اليوم الدولي للتنوع البيولوجي.. جهود إماراتية رائدة ومبادرات ملهمة
جهود رائدة ومبادرات ملهمة يستذكرها العالم بالتزامن مع احتفاله، الإثنين، باليوم الدولي للتنوع البيولوجي الذي يصادف 22 مايو من كل عام.
وتولي دولة الإمارات قضية تعزيز التنوع البيولوجي والمحافظة على الحياة الفطرية وتنميتها، اهتماماً بالغاً.
ظهر ذلك بشكل جلي في الجهود الضخمة التي تبذلها من أجل الحفاظ على استدامة البيئة ومواجهة تحديات التغير المناخي، بدءاً من سن التشريعات ومراقبة تطبيقها، مروراً بإنشاء المناطق المحمية والتوسع فيها، وإطلاق المبادرات البيئية والحملات التوعوية، ودعم الدراسات العلمية في مجال صون التنوع البيولوجي، والمحافظة على الأنواع المهددة بالانقراض وإكثارها وإعادة توطينها في مناطق انتشارها الطبيعية، وانتهاءً بتنسيق ودعم الجهود الدولية لتعزيز التنوع البيولوجي.
مؤتمرات دولية
على الصعيد الدولي، تلعب الإمارات دوراً مهماً في صون التنوع البيولوجي، سواء من خلال مشاركتها الفاعلة في المنظمات والاتفاقيات الدولية والمؤتمرات واللقاءات الدولية ذات الصلة، أو من خلال حرصها على حشد الجهود الإقليمية والدولية لحماية التنوع البيولوجي والأنواع المهددة بالانقراض وإكثارها وإطلاقها في مناطق انتشارها الطبيعية ومحاربة ظاهرة الاتجار غير المشروع بها.
قمة "COP28"
ضمن أحدث جهودها في هذا الصدد، تستضيف الإمارات الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28) خلال الفترة من 30 نوفمبر/ تشرين الثاني إلى 12 ديسمبر/ كانون الأول من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي.
وهي القمة المعنية بمكافحة تغير المناخ، الذي يهدد التنوع البيولوجي، الذي يعد أساس الحياة على كوكب الأرض.
ويرتبط كل من تغير المناخ والتنوع البيولوجي ارتباطا وثيقا، ففيما يتسبب التغير المناخي في تدهور التنوع البيولوجي، فإن تعزيز التنوع البيولوجي يمكن أن يدعم الجهود المبذولة للحد من الآثار السلبية لتغير المناخ.
وسيضع مؤتمر "كوب 28 " حماية التنوع البيولوجي في صميم جدول أعماله.
مؤتمر الحفاظ على الطبيعة
أيضا على صعيد تعزيز دور وجهود الإمارات الرائدة في استضافة المؤتمرات والفعاليات العالمية، وافق مجلس الوزراء 28 مارس/ آذار الماضي على استضافة المؤتمر العالمي للاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة IUCN) )في إمارة أبوظبي عام 2025، على أن تتولى وزارة التغير المناخي والبيئة وهيئة البيئة - أبو ظبي بالتنسيق مع الجهات المعنية، تنفيذ هذا القرار، وذلك بهدف إبراز جهود الإمارات في المحافظة على الطبيعة، وترسيخ ريادتها في مجال الحفاظ على التنوع البيولوجي.
ويعد مؤتمر الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة من أهم الأحداث المتعلقة بالبيئة والحفاظ على التنوع البيولوجي، ويدعم تطوير جدول الأعمال العالمي للحفاظ على التنوع البيولوجي والبيئة، كما يعد واحداً من أكبر التجمعات من نوعه، ويستقطب نحو 10 آلاف خبير من 160 دولة.
مبادرات رائدة
100 مليون شجرة قرم.. وتحالف دولي
على صعيد مباداراتها الرائدة لحفظ التنوع االبيولوجي، عززت دولة الإمارات طموحها لتوسيع غطاء غابات القرم (المانغروف) من خلال زيادة هدف زراعة أشجار القرم من 30 مليون - التي أُعلن عنها سابقاً ضمن التقرير الثاني للمساهمات المحددة وطنياً وفقاً لاتفاق باريس للمناخ - إلى 100 مليون شجرة بحلول 2030.
مبادرة رائدة أعلنت عنها الإمارات في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، أتبعتها بمبادرة أخرى ملهمة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، بإطلاق تحالف القرم من أجل المناخ بالشراكة مع إندونيسيا.
ويهدف التحالف إلى دعم وتعزيز وتوسيع مساحات غابات القرم عالميا كأحد الحلول القائمة على الطبيعة لمواجهة تحدي تغير المناخ، وجهود امتصاص وعزل انبعاثات غازات الدفيئة عالمياً حيث تساهم أشجار القرم في تعزيز مواجهة تداعيات التغير المناخي مثل الأعاصير، والعواصف، والفيضانات.
