اجتماعات «الخريف» للبنك الدولي وصندوق النقد.. عدم اليقين سيد الموقف

تنطلق الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لعام 2025، التي تُعرف غالبًا باسم اجتماعات الخريف، بداية من اليوم 13 أكتوبر/تشرين الأول في واشنطن العاصمة.
ورغم أن كل اجتماع نصف سنوي يتميز بطابعه التقليدي، حيث يدور إلى حد كبير حول الجلسات الرئيسية وإصدارات التقارير الرئيسية حول صحة الاقتصاد العالمي، إلا أن التحديات الاقتصادية والسياسية الشديدة التي تواجه مهمة هاتين المؤسستين تجعل هذا التجمع يبدو ذا أهمية بالغة.
وقبل اجتماعات الربيع في أبريل/نيسان، حذّر تقرير صادر عن الأونكتاد من أن الاقتصاد العالمي في طريقه إلى الركود، إلا أن الاقتصاد اتسم خلال العام بتقلبات غير عادية، كاشفًا عن قدر كبير من التقلبات، إلا أن المشاعر تجاه التوقعات الاقتصادية العالمية أصبحت الآن أكثر تباينًا.
وبينما يبدو هذا الأمر إيجابيًا، يحذر الخبراء من أن حالة عدم اليقين قد أصبحت منتشرة لدرجة أن المؤشرات التي يستخدمها الاقتصاديون لقياس عدم اليقين لم تعد تعكس بعضها البعض بشكل واضح، أي أن الاقتصاديين غير متأكدين من مستوى عدم اليقين الفعلي.
وفي الوقت نفسه، قد تصبح أجندات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي معقدة بسبب الضغوط السياسية الرامية إلى تبسيط مهامهما، مع وجود بعض مؤشرات النجاح، بحسب ما أفاد موقع "ديبلوماتيك كورير".
جدول الأعمال اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدوليين
ومع انطلاق الاجتماعات السنوية لعام ٢٠٢٥ لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، إليكم ما يمكن توقعه عبر أجندة اجتماعات الخريف لهذا العام.
ما مدى صحة الاقتصاد العالمي؟
وسيصدر صندوق النقد الدولي أحدث تقرير له عن آفاق الاقتصاد العالمي، والذي سيُظهر تباطؤًا طفيفًا في النمو العالمي هذا العام والعام المقبل، متجاوزًا التوقعات.
وأشاد تقرير أصدرته مؤخرًا منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنمو عالمي أكثر مرونة من المتوقع، مدعومًا بالأداء القوي في الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من الأسواق الناشئة.
وتُحذر كريستالينا غورغيفا، المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي، من أن حالة عدم اليقين هي الوضع الطبيعي الجديد، مُحذرةً من اتجاهات نظامية طويلة الأجل تُشير إلى أن حالة عدم اليقين ستزداد بدلًا من أن تنحسر، وأن مرونة الاقتصاد العالمي لم تُختبر بعد بشكل حقيقي.
تحدي مرونة الاقتصاد العالمي
لقد فاجأت مرونة الاقتصاد العالمي العديد من الاقتصاديين (ولكن ليس جميعهم).
وشهدت الأسواق الناشئة نموًا واعدًا في المرونة، مع تحسن أطر السياسة النقدية، وتعزيز البنوك المركزية استقلاليتها عن الهيمنة المالية وعن السياسة النقدية الأمريكية.
إلا أن الحظ لعب دورًا أيضًا، وفقًا لصندوق النقد الدولي، فقد دعمت قدرة القطاع الخاص على التكيف المرونة في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، بينما عزز تحسن أساسيات السياسات المرونة في الأسواق الناشئة، إلا أن المخاوف لا تزال قائمة بشأن نتائج التعريفات الجمركية على المدى الطويل، وأن الظروف المالية الداعمة تُخفي حاليًا المشكلات الأساسية بدلًا من معالجتها.
وهناك اتفاق واسع النطاق على الحاجة إلى الإصلاح، ولكن ليس على ما يستلزمه ذلك.
ويُحذر بعض أصحاب المصلحة في المجتمع المدني من أن إصلاح مؤسسات بريتون وودز كان تدريجيًا للغاية، وأنه بدون إصلاح جذري، لن تتمكن هذه المؤسسات من مواكبة الضغوط السياسية والاقتصادية.
وخلال اجتماعات مجموعة البريكس في يوليو/تموز، أصدر وزراء مالية الدول الأعضاء بيانًا مشتركًا، ولأول مرة، يتضمن موقفًا موحدًا لمجموعة البريكس بشأن إصلاحات صندوق النقد الدولي.
