لباس "القَّشَّابِيَّة".. "مدفأة" رجال الجزائر في الشتاء
"القَّشَّابِيَّة" تشتهر بكونها لباس ثوار الجزائر، وتعتبر أغلى لباس تقليدي رجالي عربي.
"القَّشَّابِيَّة" الجزائرية، هي اللباس التقليدي الوحيد الذي يرتديه رجال الجزائر في غالبية مناطق البلاد على اختلاف عاداتها وتقاليدها.
"القَّشَّابِيَّة" الجزائرية هي أيضا ذلك الموروث التقليدي التاريخي الذي "رفض الاندثار" بعوامل "الموضة"، توارثته الأجيال منذ عشرات السنين، وبقي ذلك التقليد الراسخ أحد أهم مقومات الشخصية الرجالية الجزائرية، الذي لا يمكن الاستغناء عنه.
- "الكاراكو".. علامة ثقافية مسجلة لزي المرأة الجزائرية
- بالصور: الشدة التلمسانية .. جزائريات بزي أميرات الأندلس
يُفَضَّل ارتداء "القَّشَّابِيَّة" في فصل الشتاء، حيث يعتبرها كثير من الشباب بمثابة "المدفأة المتنقلة" التي تقي من برودة الطقس الشديدة التي تعرف بها غالبية المناطق الجزائرية حتى الصحراوية منها في فصل الشتاء التي تصل إلى ما دون الصفر، إضافة إلى شكلها الذي يمنح هيبة ووقاراً لصاحبها.
ارتبط لباس "القَّشَّابِيَّة" الجزائري بالثورة التحريرية الجزائرية، وكانت "اللباس الرسمي" لثوار الجزائر، ساعدهم على تحمل قساوة الطبيعة الجزائرية، ما زاد هذا اللباس الشعبي قيمة كبرى عند الجزائريين، وجعله يتربع على عرش اللباس التقليدي الرجالي في الجزائر، ولم تعد "القَّشَّابِيَّة" مجرد لباس محصن من البرد ومنافس لكل الألبسة الشتوية الحديثة، بل هي رمز للهمة والرجولة والقوة، والافتخار بتاريخ مشرف.
"القَّشَّابِيَّة" أغلى لباس عربي للرجال
لا مجال للمبالغة إذا قيل إن لباس "القَّشَّابِيَّة" هو أغلى لباس عربي رجالي، كونه مصنوعا من الوبر الخالص، إذ يتراوح سعره ما بين 800 دولار و4000 دولار، وأقله ثمناً يصل إلى 400 دولار.
- "الرَّحَّابَة" و"البَارودْ".. توابل الأعراس الجزائرية الأصيلة
- متحف الفن المعاصر.. يمزج بين ثقافة الجزائر وإرث الأندلس
و"للقَّشَّابِيَّة" الوبرية أنواع مختلفة، منها البيضاء والبُنية والدرعاء، والأخيرة مصنوعة من صوف الغنم الأسود، وتشتهر عديد المناطق الجزائرية بصناعة هذا اللباس التقليدي، من بينها منطقة "مسعد" بولاية الجَلْفَة التي تعتبر الأشهر والأغلى في الجزائر، ومنطقتي "سيدي خالد وأولاد جلال" بولاية بَسْكْرَة التي تشتهر بـ ""القَّشَّابِيَّة" البيضاء منذ الخمسينيات، ومنطقة "عين جاسر" بولاية باتْنَة وهي عاصمة الثورة الجزائرية.
ورغم ارتفاع سعرها، إلا أن "القَّشَّابِيَّة" تبقى كذلك "لباس الأغنياء والفقراء"، نظراً لوجود أنواع أخرى أقل ثمناً وتقي هي الأخرى من برد الشتاء، من بينها "قَشَّابِيَّة المَلْف"، "الكاشمير"، و"قَشَّابِيَّة الكَتَّان".
صناعة القَّشَّابِيَّة
إذا ذُكر اسم "القَّشَّابِيَّة" فيتبادر إلى الأذهان منذ الوهلة الأولى "القَّشَّابِيَّة الجَلْفَاوية" نسبة إلى مدينة "الجَلْفَة" التي تعتبر الأغلى والأكثر جمالاً وصلابة، وتشتهر منطقة "مسعد" بكونها "المنتج الأول للقَّشَّابِيَّة" في الجزائر.
- بالصور.. "شاشاوي" عاصمة الحصان الجزائري الأصيل
- بالصور.. "التَّصْديرَة"و"المْحَزْمَة" طقوس العروس الجزائرية
ولا يخلو أي بيت في هذه المنطقة من مختلف معدات النسج مثل "الخَشْبَة"، "الخُلالة" و"الأوتاد"، "القَرْداش"، "المغزل".
وإن كانت "القَّشَّابِيَّة" لباساً رجالياً بامتياز، فإن للمرأة في هذه المنطقة دور مهم في مراحل صناعتها أو نسجها، فبعد أن يقوم الرجال باختيار وبر الجمال وتصفيته، تشرع النسوة في غَزْل الوبر وجعله ذات لون "بني ذهبي" أو ما يعرف بخيوط "الڨيام"، وهي العملية التي تستغرق ما بين 20 يوماً إلى شهر.
تأتي بعدها مرحلة نسج "القَّشَّابِيَّة" التي "لا يُسمح للمرأة بالمشاركة فيها"، فهي "تَخَصُّصٌ رجالي بامتياز" لأهل المنطقة وفي كل مناطق الجزائر، ويستغرق نسجها شهراً كاملاً للقطعة الواحدة، باستعمال "المَنْسَج" وبقية المعدات سالفة الذكر.
وبعد إكمال الشكل الأولي "للقَّشَّابِيَّة"، يشرع "النَّسَّاج أو الخياط" في وضع خيط مُطرز على طولها ويسمى "التِّيَّال" الذي يضفي جمالاً عليها، ثم يضع ما يسمى بـ "القُمر" على "الڨلمونة"، وهي التي تغطي الرأس.