في فترة الانتداب البريطاني، تأتي لكون النظام مُفرطا ويتيح هدم البيت على أساس الشك بالقيام بمخالفات معينة، ليس فقط من قبل المتهمين أنفسهم، بل من قبل أفراد أسرتهم، جيرانهم ومواطنين آخرين في بلدتهم.
وقال "وإن لم يقم البريطانيون بإلغائه، فيجب الحكم عليه بالإلغاء لأنه يناقض التعليمات المختلفة في القانون الدولي الإنساني".
وتابع في إشارة إلى مصادقة المحكمة العليا الإسرائيلية على قرارات الهدم الصادرة بموجب هذا القانون "لقد ردت المحكمة العليا هذه المبررات، وشرعنت المرة تلو الأخرى إدعاءات الدولة بأن هدم البيوت بهدف العقاب، قانوني بموجب النظام 119".
واستنادا إلى معطيات مركز الدفاع عن الفرد فقد هدمت السلطات الإسرائيلية وأغلقت 54 منزلا في أنحاء الضفة الغربية بموجب هذا القانون منذ العام 2014.
وتشير المعطيات إلى أن 16 من هذه المنازل كانت في الخليل و13 في رام الله و11 في القدس و7 في جنين و6 في نابلس وواحدا في قلقيلية.
وقال المركز إنه في الفترة ما بين بدء الاحتلال الإسرائيلي عام 1976 وحتى العام 2004 تم هدم نحو 2000 منزل في أنحاء الأراضي الفلسطينية بموجب هذا القانون.
وأشار الحموري إلى أن "السلطات الإسرائيلية تنفذ عمليات الهدم هذه كإجراء عقابي للعائلات الفلسطينية".
وقال مركز الدفاع عن الفرد"الضحايا الرئيسيون لعمليات الهدم هم سكان المبنى المهدم، وليس الأشخاص الذين تدعي إسرائيل أنهم متورطون في أعمال عنف. من الواضح ، إذن ، أن الفعل يشكل عقابًا جماعيًا ، ينتهك المبدأ الأساسي بأنه لا يجوز معاقبة الفرد على تصرفات شخص آخر".
وأضاف"كما ينتهك القسم 119 قواعد القانون الدولي التي تطبق في الأراضي الخاضعة للاحتلال العسكري، والتي تحظر تدمير الممتلكات الخاصة أو العامة، إلا إذا كانت العمليات العسكرية ضرورية للغاية. ومع ذلك ، فإن هدم المنازل كوسيلة من وسائل العقاب ليس "عملية عسكرية". كما يحظر القانون الدولي بشكل صريح فرض عقوبات جماعية على السكان الخاضعين للاحتلال، ويحظر كذلك أعمال الانتقام واستخدام الترهيب".
ولفت الحموري إلى أن هدم المنازل ليس هو الإجراء العقابي الوحيد الذي تقوم به سلطات الاحتلال ضد الفلسطينيين إذ يتم منع أقارب المهاجم من الحصول على تصاريح للعمل؛ ويتم فرض عقوبات على سكان القرية أو البلدة التي يخرج منها المهاجم.
وكان عضو الكنيست الإسرائيلي افي ديختر، رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، دعا إلى توسيع عمليات الهدم بموجب هذا القانون.
ويحمل الفلسطينيون بريطانيا مسؤولية النكبة التي حلت بهم في العام 1948 نتيجة الانتداب البريطاني الذي شجع الهجرة اليهودية إلى فلسطين وسلح الجماعات اليهودية التي نفذت مجازر ضد الفلسطينيين وساهم في طرد الفلسطينيين من أرضهم.
وكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مقالة في نهاية العام 2017" لقد خلقت السياسة البريطانية الداعمة للهجرة اليهودية إلى فلسطين مقابل تنكرها للحق العربي الفلسطيني في تقرير المصير توترات شديدة بين المهاجرين اليهود الأوروبيين والسكان الفلسطينيين الأصليين. وعانت فلسطين، التي أصبحت البند الأخير على جدول أعمال إنهاء الاستعمار، وعانينا نحن شعب فلسطين الذين نسعى إلى الحصول على حقنا غير القابل للتصرف في تقرير المصير من أكبر نكبة عرفها التاريخ المعاصر. ففي عام 1948 قامت المليشيات الصهيونية بطرد ما يقارب من مليون رجل وامرأة وطفل قسرا من وطنهم وارتكبت مجازر مروعة ودمرت مئات القرى في هذه العملية".