النايض لـ"العين الإخبارية": لا حل في طرابلس إلا بإنهاء سيطرة المسلحين
المرشح الرئاسي الليبي عارف النايض قال لـ"العين الإخبارية" إن الجيش الليبي موجود داخل طرابلس وعلى الأمم المتحدة أن تعي ذلك.
أرجع رئيس مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة المرشح المحتمل للانتخابات الرئاسية المقبلة في ليبيا عارف النايض، اشتباكات طرابلس، إلى عدة أسباب، أهمها عدم التطبيق الكامل للترتيبات الأمنية في "اتفاق الصخيرات"، وسيطرة مجموعات مسلحة بعينها على العاصمة، ولا حل سوى بإنهاء سيطرة المسلحين.
- برلماني ليبي لـ"العين الإخبارية": حل المليشيات أولوية على الدستور
- مصدر ليبي لـ"العين الإخبارية": تحذير دولي لقطر يمنع هجوما على الهلال النفطي
وقال النايض، في حوار خاص لـ"العين الإخبارية"، إن اتفاق الصخيرات كانت فيه عدة مسارات، وتم الاهتمام فقط بالمسار السياسي، وحتى هذا المسار تم الالتفات عليه بشكل جزئي، بينما لم يتم الالتفات إلى المسار الأمني بشكل كامل، وتمت معاملته بطريقة انتقائية جدا، فكانت الترتيبات التي تم الاتفاق عليها وقتية داخل طرابلس وحدها.
وأوضح أن الترتيبات المتفق عليها بدت كأن بقية المدن لا تتبع الدولة الليبية، وكأن طرابلس ليست عاصمة الليبيين كلهم، فحصل نوع من الاستحواذ لبعض المجموعات المسلحة في طرابلس وإقصاء مجموعات أخرى من محيط المدينة وباقي أنحاء ليبيا.
وقال المرشح الرئاسي الليبي المحتمل: "للأسف الشديد عندما دخلت حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج كرّسوا هذا الموقف ودعمت تلك المليشيات المسلحة، وكادت هذه المليشيات أن تستولي على كل الموارد المالية للدولة من خلال مصرف ليبيا المركزي وتواطؤ محافظ المصرف نفسه، فتكوّنت شلل عسكرية متحكمة في مفاصل الدولة داخل طرابلس وهذا هو سبب المشكلة من الأساس".
"ليبيا كبيرة.. وطرابلس عاصمتنا جميعا"
وأضاف النايض: "ليبيا كبيرة.. وطرابلس عاصمتنا جميعا.. والمحيط الذي يحيط بطرابلس فيه قوى مهمة جدا، فمن الشرق مصراتة ومن الجنوب ترهونة وورفلة وفي الجبل يوجد قوى الزنتان والأمازيغ، وفي الغرب يوجد الزاوية وصبراته وصرمان، فلا يعقل أبدا أن تهمل كل هذه القوى وتركز على 4 مجموعات مسلحة فقط داخل طرابلس وتتوقع أن تسير الأمور في استقرار وأمان".
وأوضح رئيس مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة: "أن الاشتباكات الأخيرة في طرابلس كارثية ومحزنة ومؤسفة جدا بالنسبة للثمن الذي دفعه المدنيون بعد سقوط قتلى وجرحى وتدمير للبيوت والبنية التحتية، وأنه يجب أن تنتهي كل هذه الأمور، وبالتالي نحن نشجع مفاوضات وقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة".
وتابع: "نطمح لأن تتبلور عنها آلية واضحة وطويلة المدى للاستقرار، ولكنها يجب أن تكون آلية (معمار كامل) فيه جميع الجوانب الأمنية والعسكرية والاستخباراتية، وأن تشارك فيه جميع القوى العسكرية، ليس فقط التي داخل طرابلس بل كل القوى المحيطة بطرابلس وفي جميع أنحاء ليبيا، أيضا، بما فيها القوى العسكرية المتمركزة بالشرق الليبي، المتمثلة في الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، كما يجب أن يكون لها ممثلون في هذه الجلسات وأن يتضمن النقاش تصور الجيش الليبي في موضوع الترتيبات العسكرية والأمنية، وكذلك القوة المتمركزة في الجنوب، لأن طرابلس عاصمة الجميع".
