اقتصاد "حزب الله" الموازي.. تفاصيل مؤامرة "دويلة" لهدم لبنان
بعد المنظومة العسكرية المستقلة يستكمل "حزب الله" بناء اقتصاده الموازي عبر مؤسسات تجارية وغذائية ومالية وطبية منفصلة تماماً عن الدولة.
ورغم تسبب المنظومة الموازية بخسائر فادحة للاقتصاد، إلا أن "حزب الله" يتناسى مسؤوليته عن الوضع الذي أوصل إليه البلد، نتيجة سياساته وارتباطاته؛ وبدلاً من أن يعمل على المساعدة في حل المشكلة، خصوصاً أنّ له اليد الطولى داخل الدولة.
ومع اقتراب رفع الدعم عن المواد الأساسية بعد نفاد احتياطي المصرف المركزي من العملات الأجنبية بدأ الحزب بالإعلان عن خطواته تحت شعار "لن نجوع" وهي موجهة فقط لبيئته، وكانت قد بدأت منذ مدة عبر تأمين المساعدات المعيشية للأسر الأكثر فقراً في المناطق الشيعية.
- الفساد وحزب الله يقودان لبنان إلى نفق المجاعة.. 6 أشهر على نهاية الدعم
- "القرض الحسن".. مصرف حزب الله "غير الشرعي" في قبضة القراصنة
وبحسب أبناء بعض القرى الجنوبية، فإن ثلث الأسر في قرى الجنوب تقريبا، ينال هذه المساعدات العينية التي تؤمّن الحد الأدنى من الغذاء. ويقول أهالي المنطقة إن هذه المساعدات لا تشبه عمليات الإعاشة التي تقدمها الجمعيات، فهي غنية بكمياتها وتتميز باستمراريتها، تبدأ من ربطة الخبز وتنتهي بالخضار والفاكهة.
أما المرحلة الثانية التي سلكت طريق التنفيذ فهي إنشاء استهلاكيات تُفتح في مناطق هذه البيئة وتؤمَّن موادها مما تم تخزينه سابقاً في المناطق التي يسيطر عليها في سوريا، ويتم منح بطاقات تموينية، ليستفيد جمهوره من حسومات على هذه الاستهلاكيات تصل إلى نسبة 50%، وهي تأتي ضمن برنامج يحمل اسم "الإمام السجّاد".
هذه البطاقة التي يشترط أن يضع في حسابها قيمة نقدية أقصاها 300 ألف ليرة لبنانية، تخوله تبضّع منتجات غذائية وتموينية بقيمة توازي 700 ألف ليرة لبنانية والملفت في الأمر، أن البطاقة تجاوزت شراء مواد غذائية، وصولاً إلى تجهيزات منزلية، وأدوات كهربائية.
وانتشرت في اليومين الماضيين الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر هذه السوبرماركات الممتلئة في البضاعة، وتحرّم الدخول عليها لمن لا يحمل البطقات الصادرة عن الحزب فيما يتعارك باقي اللبنانيين على علبة حليب من هنا وكيلو سكر من هنا في المحلات التجارية خارج مناطق الحزب.
أما بالنسبة للقطاع الصحي، فالحزب يعتمد منذ مدة على صيدليات تبيع أدوية إيرانية للحزبيين، لكن أيضاً في المدة الأخيرة وبعد أن نال جمهوره عبر وزيره في الحكومة وزير الصحة حمد حسن، النسبة الأكبر من الأدوية المدعومة من خزينة الدولة بدأ بنشر "دكاكين" خاصة به تحت اسم صيدلية في أغلبية مناطق سيطرته.
على صعيد المستشفيات، فالخطة التي وضعها الحزب لمواجهة وباء كورونا هي استئجار مبانٍ ومستشفيات كانت متوقفة عن العمل، للحجر الصحي، فأيضاً استفاد من وجود وزيره في وزارة الصحة ليحصل على التمويل الأكبر فبدأ تجهيزها لتصبح مراكز صحية دائمة تعنى بالأمور الصحية كافة وليس فقط بمرضى كورونا.
