يبقى السؤال الأبرز هو ما إذا كان قرار الإفراج عن الإرهابيين صائباً. أربع رهائن مقابل 209 متمردين.
بعد تحرير أكثر من 200 إرهابي في مالي، يمكننا أن نتوقع استمرار الإرهابيين في القيام بعملهم.
الرهينة الفرنسية السابقة، صوفي بترونين، المصابة بمتلازمة ستوكهولم، صرحت بشكل واضح، بعد إطلاق سراحها، بأنه "في المنطقة لا يوجد فرق بين الجماعات المسلحة وإرهابيي جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وداعش". لقد أزعجت كلمات بترونين القوات الفرنسية المتمركزة في مالي.
قلة من الناس يعرفون الوضع في مالي مثلهم، ولا يمكنهم أن ينسوا أرواح الجنود التي سقطت على أيدي الجماعات الإرهابية.
كانت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، قد نظمت احتفالا كبيرا بعد الإفراج عن سجنائها، شوهد فيه الإرهابيون وهم يأكلون ويشربون كل ما لذّ وطاب، ويمكننا أن نتخيل ألم وحسرة العسكريين وأهاليهم وهم يشاهدون صور القتلة يحتفلون. ومما لا شك فيه أن زعيم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين يدرك جيداً القيمة الدعائية لهذه الصور، لذلك استغل المناسبة إعلامياً من خلال نشر بيان قدم فيه حركته باعتبارها البديل الوحيد في مالي، واصفاً اليهود والمسيحيين والفرنسيين بالأعداء. يبدو أن جماعته نسيت الحديث عن مقتل المسلمين الطيبين في مالي والنيجر وبوركينا فاسو على يد إرهابييها.
وتحاول وسائل الإعلام جاهدة الحصول على قائمة أسرى جماعة نصرة الإسلام والمسلمين المفرج عنهم دون جدوى. ومع ذلك، فمن السهل أن تتسلل بعض الأخبار من هنا أو هناك، وقد علمنا أن السجناء الذين تم إطلاق سراحهم ليسوا جميعهم جنودًا، بل إن من ضمنهم بعض القادة البارزين.
ومن بين من تم الإفراج عنهم، شخصان لهما أهمية كبيرة وهما:
الأول، ميمي ولد بابا ولد الشيخ، الذي اعتقل شهر يناير/ كانون الثاني 2017 في مالي، وكان قد شارك في هجمات 2016 في واجادوجو، عاصمة بوركينا فاسو، التي استهدفت مطعم "كابتشينو" وفندق "سبلنديد". لقد كان وسيطاً في عمليات الاختطاف ومشاركاً في قضية Air Cocaina، أي هبوط طائرة من طراز بوينج قادمة من أمريكا الجنوبية مليئة بالكوكايين في غاو شمال مالي.
كان ميمي يشغل منصب المسؤول اللوجيستي الرئيسي لقادة القاعدة الإرهابيين أمثال محمد ولد نويني وبلمختار وأحمد التلمسي.
والآخر، فواز ولد أحمد، الملقب بـ"إبراهيم 10"، نفذ أول هجوم له ضد قافلة الجمارك الموريتانية والتي كانت تنقل 100 ألف يورو. في ذلك الوقت كان يعمل مع مختار بلمختار الذي وجهه إلى اختطاف دبلوماسيين كنديين في النيجر في ديسمبر/ كانون الأول 2008. وفي يناير/ كانون الثاني 2011، شارك في اختطاف الفرنسي، أنطوان دي ليوكور، وفينسنت ديلوري في النيجر. كما ساهم أو أشرف على الهجمات التي استهدفت مطعم "لا تيراس" في باماكو بمالي في 7 مارس/ آذار 2015، وفندق "بيبلوس" في سيفاري بمالي في 7 أغسطس/ آب 2015، وفي الهجوم الذي استهدف فندق "راديسون بلو" في باماكو في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015.
وشكّل إطلاق سراح هذا الشخص مصدر قلق خاص في السنغال، لا سيما أن "إبراهيم 10" سبق له أن أرسل عناصر من جماعته في مهمّة استطلاعية إلى داكار في سبتمبر/ أيلول 2015، وكان على اتصال بمتطرفين آخرين من جنوب داكار أثناء التحضير للهجوم في ساحل العاج والذي استهدف منتجع "جراند بسام" في 13 مارس/ آذار 2016. ووفقاً للمخابرات السنغالية، كان ينوي تنفيذ هجوم لاحقاً بالسنغال.
يبقى السؤال الأبرز هو ما إذا كان قرار الإفراج عن الإرهابيين صائباً. أربع رهائن مقابل 209 متمردين. وبعد مرور وقت وجيز، سوف نعرف عدد الأبرياء الذين قتلوا من قبل هؤلاء الإرهابيين مرة أخرى.
جدير بالذكر أنه لم يكن هناك أي تغيير في الموقف من قبل زعيم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، إياد أغ غالي، الذي قرر في الوقت الحالي مضاعفة هجماته حتى ضد داعش.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة