دراسة: هوس المثالية يؤثر على الصحة النفسية
عادة ينعكس السعي إلى الكمال بشكل إيجابي على الحياة العملية والمهنية، إلا أن ثمن ذلك قد يدفعه الشخص من صحتك العقلية والجسدية.
”ساعٍ للمثالية“ ”مثالي“ ”أسعى للكمال“، جمل مختلفة بمعنى واحد.. لن يهدأ لي بال حتى أنجز ما عليّ بأبهى صورة ممكنة، وأتجنب كل الأخطاء المحتملة، وأحقق كل التوقعات العالية وأنتج ما أعمل عليه بلا عيب يذكر.
عادة ينعكس السعي إلى الكمال بشكل إيجابي على الحياة العملية والمهنية، إلا أن ثمن ذلك قد يدفعه الشخص من صحتك العقلية والجسدية وفقاً لعدة دراسات وأبحاث علمية.
الكمالية وأنواعها:
يعرف الخبراء السعي إلى الكمال بأنه مجموعة من المعايير الشخصية العالية جداً والتقييم النقدي الذاتي المبالغ به.
وفي دراستهما في مجال ”المثالية“ قسم كل من جوردون فليت، الأستاذ في كلية الصحة بجامعة يورك في أونتاريو بكندا وبول هيويت أستاذ علم النفس في جامعة كولومبيا البريطانية، المثالية لثلاثة أنواع:
الكمال الذاتي: حيث يحمل الإنسان توقعات عالية جداً من نفسه ويتوقع النجاح والمثالية في كل خطوة من حياته، ما يعني الكثير من التوتر والقلق خلال أداء مختلف المهام.
الكمال الموجه نحو الآخرين: حيث تتوقع من الآخرين أن يكونوا كاملين، وتضع على عاتقهم توقعات مرتفعة، ما يؤثر سلبياً على علاقاتك بالتأكيد.
الكمال المحدد من قِبل المجتمع: وهو توقع رضا الوالدين، أو من تحب أو المجتمع عنك إن تصرفت بمثالية.
تأثير الكمالية على الصحة العقلية
تتأثر الصحة العقلية بالسعي نحو الكمال بحسب النوع الذي تعايشه وتسعى إليه ولأي درجة.
ويؤكد الباحثان توماس كوران، وهو محاضر في قسم الصحة في جامعة باث في المملكة المتحدة، وأندرو بي هيل، من جامعة يورك سانت، في دراسة حديثة أجرياها أن النوع الأسوأ هو الكمال المحدد من قِبل المجتمع، فله القدرة على إضعاف الشخص أكثر من أي نوع آخر.
ويظن الأشخاص في هذا النوع أن توافقهم مع المجتمع مطلب غاية في الأهمية، وأن الناس يحكمون عليهم بشدة، وأن عليهم إظهار الكمال لضمان قبولهم في المجتمع.
وبحسب مختصين، يرتبط هذا النوع بمشاكل صحية عقلية مثل القلق والاكتئاب والتفكير بالانتحار.
وبحسب دراسة أجراها معهد كارولينسكا في السويد، فإن نسبة كبيرة من المنتحرين من الأطفال والشباب كانوا ممن يسعون لتحقيق نظرة الوالدين لهم كما أن 70% ممن انتحروا من الشباب كانوا ممن يثقلون كاهلهم بتوقعات عالية جداً حول أنفسهم.
وتفيد دراسة أخرى بأن أكثر من نصف المنتحرين، وصفهم أحباؤهم بأنهم "مثاليون".
ويبدو أن السعي إلى الكمال يؤثر بشكل أساسي على الشباب واليافعين، حيث يعاني ما لا يقل عن 30% من طلبة الجامعة من أعراض الاكتئاب في مرحلة ما من حياتهم، وقد رُبطت المثالية والسعي لها بتلك الأعراض.
ويؤكد كل من كوران وهيل بعد دراسة شملت 40 ألف من طلبة الجامعة في أمريكا الشمالية، ارتفاع من يعانون من هوس الكمال بنسبة 33% في الفترة ما بين 1989–2016، ويشيع بين طلبة الجامعة النوع الأول، الكمال الذاتي، ويرتبط بالاكتئاب السريري واضطرابات الأكل والوفاة المبكرة.
أضرار الكمالية على الصحة الجسدية
تمتد أضرار السعي إلى الكمال إلى الصحة الجسدية، فقد أظهرت الدراسات أن هوس الكمال يترافق مع ارتفاع ضغط الدم، كما ارتبط بالإصابة بأمراض القلب.
وقد وجد كل من كوران وهيل في دراستهما أن المهتمين بالمثالية يواجهون صعوبة في التعافي من مرض السكري أو داء كرون أو التهاب القولون التقرحي أو الذين أصيبوا بنوبة قلبية.
ويقول الباحثون في هذا الصدد: "ليس من المفاجئ أن ترتبط الكمالية بالأمراض العضوية، فالسعي الحثيث إلى الكمال ما هو إلا وصفة للعيش في ضغط مزمن".
aXA6IDE4LjE4OC4xNDAuMjMyIA== جزيرة ام اند امز