أما زراعياً، فتم الانتهاء من وضع خطة زراعية شاملة كان يجب أن تبدأ منذ مدة لكنها تأخرت لأسباب مجهولة، وهي لا تشمل فقط الزراعة “البيتية” أو زراعة الأفراد لبعض الحاجيات التي سبق ودعمها، إن كان عبر مؤسساته مباشرة أو عبر البلديات، إنما تم إنشاء لجان زراعية في غالبية القرى يرأسها مهندس زراعي أو مختص من أبناء هذه القرية، تدرس المساحات المتروكة في القرى، والتربة الموجودة، والزراعات التي تنجح فيها، ليقوم بمرحلة ثانية بإنشاء تعاونيات زراعية تشتري هذا الإنتاج وهي تهتم ببيعه وتصريفه.
وهنا تجدر الإشارة إلى السوق العراقية التي تستورد كميات هائلة من السوق اللبنانية، وهي لا تكون خاضعة لفحوصات الجودة التي تطلبها الدول عادة للبضاعة المصدرة، وبإمكان الحزب التوجه إلى هذه السوق بكل سهولة وبساطة عبر قنواته الخاصة التي تتجاوز الدولة اللبنانية.
أما على الصعيد المالي، فقد افتتح الحزب مؤسسات تقدم خدمات مالية جديدة، من خلال جمعية مؤسسة القرض الحسن، تستهدف المواطنين من شرائح مختلفة وتدفع عبرها رواتب الحزبيين والمنتسيبن للحزب.
هؤلاء، بات يتسنى لهم إدخار أموالهم سواء أكانت بالليرة اللبنانية أو بالدولار الأمريكي ويُمكن الحزبي من التحكم بأمواله من خلال بطاقة إئتمانية ذكية وعبر خدمات آليات الصرف في مراكز الجمعية في عدد من المناطق اللبنانية.
وفي حال كان الإيداع بالدولار، فيستطيع المواطن إجراء سحوبات من دون سقوف بخلاف ما يحدث لدى المصارف اللبنانية، ويستطيع إتمام عمليات صيرفة وتحويل نقدي من الليرة إلى الدولار ضمن سعر صرف السوق طبعاً. العائق الوحيد أنه لا يتسنى إجراء عمليات تحويل إلى خارج لبنان.
وبالتالي عملياً، ما يجري التأسيس إليه هو نظام مصرفي كامل متكامل ومستقل ومعزول عن أي تدابير عقابية. وهذا النظام أيضاً يشبه إلى حد بعيد نظام الصيدليات الذي لا يرتبط بأي نظام عالمي.
وحتى الساعة يستمر "حزب الله"بدفع الرواتب والمخصصات بالدولار، لكنه بدأ باعتماد سياسة تقشف عبر إقفال عدد كبير من المكاتب وصرف عدد كبير من المتعاقدين، كما أنه قلّص إلى الحد الأدنى ما يعرف بدعم الحلفاء وهو دعم مادي لسياسيين ومجموعات حزبية لا تنتمي إلى بيئته بهف التحكم بها والسيطرة عليها.
والجديد منذ عدة أيام هو إطلاق صندوق يلزم الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار بالمساهمة فيه بجزء من رواتبهم عبر "فتوى شرعية رسمية" أطلقها إمينه العام حسن نصرالله ليتم عبره مساعدة المحتاجين من ضمن البيئة التابعة له، وهي ما تفسّر اقتطاعاً قسرياً من الرواتب لدفعها لعدد أكبر من الناس.
ووفق ما تقدم، يبدو أن عملية استكمال اقتصاد موازٍ كامل متكامل من كل الجهات قد أصبح ناجزاً لا يحتاج الكثير من الوقت لتكتمل عناصر الدويلة ضمن الدولة، فأصبح لكل وزارةٍ وزارةٌ موازية، ولكل مؤسسةٍ مؤسسةٌ موازية تدار من مكان واحد، لا ترتبط بالدولة الأمّ أو بالعالم الخارجي بشيء.
