إيران في مؤتمر إعمار العراق.. تضليل سياسي وأيادٍ مغلولة
رغم مشاركة إيران بمؤتمر إعادة إعمار العراق إلا أن وزير الخارجية لم يعلن عن نية بلاده لتقديم دعم مالي للعراقيين.
بدت مشاركة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في مؤتمر إعادة إعمار العراق الذي استضافته الكويت، الأسبوع الماضي ضرباً من التضليل السياسي والمراوغة التي لطالما عرفت بها طهران.
ففضلاً عما يمثله النظام الإيراني كونه أحد المعاول التي هدمت العراق الذي تنادى له الأصدقاء خفافاً لنداء الإعمار بملبغ 30 مليار دولار، كانت أيادي الملالي مغلولة، ليخرج ظريف من المؤتمر دون أن يعلن عن تبرع بلاده.
لتدفع المشاركة الإيرانية في مؤتمر إعمار العراق بالحضور دون المساهمة، الباب واسعاً أمام التكهنات التي تضع في الاعتبار سخاء طهران منقطع النظير في تجييش المليشيات الطائفية بالمنطقة ومدها بالأسلحة والدعم اللوجيستي منذ عدة أعوام.
لكن وما أن أعلن العراق عزمه إعادة إصلاح البنى التحتية وترميم المنازل والمواقع الأثرية وإعادة اللاجئين، حتى تحلت طهران بصمت القبور.
مشاركة رمزية
بيد أن العلاقة القوية التي تجمع نظام الملالي ببعض فصائل الحشد الشعبي بالعراق، تؤكد أن المصلحة السياسية والبحث عن النفوذ فقط هما ما يحكم تحركات طهران في البلاد، ما يفسر حضورها للمؤتمر دون إبداء أي رغبة في التعاون أو المساندة في مرحلة إعادة الإعمار.
وفي واقعة تتعارض مع البروتوكولات السياسية، أبدى وزير الخارجية الإيراني امتعاضه من الوقوف بجوار المشاركين بالمؤتمر، والتقاط الصورة الجماعية. ليشير بلهجة عنجهية، إلى أن بلاده قامت بدورها الكامل نحو العراق.
ويقول، الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن " إيران اكتفت بالحضور فقط، دون تقديم رؤية لدعم ومساندة العراق، رغم أن التوقعات التي سبقت مؤتمر الكويت كانت تسير في اتجاه تقديم طهران دعما ماديا مثل باقي المشاركين"، واصفًا مشاركة إيران بـ"المشاركة الرمزية".
وأضاف في تصريحات لـ "العين الإخبارية" أن النظام الإيراني الذي يملك حلفاء داخل العراق، يعتمد دائمًا على الدعم الاستراتيجي واللوجستي لهذه الفصائل المتطرفة، دون التفكير في تقديم أموال للبناء والإصلاح"، مؤكدًا أن السيطرة ونشر النفوذ هما أبرز آليات إيران بالمنطقة
خبث سياسي
وبلغ حجم الدمار والخراب الذي لحق بالعراق بعد ظهور تنظيم "داعش" الإرهابي عام 2014، نحو 100 مليار دولار.
ليعلن رئيس الحكومة العراقية، أن متطلبات مرحلة إعادة الإعمار 88.2 مليار دولار للمشروعات الكبرى، ونحو 56 مليار دولار لخطة البناء على المدى المتوسط، و22 مليار دولار لخطة إعمار عاجلة.
ووصف فهمي التصرفات الإيرانية بـ "المكر والخبث السياسي"، مشيرًا إلى أن طهران تتمسك بوجودها داخل الأراضي العراقية، بطريقة غير مباشرة والتوغل داخل الاستثمارات المحلية العراقية.
"استثمار حضورها السياسي والاستراتيجي بالأنشطة الاقتصادية" بهذه العبارة حلل أستاذ العلوم السياسية، خطة النظام الإيراني في التوغل ونشر نفوذه بالعراق، ملمحًا إلى عدد من المشروعات والشراكات التي وقعتها طهران مع شركات متعددة الجنسيات مسؤولة عن عملية إعادة الإعمار.
المصلحة أولًا
البحث عن المصلحة السياسية والاقتصادية.. شعار نظام الملالي في المنطقة، خاصة مع تشديد العقوبات الاقتصادية المفروضة على الشركات والاستثمارات الإيرانية من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، لتعمل طهران على نشر الطائفية والتمدد السياسي داخل العراق عبر دعم فصائل الحشد الشعبي، ما يجعل من الشراكة والاستثمار لإعمار المدن المحررة، ذريعة جديدة لاستغلال العراق اقتصاديا وتعويض الخسائر الجمة التي لحقت بها جراء العقوبات الأمريكية.
وأدت سياسة طهران إلى رفع الأسعار وتفاقم الفجوة بين مستوى المعيشة ونسب دخول الإيرانيين.
ومنذ بدايات القرن العشرين توغلت طهران في اقتصاد العراق، متمركزة في مجالات السيارات وقطاع السياحة والقطاعات التجارية والصناعية. لتعمل طهران على مد التواصل إلى إقليم كردستان في مجال البناء والاتصالات والبنوك والصرفات بنهاية 2003.
وفي الوقت نفسه أصبح العراق سوقا لترويج المنتجات والسلع الإيرانية، كجزء من عملية نشر ثقافة وأسلوب حياة الإيرانيين بين العراقيين.
واعتبر فهمي أن موقف طهران من المؤتمر، يمثل توظيفاً للوضع العراقي لصالح المشهد الإيراني، دون أن يكون هدفه تقديم يد العون والمساعدة للعراقيين.
وخلال الفترة الماضية، وقعت إيران عدة اتفاقيات مع شركات عراقية، لتولي مسؤولية إعادة البناء والإعمار، ما يدلل على استمرار النهج لضمانة الاحتفاظ بالنصيب الأكبر والتغلغل اقتصاديًا.
aXA6IDE4LjIyMy4xOTUuMTI3IA== جزيرة ام اند امز