وأشار النايض إلى أنه كان قد اقترح في رسالة لمبعوث الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة، بوجوب التأكد من تركيبات جميع قوات الجيش والشرطة بحيث يكون ضباطها وأفرادها من كل أنحاء ليبيا، دون استحواذ من قبل أي منطقة أو مدينة أو قبيلة أو حزب أو جماعة، وذلك من خلال استخدام آخر ما توصلت إليه لجان توحيد المؤسسة العسكرية في اجتماعاتها الستة في القاهرة، لافتا إلى أنه ناقش هذه الأمور في لقاء سابق مع المشير خليفة حفتر تم مؤخرا.
الجيش الليبي
وقال النايض: "في اعتقادي أن ما حدث في طرابلس فاجعة وكارثة، ولكن قد تتبلور عنها بنية أمنية - عسكرية كاملة تُخرج طرابلس إلى بر الأمان، ونحن ندعم التواصل المستمر بين جميع الأطراف، حتى نصل إلى بنية عسكرية كاملة في العاصمة الليبية".
وحول ما تناقلته وسائل إعلامية عن تهديدات للجيش الليبي بدخول طرابلس لإنهاء الحالة الأمنية المنهارة هناك، قال النايض: "الجميع يتفهم أن الجيش الليبي أصلا في طرابلس، كما كشف المشير حفتر، في كلمته الأخيرة، عن أن هناك شرائح كبيرة من الضباط والقيادات العسكرية في العاصمة والمناطق المحيطة، يتلقون رواتبهم من القيادة العامة للجيش الليبي، وأنه على الأمم المتحدة أن تعي ذلك، وأن تضع في اعتبارها أنه يجب أن تشمل اجتماعاتها حول مسألة الأمن في طرابلس حضور ممثلين عن الجيش الوطني الليبي"، موضحا أنه قد تواصل مع الأمم المتحدة في هذا الشأن.
وأشار النايض إلى أنه يعتقد بأن التلويح بدخول طرابلس لا يعني بالضرورة التدخل العسكري في العاصمة، ولكن قد يكون للتوضيح أن الجيش الليبي موجود أصلا داخل العاصمة.
الشرعية
وفيما يتعلق بالأزمة السياسية التي تشهدها ليبيا في ظل فشل المجلس الرئاسي الليبي في حلها، قال النايض إن أزمة الشرعية في ليبيا ليست جديدة، وقد أشار إليها غسان سلامة في الإحاطة الأخيرة، وإن هناك أزمة حقيقية في الشرعية في ليبيا، وإن الحل الوحيد للشرعية في هذا الزمان هو الطريقة الديمقراطية، والوصول إلى الانتخابات، فهناك أزمة حقيقية، فالشرعية لا تستمد إلا من صناديق الاقتراع.
وشدد النايض على أن إرادة الشعب الليبي لا يجب أن يستحوذ عليها أي جسم ليبي من الأجسام القائمة حاليا، بل يجب أن يُعبر عنها بشكل قوي في انتخابات مباشرة يختار فيها الشعب الليبي مَن يريد أن يتولى السلطات التشريعية والتنفيذية، وأن هذا حق أساسي لا يجب أن يُحرم منه أي مواطن ليبي.
وأوضح النايض أن الشعب الليبي عبر عن إرادته بضرورة الوصول إلى صناديق الاقتراع، من خلال المؤتمر الجامع الذي نظمته مؤخرا مؤسسة دولية بأمر من الأمم المتحدة، وعبرت عنها شرائح واسعة من الشعب الليبي والمجالس البلدية والنخب ومنظمات المجتمع المدني الليبية في عدد من المؤتمرات والفعاليات، وهناك مناداة حقيقية بالانتخابات، كما أن كثافة التسجيل في سجلات الناخبين تؤكد أن الشعب يريد الوصول إلى الانتخابات في الوقت المحدد.
ولفت النايض إلى أن القيادات الليبية فهمت هذا الأمر، وأن القيادات الرئيسية الأربع شاركت في مؤتمر باريس الأخير، واتفقت على تواريخ معينة بشهادة رؤساء دول، بأن في 16 سبتمبر الجاري يجب أن تكون هناك قاعدة دستورية أو إعلان دستوري معدل، وهذا ما يجب أن يحسم فيه البرلمان الآن، وأعتقد أن آخر فرصة للحسم يوم الثلاثاء المقبل، وإلا سندخل إلى المجهول، فإما أن يقول البرلمان "أقررنا مسودة دستور" وإما يقول "إنه بناء على القرار رقم 5 لسنة 2014 هناك انتخابات رئاسية ثم يصدر البرلمان القوانين اللازمة"، وإما أن يقول "أنا لا أستطيع أن أفعل شيئا"، وفي هذه الحالة، فحسب تلويحات غسان سلامة، قد يُلغى أصلا البرلمان، وقد تُلغى كل الأجسام السياسية الموجودة، وبالتالي نرى أن السيادة الليبية في خطر إذا أصدر مجلس الأمن قرارات تحت البند السابع، وأعتقد أن هناك شبه إجماع دولي على أن الصبر قد نفد، ولا أعتقد أن تكون هناك اعتراضات أو فيتو على القرار بما فيها روسيا والصين، لأن كل الدول ملّت من هذا الوضع القائم.