وفي هذا السياق، تقول الخبيرة الاقتصادية فيوليت غزال بلعة لـ "العين الاخبارية" "حزب الله" لطالما عمل وكأنه معزول عن لبنان الدولة، فبنى وبقدرة سلاحه، دويلة صغيرة قائمة على موارد مالية، مباشرة ونقدا من إيران، وغير مباشرة عبر عمليات تهريب أو تهرب من الرسوم التي تفرضها البوابات البحرية والبرية والجوية للبنان.
وتضيف "منذ نشأته، بادر الحزب إلى كودرة مؤسسات خاصة به لتعنى بالشأن الاجتماعي والاقتصادي والأمني لمجتمعه الأقرب الذي يضمّ عناصره ومناصريه وعوائلهم ومن بعدهم شهدائه. وقد ضاعف جهوده لعزل دورته المالية عن النظام المالي والمصرفي اللبناني، بدليل أن موارده المالية لا تمرّ بالنظم الروتينية بل تصل إلى أجهزته مباشرة، رغم أن العقوبات الأمريكية ضيّقت تلك القنوات وفرضت نظام "الكاش" (النقدي) الذي نجح في الإفادة منه إلى أبعد الحدود مع تفجر الأزمة النقدية والمالية قبل عام ونصف العام".
وأشارت إلى أن ان المتعاملين والمضاربين الذين يعملون لمصلحة "حزب الله" نجحوا في تحريك السوق السوداء المتفلتة من أي مراقبة وغير القابلة للضبط كونها تتعامل بنظام "الكاش" وتأجيج ارتفاعات الدولار للإفادة من فارق الأسعار.
وبحسب بلعة فإنه ليس غريبا أن نرى الحزب اليوم يبادر منفردا إلى إيجاد حلول للأزمة التي تعصف بجميع اللبنانيين، في مسعى منه للحفاظ على عوامل الترغيب التي يعتمدها للحفاظ على مجتمعه الضيق.
وتلفت إلى أن "حزب الله" يحاول منفردا إيجاد حلول اجتماعية ومعيشية لمجتمع عناصره ومناصريه رغم وجوده في الحكم منذ عقود سواء من خلال مشاركته في الحكومة أو في مجلس النواب، ويحاول في محطات حرجة إملاء قراراته حين لا يتوافق المشهد مع تموضعه السياسي أو الأمني أو الاقتصادي، مثل معارضته لفتح قنوات التفاوض مع صندوق النقد الدولي على برنامج انقاذي يتولى فرض الإصلاحات شرطا لاي تمويل ميسر قد يمنح للبنان، علما بأنه لم يوافق إلا بعد مضض وفرض شروط قد تفضي إلى تأجيل القيام بالإصلاحات المطلوبة.
وفي مجال آخر، تلفت إلى أن الحزب يلتزم الصمت حيال إهدار أموال المودعين التي فرضت حكومة حسان دياب اعتمادها على مصرف لبنان من خلال الصرف من الاحتياطي الأجنبي المتبقي (16 مليار دولار)، وذلك لرعايته عمليات تهريب السلع المدعومة والدولارات الطازجة عبر المعابر غير الشرعية إلى سوريا واقتصادها المتهالك، رغم أن محصلة الدعم المهرّب قُدّرت بنحو 60% من قيمتها الإجمالية التي بلغت نحو 7 مليارات دولار.
وتؤكد بلعة أن "حزب الله" يستفيد من وارد الدولة وهذا يحول دون قيام الدولة، وهو يفرض بقوة السلاح سيطرته على المرافق البحرية والجوية والبرية للاستفادة من موارد هذه الدولة ما يخسر الدولة أهم مواردها الأساسية هذا من جهة أما من الجهة الثانية فسياسية "حزب الله" تجُر على لبنان الحصار والعقوبات الدولية إضافة إلى خلق حالة عداء مع العرب والخليج فتوقف تدفق رؤوس الأموال والسياح وخلق حالة عزلة للبنان عن محيطه ما جفف دخول الأموال بالعملة الأجنبية إلى الاقتصاد اللبناني.
aXA6IDE4LjIyNi4yMjYuMTU4IA== جزيرة ام اند امز