3 أيام تحت أنقاض غزة.. مأساة «حلا» الفلسطينية في عتمة الدم والردم
تحت أنقاض البنايات المنهارة، وفي عتمة الردم والدم، يكتب فلسطينيو غزة مآسي بتفاصيل شبيهة بأحداث درامية تضاهي الخيال في بشاعتها.
يتحدث محمد الصباغ عبر هاتفه وهو يبكي، مناشدا ابنة أخته حلا على الطرف الآخر من الخط، أن "تبقى قوية" حتى يتم انتشالها من تحت أنقاض بيتها في قطاع غزة.
وكانت تلك بداية معاناة استمرت 3 أيام بالنسبة للفتاة البالغة 15 عاما والتي تم إنقاذها أخيرا الثلاثاء لكنها فقدت 6 من أفراد أسرتها من بينهم والدها ووالدتها.
وتوضح حلا حازم حمادة وهي على سريرها في المستشفى، لوكالة فرانس برس الأربعاء كيف طلب الجيش الإسرائيلي يوم السبت الماضي إخلاء المسكن الذي كانوا يقيمون فيه في منطقة حمد بمحيط خان يونس جنوب القطاع الفلسطيني المحاصر.
وتضيف الفتاة أنه قبل أن تتمكن هي وأقاربها النازحون من شمال غزة بسبب القتال من المغادرة، "بدأ المبنى الذي دمرته الجرافات في الانهيار علينا، بدأوا بالغرف، فتوجهنا إلى غرف أخرى ونادينا عليهم (عناصر الجيش)، لكن لم يستجب أحد".
من جهته، قال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه نفذ عملية ضد "بنى تحتية إرهابية" في هذه المنطقة، حيث اعتقل "إرهابيين".
وتقول حلا إن كل أفراد أسرتها قتلوا ما عدا أختها بسنت التي ظلت تنادي عليها وتطلب منها إنقاذها لأنها اختنقت.
وتضيف: "لكن أنا كنت مش قادرة أتحرك لأن الردم كان على رجلي وبابا على رجلي".
وتوفيت شقيقتها، وظلت حلا لساعات طويلة تنتظر وحدها ليتم إنقاذها. وبسنت البالغة 19 عاما هي أحد أفراد عائلة هالة الستة الذين لقوا حتفهم.
"سنصل إليك"
اندلعت الحرب إثر الهجوم الذي شنته عناصر حماس في جنوب إسرائيل وأدى إلى مقتل ما لا يقل نحو 1200 شخص معظمهم من المدنيين، وفق إحصاء أجرته وكالة فرانس برس بناء على بيانات إسرائيلية رسمية.
وأدى الهجوم الإسرائيلي الانتقامي إلى مقتل أكثر من 30 ألف شخص في قطاع غزة، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
بينما كانت حلا محاصرة تحت الأنقاض، تمكن صحفي في وكالة فرانس برس من تصوير خالها محمد الصباغ وهو يكلمها هاتفيا.
وقال لها "حاولي تظلك بخير وخلي نفس عندك، ابقي قوية، إذا هناك شيء بجانبك كليه حتى تصمدي إلى أن نصل إليك".
ثم قدمت له حلا أخبارا فظيعة، قائلة "بابا كله دم".
وعند حديثها الأربعاء عن إنقاذها، توضح حلا أن الأشخاص الذين أنقذوها "صاروا يقصوا في الحجار والحديد من حولي إلى أن أخرجوني. وعندما أخرجوني، وضعوني على نقالة".
ورغم بدء تعافيها جسديا، بعد أن حرمت من الماء والطعام لثلاثة أيام، تشعر حلا بالصدمة بسبب فقدان عائلتها.
وتقول "أنا طلعت لكن بدي أشوف أهلي للمرة الأخيرة. أنا شفت بس أختي وبابا، لكن مطلعوهمش، ما زالوا تحت الردم، أقل ما فيها إني أشوفهم آخر مرة".