كما تعد أشجار القرم مخزناً للكربون بنسبة تصل إلى أربعة أضعاف الغابات الاستوائية المطيرة البرية، وتوفر مناطق خصبة وموائل طبيعية آمنة للتنوع البيولوجي البحري، وتعتمد 80% من مجموعات الأسماك العالمية على النظم الأيكولوجية الصحية لأشجار القرم.
تجربة فريدة
تمتلك الإمارات تجربة رائدة في المحافظة على "التنوع البيولوجي"، فعلى الرغم من التطور الذي تشهده الإمارات طوال الـ51 عاماً الماضية على مستوى النمو السكاني والاقتصادي، إلا أنها نجحت في تحقيق توازن رائع في علاقتها مع الطبيعة وجهود المحافظة على التنوع البيولوجي.
يأتي ذلك انطلاقا من رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على تحقيق التوازن بين ما تنشده الإمارات من نهضة اقتصادية واجتماعية وبين الحفاظ على موروثاتها الثقافية والاجتماعية والبيئية.
ويشكل الحفاظ على البيئة والأنواع الحية المهددة بالانقراض أحد أهم ركائز نهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ليس من منظور بيئي فحسب، بل كون هذه الأنواع الحية المهددة بالانقراض تشكل جزءا لا يتجزأ من الهوية الوطنية لكل فرد إماراتي.
من خلال هذا النهج- التي تسير عليه القيادة الإماراتية حتى اليوم- قدمت الإمارات دعما لا محدود لحماية التنوع البيولوجي عبر منظومة متكاملة من الجهود شملت إيجاد بنية تشريعية متكاملة تضمن حمايتها ومعاملتها بالآليات التي تحقق استدامتها.
تشريعات
حظيت قضية التنوع البيولوجي باهتمام بالغ في دولة الإمارات منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فقد كرسَ جزءاً كبيراً من حياته لحماية الطبيعة لتنعم الأجيال المقبلة ببيئة حيوية مستدامة، ولم تقتصر هذه الجهود على المستوى المحلي فقط، بل امتدت على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
وأصدرت الإمارات العديد من التشريعات الخاصة بحماية تنوعها الحيوي مثل القانون الاتحادي رقم (23) لسنة 1999 في شأن استغلال وحماية وتنمية الثروات المائية الحية في دولة الإمارات، والقانون الاتحادي رقم (24) لسنة 1999 بشأن حماية البيئة وتنميتها والذي يحظر صيد أو نقل أو قتل أو إيذاء الكائنات البرية أو البحرية أو القيام بأعمال من شأنها القضاء عليها وإتلاف أو تدمير التكوينات الجيولوجية أو الجغرافية أو المناطق التي تعد موطناً لفصائل الحيوان أو النبات أو لتكاثرها وإدخال أجناس غريبة للمنطقة المحمية وتلويث تربة أو مياه أو هواء المنطقة المحمية.
كما أصدرت في هذا الخصوص القانون الاتحادي رقم (11) لسنة 2002 بشأن تنظيم ومراقبة الاتجار الدولي بالحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض ولائحته التنفيذية.
وتضمنت التشريعات التي تستهدف حماية البيئة أيضاً القانون الاتحادي رقم (9) لسنة 2020 في شأن السلامة الأحيائية من الكائنات المحورة وراثياً ومنتجاتها ولائحته التنفيذية، والقانون الاتحادي رقم (8) لسنة 2021 في شأن الحصول على الموارد الوراثية ومشتقاتها والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدامها ولائحته التنفيذية.
زيادة المحميات الطبيعية
على رأس الجهود الإماراتية لاستدامة التنوع البيولوجي، إنشاء المناطق المحمية والتوسع فيها.
وتسعى دولة الإمارات من وراء التوسع في إنشاء المحميات الطبيعية إلى تحسين البيئة، وحماية الحياة البرية والبحرية، والحد من تدهور الموائل الطبيعية، ووقف فقدان التنوع البيولوجي، بالإضافة إلى الترويج للسياحة البيئية المحلية، حيث ساهمت هذه المحميات في تعزيز مكانة الدولة على خريطة العمل البيئي العالمي وتوفير بيئة آمنة للحياة الفطرية عززت جهود المحافظة على الأنواع وإكثارها وإعادة توطينها في مناطق انتشارها بنجاح.
ونجحت الإمارات في زيادة عدد المحميات الطبيعية، من 19 محمية عام 2010 إلى 49 محمية برية وبحرية حاليا، بعد إضافة خمس مناطق جديدة عام 2020.
وتسهم تلك المحميات في المحافظة على الثروات الطبيعية للدولة، وتضم كثيراً من الأنواع المهددة بالانقراض.
وتحتضن دولة الإمارات 49 محمية طبيعية، تمثل نحو 15.53% من إجمالي مساحة الدولة وتنقسم هذه المحميات الطبيعية إلى 16 محمية بحرية تمثل نحو 12.01% من المناطق البحرية والساحلية و33 محمية برية تمثل 18.4% من المناطق البرية في الدولة.
