فرنسا وشركة "لافارج".. لقاء محتمل في سوريا يُحرج باريس
وثيقة تتحدث عن لقاء سفير فرنسا السابق بسوريا، مع "لافارج"، المتهمة بتمويل منظمات إرهابية، والخارجية تنفي معرفتها بأي من تلك الوقائع
مأزق حرج تجد الدبلوماسية الفرنسية نفسها فيه عقب العثور على وثيقة تؤكد لقاء سفير بلادها بسوريا، صيف 2012، بأعضاء المجلس الإداري لعملاق صناعة الإسمنت "لافارج"، في فرعها بهذا البلد.
- رئيس "لافارج": الشركة ارتكبت "أخطاء غير مقبولة" في سوريا
- توقيف مسؤولين في لافارج الفرنسية بتهمة تمويل داعش
وما يزيد الأمر سوءا هو أن الشركة متهمة بتمويل منظمات إرهابية، بينها "داعش"، وفق صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية.
ومنذ أكثر من عام، يحقق القضاء الفرنسي في أنشطة مجموعة "لافارج" في سوريا، بالفترة الفاصلة بين 2011 و2014، على خلفية الاشتباه بتمويلها العديد من التنظيمات الإرهابية، بينها "داعش"، بأكثر من 12 مليون يورو.
ووفق الصحيفة الفرنسية، فإن الشركة قدمت التمويل مقابل أن تسمح لها المجموعات المسلحة بالحفاظ على نشاط مصنعها في منطقة جلابية شمال شرقي سوريا.
وفي إطار القضية نفسها، احتجز القضاء الفرنسي، في ديسمبر/كانون أول الماضي، 6 من مسؤولي المجموعة، بينهم الرئيس التنفيذي، إيريك أولسن، بتهمتي تعريض حياة الآخرين للخطر، وتمويل المنظمات الإرهابية.
غير أن التحقيق لم يتوقف عند الشركة المذكورة، بل شمل أيضا مسارا آخر يتعلق بدور الدبلوماسية الفرنسية في تلك الأحداث.
اعتراف يحرج فرنسا
الصحيفة نفسها كشفت أيضا، في تقرير لها، أن السفير الفرنسي السابق لدى سوريا، إيريك شوفالاييه، اعترف بتلك الوقائع في خطاب وجهه إلى قضاة التحقيق.
وقال شوفالاييه في التقرير إنه "عقد صيف 2012، مقابلة مع مسؤولي لافارج"، ما وضع الدبلوماسية الفرنسية في حرج كبير.
من جهتهم، قال مسؤولون سابقون بمجموعة "لافارج"، إن الخارجية الفرنسية "باركت" ما يقوم به عملاق الإسمنت الفرنسي للحفاظ على المصنع في سوريا، كما عقدت عدة اجتماعات بينهم وبين الدبلوماسية الفرنسية في هذا البلد.
يأتي ذلك في وقت نفت فيه الخارجية الفرنسية، وعلى امتداد السنوات الماضية، معرفتها بأي من تلك الوقائع، إلا أن ظهور ذلك الخطاب المؤرخ في 15 يناير/كانون الثاني، وضع الدبلوماسية الفرنسية في مأزق، بعدما حفظت هيئة التحقيق الخطاب في ملف القضية.
وفي الخطاب، قال إيريك شوفالاييه: "أعتقد أن مسؤولي لافارج الذين يشيرون إلى عدة لقاءات وينسبون إلي تصريحات.. الأمر ليس صحيحاً.. إلا أنه حدث لقاء واحد صيف 2012".
هذا الاعتراف يؤكد حدوث لقاء بين قادة المجموعة والسفير الفرنسي، كما أكد شوفالاييه في هذا الخطاب، أنه "لم يوصهم باستمرار عمل المصنع في سوريا".
وتضيف الصحيفة أن هذا الكشف إن لم يساهم في فهم دور ومسؤولية فرنسا الرسمية في وضع المصنع بسوريا، إلا أنه يطرح أسئلة كثيرة حول عدم وجود أي أثر لهكذا اجتماعات في أرشيف خارجيتها، ولا حتى في البريد الإلكتروني، وهو ما تصر عليه الوزارة في التحقيقات الجارية بقولها إنها لم تعثر في أرشيفها على أي أثر أو دليل على حدوث لقاء مماثل.
في المقابل، طالب الادعاء المدني بالاستماع لأقوال لوران فابيوس، وزير الخارجية الفرنسي في ذلك الوقت، أي بين عامي 2012 و،2016 للإدلاء بأقواله حول تلك الوقائع، بحسب ما أكدت الصحيفة.
من جانبه، قال كريستيان هيرو، النائب السابق للمدير العام للشركة، الذي كان مكلفاً في دول عدة بينها سوريا، أمام هيئة المحلفين، إنه التقى مراراً إريك شوفالييه، وأنه علم بما يحدث، وأوصاه بالبقاء واستمرار عمل المصنع"، إلا أنه نبهه لعدم ذكر تلك اللقاءات.
من جهة أخرى، حاولت وكالة الصحافة الفرنسية التواصل مع الدبلوماسية في البلاد، للتحقق من الوقائع، وقال المتحدث الرسمي باسم الخارجية "نتواصل مع القضاء ونقدم لهم جميع الوثائق المتعلقة بالقضية".
وكانت منظمة "شيربا"الحقوقية، ومقرها باريس، والتي تتخذ صفة ادعاء بالحق المدني في هذه القضية، قد طالبت بالاستماع إلى وزير الخارجية الفرنسي السابق لوران فابيوس.
من جانبهم، يحاول المحققون في هذه المرحلة التوصل إلى مدى معرفة الحكومة الفرنسية بتورط "لافارج" في تمويل جماعات مسلحة بسوريا، وفيما إن كانت قد دفعت الشركة إلى البقاء هناك، مثلما يؤكد مدراؤها في أقوالهم.