قاعدة دستورية
وكرر النايض تأكيده أن أمام البرلمان الليبي فرصة أخيرة لحسم هذا الأمر، والوصول إلى الانتخابات، وعليه أن يحسم الأمر خلال الأسبوع الجاري حتى تكون لدينا يوم 16 سبتمبر/أيلول الجاري، قاعدة دستورية، حتى نذهب لصناديق الاقتراع 10 ديسمبر/كانون الأول المقبل، حسب اتفاق الأطراف الليبية في باريس.
ورأى النايض أن المفوضية العليا للانتخابات قادرة على إدارة العملية الانتخابية، وأنهم قد أعلنوا ذلك في أكثر من مناسبة، وقالوا إن ميزانيتهم وصلت إليهم، وهم جاهزون فنيا، كما أن عدة دول دعمت تجهيز الانتخابات، وبالتالي ليس هناك سبب في تأجيلها أو عرقلتها.
وبالنسبة للأمن في طرابلس، والمخاوف من عرقلة الانتخابات بسبب الظروف الأمنية، قال النايض إن الأجدر الآن أن تتكون قوة أمنية وعسكرية مشتركة وأن تكون تحت قيادة جماعية عسكرية مشتركة، تضم ضباطا ليبيين من كل أنحاء ليبيا، حسب مخرجات الحوارات التي حصلت في القاهرة، وحسب الترتيبات الأمنية التي تقوم بها الأمم المتحدة الآن مع مراقبين دوليين لكى تكون قادرة على تأمين الانتخابات، وتكون نواة فيما بعد لتوحيد الجيش الليبي، لافتا إلى أن المناطق في الجنوب آمنة أيضا، حيث تؤمن قبائل الطوارق وقبائل التبو والقبائل العربية مناطقها كلّ في منطقته، بمساندة الجيش الليبي، وبالتالي كلّ سيؤمّن الانتخابات في مناطقه.
الإرهاب القطري
وردا على سؤال حال فوزه في الانتخابات المقبلة، كونه أحد المرشحين المحتملين، وأهم الملفات التي سيعمل على حلها أولا، قال النايض إن مكافحة الإرهاب في كل أنحاء ليبيا ستكون على أولوياته، مشيدا بجهود القيادة العامة للجيش بزعامة المشير حفتر وكل الجهود التي قامت بها قوى مصراتة الوطنية في حربهم ضد تنظيم داعش في سرت، والجهود التي قامت بها بعض الجهات الأمنية في الغرب، مشددا على ضرورة توحيد كل هذه الجهود، وأن نجمعها في مجلس أمن قومي، بحيث نقضي على كل جيوب الإرهاب في المناطق الجنوبية والوسطى.
وحول تراجع الدور القطري والتخريبي في ليبيا، قال النايض إن هناك عدة عوامل أدت إلى تراجع هذا الدور، أهمها الضغوط التي مارستها دول الرباعي العربي عليهم بشكل كبير ومنسق، مضيفا: "نحن رأينا تراجعا في مستوى عمليات التخريب ودعم الإرهاب بفعل الضغوط التي مورست ضد قطر وتركيا، كما أن تراجع الليرة التركية يعد من أهم أسباب تراجع الدعم التركي للإرهاب في ليبيا، وقد لاحظنا وجود خلافات بين تركيا وروسيا في مؤتمر إيران أمس، وهذه مؤشرات كثيرة، تؤكد أن أنقرة لديها صعوبة في الاستمرار في السياسة الخاطئة التي تسير فيها".
وأكد النايض أنه في حال استمرار أنقرة في سياستها الداعمة للإرهابيين فستنهار تركيا اقتصاديا وماليا وسياسيا وأمنيا، لافتا إلى أن العمليات الإرهابية التي شنتها عناصر مسلحة إرهابية بالأراضي التركية نتجت عن إيواء تركيا لهم أصلا.
وفي نهاية حواره، قال النايض إن كل الشخصيات الخطيرة التي دمرت دولا بعينها في المنطقة العربية، والتي وجدت في قطر ملاذا آمنا لها، ستعجّل بخراب قطر، وسيرجع كيدهم عليهم.