وعززت دولة الإمارات خططها لتوسيع انتشار المحميات الطبيعية، وإطلاق برامج إكثار الأنواع المهددة بالانقراض وإعادة توطينها في مناطق انتشارها الطبيعية، وتبادل الخبرات المعرفية وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي بهذا المجال، عبر إطلاق عدد من الاستراتيجيات وهي الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي، والاستراتيجية الوطنية لمكافحة التصحر، واستراتيجية استدامة البيئة البحرية والساحلية والإطار الوطني لاستدامة الثروة السمكية.
الحياة البرية المستدامة
أيضا ضمن مبادراتها الرائدة التي تتماشى مع الهدف رقم 14 من أهداف التنمية المستدامة والمتعلق بالحياة تحت الماء والهدف 15 والخاص بالحياة على اليابسة، سبق أن أطلقت الإمارات مبادرة الحياة البرية المستدامة التي تهدف إلى ضمان الحياة البرية المستدامة في الإمارات إلى جانب رفع مستوى الوعي حول مدى أهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي.
وتستند المبادرة إلى 3 ركائز أساسية تتمثل في المشروع الوطني لقائمة الأنواع المهددة بالانقراض "القائمة الحمراء"، وبرنامَج مناطق الطيور الهامة، ومشروع كنوز الطبيعة في الإمارات لتعزيز السياحة البيئية.
استراتيجيات وطنية
بالإضافة إلى تلك التشريعات والمبادرات، تنفذ الإمارات حزمة واسعة من البرامج الخاصة بالمحافظة على "التنوع البيولوجي" وذلك في سياق الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي، والاستراتيجية الوطنية لمكافحة التصحر، واستراتيجية استدامة البيئة البحرية والساحلية والإطار الوطني لاستدامة الثروة السمكية، وبما يتوافق مع توجهات الأمم المتحدة في هذا السياق.
وتستهدف الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي التصدي للأسباب الكامنة وراء فقدان التنوع البيولوجي عن طريق دمج قيم التنوع البيولوجي في جميع قطاعات الدولة، وخفض الضغوط المباشرة على التنوع البيولوجي وتعزيز الاستخدام المستدام، وتحسين حالة التنوع البيولوجي عن طريق صون النظم البيئية والأنواع والتنوع الوراثي.
وتشمل استراتيجية التنوع البيولوجي 5 موجهات استراتيجية و21 هدفاً وطنياً، وقد تم صياغة الموجهات والأهداف الوطنية بما يتماشى مع الأجندة الوطنية، وأهداف التنمية المستدامة وبما ينسجم مع الأولويات الوطنية ومع أهداف اتفاقية "آيشي للتنوع البيولوجي" التي تم توقيعها في عام 1992 وتم تنفيذها في عام 1993 بموجب قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة.
كما أطلقت اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي في 2022، الإطار العالمي للتنوع البيولوجي لما بعد عام 2020 وذلك لتوجيه الدول حول كيفية المحافظة على التنوع البيولوجي من خلال وضع أهداف عالمية تساهم في تنفيذ الإطار العالمي. وعلى أثر ذلك عملت الإمارات على تحديث الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي 2014 – 2021، حيث جرى تحديث الاستراتيجية الوطنية وذلك من خلال تشكيل فريق وطني مسؤول عن تحديث الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي مكون من السلطات المختصة في كل إمارة.
ويدرس الفريق التقدم المحرز في تنفيذ الاستراتيجية السابقة وتحليل نقاط القوة ونقاط الضعف والفرص والتهديدات (SWOT Analysis) الناتجة عنها، حيث يجري العمل على تحليل العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والقانونية التي تؤثر على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي (PESTLE Analysis)، بهدف وضع رؤية ورسالة وموجهات وأهداف جديدة موائمة للسياسات الوطنية والدولية والإطار العالمي للتنوع البيولوجي لما بعد 2020.
ثقة دولية
تلك الجهود الرائدة، توجت بثقة دولية في الإمارات وكفاءاتها، بتسلم رزان خليفأة المبارك رئاسة الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة منذ 8 سبتمبر/ أبلول 2021، قبل أن يتم تعيينها في يناير/ كانون الثاني الماضي رائدة الأمم المتحدة لتغير المناخ في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في دورته الثامنة والعشرين "COP28".
وبصفتها الرئيس الحالي للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة تشرف المبارك على تنفيذ رؤية الاتحاد ورسالته واستراتيجيته والذي يضمّ أكثر من 1,400 عضو يمثلون دولاً وهيئات ومنظمات حكومية وغير حكومية من 160 دولة.
كما تتولى مسؤولية تعزيز المشاركة وحشد الجهود من الجهات الفاعلة غير الحكومية، بما في ذلك القطاع الخاص والمدن، والحكومات المحلية، والشعوب الأصلية والمجتمع المدني، لتعزيز التعاون بين الجهات الحكومية وغير الحكومية لتحفيز العمل المناخي.
aXA6IDMuMTM2LjI1LjI0OSA= جزيرة ام اند امز