في مهمة أشبه بأفلام التجسس، تنكرت زعيمة المعارضة الفنزويلية بين المراقبة والبحر المفتوح، من أجل الهروب والوصول إلى النرويج.
هذا ما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، مشيرة إلى أن زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو، تحركت مثل الشبح عبر نقاط تفتيش، من أجل الخروج من بلادها والوصول إلى النرويج من أجل تسلم جائزة نوبل للسلام.
هكذا بدأت الرحلة
ووفق ما طالعته "العين الإخبارية" في الصحيفة، فقد تسللت زعيمة المعارضة الفنزويلية عبر 10 نقاط تفتيش عسكرية للوصول إلى قارب صيد متوجه إلى كوراساو وطائرة خاصة متجهة إلى النرويج.
ولفتت الصحيفة إلى أن ماريا كورينا ماتشادو، بدأت عملية هروبها من فنزويلا، بعد ظهر الإثنين الماضي، "مرتدية شعرا مستعارا ومتنكرة".
كانت زعيمة المعارضة الفنزويلية تسعى للوصول إلى النرويج بحلول يوم الأربعاء، لتسلم جائزة نوبل للسلام التي فازت بها لتحديها رئيس بلادها نيكولاس مادورو.
وكان عليها أولا الانتقال من ضاحية كاراكاس، حيث اختبأت لمدة عام بسبب تهديدات السلطات باعتقالها، إلى قرية صيد الساحلية، حيث كان قارب صغير في انتظارها.
وعلى مدار عشر ساعات عصيبة، اجتازت ماتشادو وشخصان ساعداها في الهروب عشر نقاط تفتيش عسكرية، متفادية القبض عليها في كل مرة، قبل أن تصل إلى الساحل عند منتصف الليل، وفقا لمصدر مطلع على العملية.
استراحت لبضع ساعات، كما أفاد المصدر، قبل المرحلة التالية من رحلتها التي وصفها بأنها "محفوفة بالمخاطر" عبر البحر الكاريبي المفتوح إلى كوراساو.
وبحسب المصدر نفسه، انطلقت هي ورفيقاها على متن قارب صيد خشبي تقليدي في الساعة الخامسة صباحا، حيث عاقتهم الرياح العاتية والأمواج الهائجة.
هل تم التنسيق مع إدارة ترامب؟
وقال المصدر المطلع على العملية إنها كانت على وشك إتمام عملية هروب كانت قيد التخطيط منذ حوالي شهرين، ونفذتها شبكة فنزويلية ساعدت آخرين على الفرار من البلاد.
وأعلنت المجموعة أنها أجرت اتصالا مهما بالجيش الأمريكي قبل إبحارها، لتجنب غارة جوية مماثلة استهدفت أكثر من 20 سفينة مماثلة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وأسفرت عن مقتل أكثر من 80 شخصا.
وأضاف مصدر مطلع على العملية: "نسقنا أن تغادر السفينة من منطقة محددة حتى لا يتم تفجيرها".
وأفادت مصادر مطلعة أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كانت على علم بالعملية، لكن مدى مشاركتها لم يتضح.
وامتنعت البحرية الأمريكية ووزارة الدفاع (البنتاغون) عن التعليق. ونفى مسؤولون في الإدارة صحة الاتصال العسكري.
وذكرت الصحيفة، أنه في نفس وقت عبورهم تقريبا، حلّقت طائرتان من طراز إف-18 تابعتان للبحرية الأمريكية في خليج فنزويلا، وقضتا نحو 40 دقيقة تحلقان في دوائر ضيقة بالقرب من المسار المؤدي من الساحل إلى كوراساو، وفقا لبيانات تتبع الرحلات الجوية.
وكان هذا أقرب توغل للطائرات الأمريكية في المجال الجوي الفنزويلي منذ بدء الحشد العسكري الأمريكي في سبتمبر/أيلول.
الوصول إلى كوراساو
وصلت ماتشادو إلى كوراساو نحو الساعة الثالثة من مساء الثلاثاء. واستقبلها متعاقد خاص متخصص في عمليات الإجلاء، وفّرته إدارة ترامب، بحسب المصدر.
ونظرا لإرهاقها من الرحلة الطويلة، نزلت ماتشادو في فندق وقضت ليلتها هناك، وفقا للمصدر نفسه.
ومع شروق الشمس في كوراساو، ومع بدء توافد الضيوف إلى أوسلو، أقلعت طائرة خاصة وفّرها أحد شركاء الشركة في ميامي من الجزيرة متجهة إلى العاصمة النرويجية، بعد توقفها في بانجور، بولاية مين، بحسب المصدر.
قبل صعودها إلى الطائرة، سجلت ماتشادو رسالة صوتية قصيرة شكرت فيها "الكثيرين ممن خاطروا بحياتهم" لتتمكن من مغادرة فنزويلا.
وكان هروبها "سرا" للغاية لدرجة أن معهد نوبل صرّح لوسائل الإعلام النرويجية بأنه لا يعلم مكانها عند بدء حفل توزيع الجوائز في أوسلو.
وقال يورغن واتني فريدنيس، رئيس لجنة نوبل النرويجية، خلال حفل توزيع الجوائز إنها خاضت "رحلة في ظروف بالغة الخطورة".
بعد وصولها إلى أوسلو، وقفت ماتشادو على شرفة فندق غراند هوتيل المركزي في المدينة ولوّحت للمؤيدين. وهتفوا "فالينتي" -وهي كلمة إسبانية تعني "شجاع"- وأنشدوا النشيد الوطني الفنزويلي.