وتشمل إصلاحاتهم المقترحة إنهاء هيمنة الغرب على قيادة صندوق النقد الدولي، واعتماد آلية ضمان جديدة لخفض تكاليف التمويل في الأسواق الناشئة من خلال بنك التنمية الجديد التابع لمجموعة البريكس.
وفي غضون ذلك، من المتوقع أن تواصل الولايات المتحدة الضغط على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإجراء إصلاحات تخدم مصالحهما، وليس العكس.
وفي الوقت نفسه، تدعو الاتحادات المالية العالمية إلى سياسات تدعم التنمية المستدامة وحقوق الإنسان، بدلاً من السياسات التقليدية الداعمة للأصولية المالية.
أزمة الديون
وفي أواخر العام الماضي، أصدر البنك الدولي تقريرًا يحذر من أن مدفوعات فوائد الديون الخارجية في الدول النامية وصلت إلى أعلى مستوى لها في 20 عامًا، مما جعل الكثيرين يعتمدون على البنك الدولي والمؤسسات المماثلة كطوق نجاة اقتصادي.
ومع ذلك، غطى هذا التقرير بيانات عام 2023، ووجد تقرير جديد لصندوق النقد الدولي أن الدين العالمي استقر إلى حد كبير في عام 2024.
ووجدت ورقة سياسات أصدرها صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع أن البنية القانونية لتسوية الديون السيادية التي يحتفظ بها دائنو القطاع الخاص تؤدي وظيفتها إلى حد كبير، على الرغم من أن إخفاقات التنسيق وجداول إعادة الهيكلة الطويلة لا تزال تُشكل نقاط ضعف.
حالة عدم اليقين
والنتيجة للاتجاهات الاقتصادية الحالية هي حالة من عدم اليقين مرتفعة للغاية، فقد ارتفعت عالميًا بشكل حاد ولا تزال ترتفع، وتقول كريستالينا غورغيفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، "استعدوا جيدًا. عدم اليقين هو الوضع الطبيعي الجديد، وسيبقى".
ويقول أجاي بانغا، رئيس مجموعة البنك الدولي، "نحن عند نقطة تحول في مسيرة التنمية، من جهة، نواجه تحديات مألوفة كالفقر والهشاشة والصراعات وتزايد الديون، والحاجة إلى بناء القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ في كل ما نقوم به، ومن جهة أخرى، نواجه طفرة ديموغرافية متسارعة في الأسواق الناشئة، مما يُتيح لنا فرصةً لمستقبلنا".
- الأنظار على الاقتصاد والوظائف
بالنسبة للبنك الدولي، يرجّح بأن يبقى التركيز على خلق فرص العمل في وقت يتوقع بأن يشارك رئيسه أجاي بانغا في عدة فعاليات تهدف لتعزيز المشاركة في سوق العمل في بلدان تواجه نموا في عدد السكان.
وسيعقد صندوق النقد الدولي مؤتمرات صحافية لبحث تقاريره المعتادة التي تركّز على الاقتصاد العالمي والسياسة المالية والاستقرار المالي العالمي.
وستجري أثناء الاجتماعات جلسة حوارية بشأن أوكرانيا التي ما زالت تتعرض لهجمات يومية تقريبا بالمسيرات والصواريخ بعد أكثر من ثلاث سنوات على بدء الحرب الروسية الأوكرانية.
وستشكّل المناسبة فرصة لبحث "الاحتياجات لمواصلة دعم أوكرانيا والجهود اللازمة لإعادة إعمارها"، بحسب صندوق النقد الدولي.
كما سيجتمع وزراء مالية دول مجموعة السبع للاقتصادات الغربية المتقدّمة إضافة إلى اجتماع لمجموعة العشرين التي تضم الولايات المتحدة والصين.
- توترات تجارية
حتى قبل اندلاع آخر سجال تجاري، زادت خطط ترامب للرسوم الجمركية الضرائب على الواردات إلى أعلى مستوى لها منذ عقود، ما أدى إلى تباطؤ النمو وارتفاع الأسعار.
لكن حتى الآن، فإن "جميع المؤشرات تدل إلى اقتصاد عالمي صمد بالمجمل أمام الضغوطات الحادة الناجمة عن الصدمات المتعددة"، بحسب غورغييفا.
وأضافت بأن "العالم تجنّب حتى الآن الانزلاق في حرب تجارية تقوم على خطوات انتقامية".
وما زال البيت الأبيض يصر على أن التأثيرات طويلة الأمد للرسوم الجمركية ستكون إيجابية بالنسبة للولايات المتحدة، مشيرا إلى تأثيرها الاقتصادي المحدود نسبيا حتى الآن.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjE3IA== جزيرة ام اند امز