في الأسابيع الأخيرة تحولت منطقة ليبتاكو غورما في مالي إلى ساحة معركة بين تنظيمي "القاعدة" و"داعش" الإرهابيَّيْن.
وعلى الرغم من أن هذه المعارك بدأت في مارس/آذار الماضي، فإن حدَّتها زادت في الأيام الأخيرة.
ويبلغ عدد عناصر جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، التابعة لتنظيم "القاعدة" هناك نحو 5000 عنصر، بينما يصل عدد مقاتلي "داعش" إلى نحو 2500، ولكن إذا أخذنا في الاعتبار منطقة نشاط كل من التنظيمَيْن، فإن المعارك في شمال مالي متوازنة من حيث عدد المقاتلين في الجانبين.
ولا يتردد تنظيم "داعش" في قتل أعداد كبيرة من المدنيين دون التفكير في فِقدان دعم السكان المحليين، بينما تحاول جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" -القاعدة- إظهار أنها تقف إلى جانب المدنيين، وبالتالي تقديم نفسها على أنها المدافع عنهم ضد تنظيم "داعش".
وبعد مقتل زعيم تنظيم "داعش" في فبراير/شباط الماضي، وضع فرع التنظيم في منطقة الساحل الانتقالَ إلى شمال مالي أولويةً مهما كلفه ذلك من ثمن.
وفي أول نوفمبر/تشرين الثاني الجاري راجت أنباء في قنوات "القاعدة" و"داعش" على شبكات التواصل الاجتماعي تفيد بوقوع اشتباكات بين المجموعتَيْن في منطقة الحدود الثلاثية "ميناكا وغاو".
وتتحدث التفاصيل عن عدد كبير من القتلى، فيما يرفض فرع "القاعدة" التخلي عن السيطرة على الأراضي الواقعة وسط وشمال مالي، كما أن "داعش" ليس مستعدًّا للتوقف عن الضغط.
في اليوم نفسه، أفادت وسائل الإعلام المالية والشبكات الاجتماعية بمقتل نجل زعيم جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، إياد أغ غالي، في هجوم شنّه تنظيم "داعش" الإرهابي.. لكن مصادر أخرى نفت الخبر، مؤكدة أنه أصيب فقط.
ونشرت "نصرة الإسلام والمسلمين" بيانًا غير معتاد، أشارت فيه إلى المعارك مع "داعش"، مؤكدة مقتل أكثر من 60 "داعشيا" بين أغازرجان وتمالات، في 28 أكتوبر/تشرين الثاني المنصرم.. وأضافت أن نحو 30 من مقاتلي "نصرة الإسلام" قُتلوا أيضا.
وفي اليوم التالي، أبلغت الجماعة أن فرع "داعش في الصحراء الكبرى" أعاد تجميع صفوفه قرب "تمالات" وفي "شنانة"، حيث وقعت معركة كبيرة بين الجماعتين الإرهابيتين.
في 3 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، اندلعت اشتباكات بين "نصرة الإسلام" و"داعش" في "تنتاشوري" جنوب "ميناكا"، وهو مؤشر على رغبة "داعش" في مواصلة هجماته حاليا.
وأفادت مصادر محلية أن مجموعات "الطوارق" انخرطت في المعارك لمساعدة "نصرة الإسلام" الإرهابية، مدركة أنه إذا تمكن "داعش" من هزيمة "نصرة الإسلام"، التابعة لـ"القاعدة"، فسوف تهاجم شمال مالي، حيث يعيش "الطوارق".
وتشير منشورات "داعش" الصادرة في 3 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري إلى مقتل 14 من أفراد الطوارق من "غاتيا" في اشتباك على أرض "إنشوادجي"، الواقعة بمنطقة "غاو" في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وكجزء من استراتيجية "القاعدة"، فقد تمركز فرعها في نيجيريا "أنصارو" في معقله داخل غابة بحيرة "كينجي" الوطنية بنيجيريا، قرب الحدود مع بنين، رغم أن فرع "داعش في غرب أفريقيا" ينتشر هناك أيضا.
ووجه تنظيم "القاعدة" جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" للتمركز في غابة "بندجاري" الوطنية في شمال بنين، المتاخمة لغابة "أرلي" في بوركينا فاسو، حيث تنشط بالفعل "كتائب حنيفة" في شمال بنين، ما أدى إلى إغلاق المدارس ومهاجمة مخافر الشرطة.
ويتم الدفاع عن بوركينا الغربية من قبل فرع عرقية "البيول"، التابع لجماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، وفي مالي، حيث توجد الكتائب الرئيسية لتنظيم "القاعدة في الساحل"، تتمركز "أنصار الدين" و"جبهة تحرير ماسينا"، وهي بالضبط المنطقة التي يسعى فرع "داعش في الصحراء الكبرى" للسيطرة عليها وطرد خصومه منها.
لقد تضاعفت هجمات "داعش" مؤخرًا على مناطق سيطرة "القاعدة" من "ميناكا" إلى "غاو" في مالي، ما يمكن أن يعطينا فكرة عن نيّات التنظيم الإرهابي، والتي تشير هذه المرة إلى التوجه شمال البلاد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة