موريتانيا في أسبوع.. فشل مفاوضات المرشح الموحد وتفاقم انشقاقات الإخوان
موريتانيا شهدت الأسبوع الماضي أحداثا عديدة مرتبطة بالانتخابات الرئاسية المقبلة كان أبرزها انشقاقات الإخوان وفشل مفاوضات المرشح الموحد.
شهدت موريتانيا الأسبوع الماضي، أحداث عديدة مرتبطة بالانتخابات الرئاسية المقررة في يونيو/حزيران المقبل، أبرزها فشل مفاوضات التحالف المعارض في الاتفاق على المرشح الموحد، وتسارع وتيرة الانشقاقات في صفوف الإخوان باتجاه مرشح الأغلبية، بالإضافة إلى انسحاب حزب "عادل" من المعارضة، وإعلان دعمه لمرشح الرئاسيات محمد ولد الغزواني.
- 3 استقالات خلال 24 ساعة.. الانشقاقات تضرب "إخوان" موريتانيا
- إخوان موريتانيا ينهار.. انشقاق ثاني قيادي عن التنظيم في أقل من شهر
وطغت الانشقاقات غير المسبوقة في حجمها وتوقيتها في حزب إخوان موريتانيا (تواصل) على الحدث الأسبوعي في البلاد، حيث أظهرت بحسب المراقبين هشاشة التنظيم، والتأثير القوي للصراعات على مستقبله، وهي صراعات تزداد حدة كلما اقترب موعد انتخابات الرئاسة.
انشقاقات حزب "تواصل" الإخواني
وكان آخر هذه الانشقاقات إعلان الدكتورة لالة سيدي الأمين، عضو مجلس شورى حزب "تواصل"، وعضو أمانة الشرق الدكتورة عييه عالي، الثلاثاء الماضي، انسحابهما من التنظيم والتحاقهما بمرشح الأغلبية لرئاسيات موريتانيا محمد ولد الغزواني.
وجاء انسحاب العضوتين من حزب تواصل بعد أقل من 24 ساعة من إعلان القيادي الإخواني عبدالرحمن باباه، مساء الإثنين، انشقاقه عن التنظيم.
وبررت القياديتان في رسالة موقعة باسميهما، وحصلت "العين الإخبارية" على نسخة منها، انشقاقهما بـ"الاختلافات العميقة مع الحزب بخصوص قراءة الساحة السياسية الموريتانية".
والدكتورة لالة بنت سيدي الأمين، أستاذة جامعية موريتانية وناشطة بارزة سابقاً في صفوف التنظيم، تشغل عضو مجلس الشورى لحزب "تواصل" الإخواني، بالإضافة إلى منصب عضو الأمانة الوطنية للاستيعاب والعلاقات العامة.
وقبل ذلك، بيوم واحد (الإثنين) أعلن القيادي الإخواني الموريتاني والنائب السابق عبدالرحمن باباه، انشقاقه من التنظيم، والتحاقه بمرشح الأغلبية لرئاسيات 2019 محمد ولد الغزواني، في ثاني حالة انشقاق في أقل من شهر، بعد العضو المؤسس لحزب الإخوان (تواصل) المختار ولد محمد موسى، الذي انشق عن التنظيم في 13 فبراير/شباط الماضي.
ثلاث قوى متصارعة
الكاتب والمدون صلاح نافع، قال في تدوينة بحسابه بموقع "فيسبوك" إن الانشقاقات الأخيرة في صفوف الحزب تكشف إدراك المنسحبين مما وصفه بخطر التنظيم الدولي للإخوان الذي جُبِل أفراده على نقض العهد.
وأضاف أن ما يحدث في حزب (الإخوان) جزء مما يحدث له على مستوى العالم العربي بعدما أسفرت فتاويه وتحريضه عن عمليات إبادة جماعية لآلاف الأبرياء.
وتحت عنوان "تواصل (الإخوان) من الداخل" تناول الكاتب الموريتاني شيخا فال أبرز المشاكل والتصدعات التي يعانيها التنظيم، مستعرضا وجود ما وصفه بـ"ثلاث تيارات لم تعد قادرة على إخفاء التباعد والتناقض والخلاف فيما بينها".
وأبرز هذه التيارات بحسب ولد فال جبهة "المنطقة الشمالية" في التنظيم التي بدأت تصدعها باستقالة القيادي المؤسس لحزب "تواصل" المختار ولد محمد موسى، وما يمثله من ثقل معنوي في تلك المنطقة.
أما التيار الثاني، كتلة "المنطقة شرقية"، التي تأثرت كثيرا بتغير الواقع السياسي، وبدأ خروجها عن سيطرة التنظيم منذ نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، وما تبقى منها يؤيد المرشح محمد ولد الغزواني.
وحسب ولد فال يتمثل التيار الثالث في الكتلة "الجنوبية الغربية"، التي هي نواة التنظيم الصلبة، فتبدو منصتة أكثر خلال الاستحقاقات الرئاسية المقبلة لخيارات حزب تكتل القوى الديمقراطية، أكثر من ارتباطها بحزب "الإخوان" تحت تأثير التصدع الجهوي الحالي.
فشل مفاوضات المرشح الموحد
آمال المعارضة في الاتفاق حول مرشح موحد التي عبرت عنها الكتلة في وثيقة الـ17 يناير/ كانون الثاني الماضي، اصطدمت كالعادة بحسب المراقبين بـ"الدور التخريبي" للإخوان في زرع الخلافات بين الأطراف والطعن من الخلف للحلفاء السياسيين، والتنكر للعهود والمواثيق المبرمة مع الشركاء".
وفي هذا الإطار، أعلن محمد ولد مولود، رئيس حزب اتحاد قوى التقدم، مساء الثلاثاء، أن أحزاب المعارضة فشلت في الاتفاق على دعم مرشح موحد للانتخابات الرئاسية، مؤكدا أن التحالف قرر إبقاء التنسيق بين أطرافه على مستوى تبادل الدعم في الشوط الثاني.
وشكلت نقطة الترشيح عنوان خلاف رئيسي بين الأحزاب المشكلة للتحالف المعارض، حيث تدفع أحزاب معارضة، بقيادة حزب الإخوان على الترشيح من خارجها، فيما تطالب أخرى بالترشيح من داخل المعارضة.
وأساس هذا الخلاف الذي أدى إلى الفشل يعود إلى مساء الجمعة الماضي، حين سرب حزب "تواصل" الإخواني مضمون مداولات المعارضة السرية حول هذا المرشح الموحد، وهو ما رأى فيه البعض محاولة لفرض أحد المرشحين، وعدم ترك أي خيارات أخرى بما فيها الترشيح من داخل المعارضة ذاتها أو من خارجها.
ورأى البعض أن تنظيم الإخوان اختار تفجير الموقف السياسي بين شركائه السياسيين المعارضين من خلال بيان زعم أن الأطراف المعارضة طرحت الوزير الأول الأسبق سيدي محمد ولد بوبكر ووزير العدل الأسبق محفوظ ولد بتاح، كمرشحين يجري بينهما الخيار.
وأثار هذا الموقف غضب المعارضة وأصدروا بيانات وتصريحات تكذب مزاعم الإخوان وتؤكد أن المداولات لم تطرح أسماء الشخصيتين بشكل حصري، بل كشف رئيس حزب اتحاد قوى التقدم المعارضة محمد ولد مولود الذي كان أحد خيارات المعارضة أن التنظيم يصر على استبعاده من الترشح باسم المعارضة.
من جانبه، انتقد الباحث في الدراسات الدستورية، عبد الجليل يحيى موقف فشل المعارضة الموريتانية حول المرشح الموحد، مشيرا إلى أن ما وصفه بـ"التحالف الصوري" الذي بدأ منذ 10 سنوات انتهى بحصاد هزيل.
وقال يحيى: "إنه رغم هذا التلاحم الصوري تمسك كل حزب برأيه ليتفرقوا إلى مذاهب شتى حيث سيطرت المصالح الخاصة لبعض أطراف المعارضة على الهم العام".
انضمام حزب "عادل" لمرشح الأغلبية
وكان آخر تداعيات فشل المعارضة الموريتانية في الاتفاق على مرشح موحد إعلان حزب العهد الوطني للديمقراطية والوحدة "عادل"، انسحابه من تحالف المعارضة ودعمه لمرشح الأغلبية محمد ولد الغزواني.
واعتبر الحزب، الذي يرأسه الوزير الأول الأسبق يحيى أحمد الوقف، في بيان أصدره الخميس الماضي وتلقت "العين الإخبارية" نسخة منه أن هيئاته "قررت بالإجماع دعم مرشح الأغلبية ولد الغزواني، بعدما وصل طريق التشاور الأخير داخل الحلف المعارض، حول المرشح الموحد، إلى طريق مسدود.
وأشاد بيان الحزب بالمرشح ولد الغزواني، معتبرا أنه من أكثر المترشحين قدرة على تجسيد الأهداف المتوخاة من خيار التناوب وضمان انتقال سلمي يهيئ لتعميق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتعزيز دولة القانون" بحسب البيان.
وبحسب المراقبين، يشكل التحاق حزب "عادل" بمرشح الأغلبية بداية انسحابات متوقعة ومن أحزاب وازنة من المعارضة باتجاه دعم هذا المرشح، خصوصا في ظل فشل رهان المرشح الموحد، الذي يرفع الحرج عن بقاء الأحزاب المعارضة ضمن خيارات لم تكن أصلا مقتنعة بها.
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي عبد الله محمدو بيه، في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن دعم حزب "عادل" بخصوصيته وما يحظى به من شعبية وتاريخ ونضال، يشكل إضافة نوعية لهذا المرشح.
وأضاف، أن هذا الدعم يمثل للمرشح فرصة لإحداث ديناميكية في المشهد السياسي عبر تجميع شتات الطيف السياسي، وخلق توازن سياسي جديد في البلاد، استجابة لمتطلبات المرحلة، وانسجاما مع تطلعات الشعب في الوقوف صفا واحدا في مشروع وطني قوي وموحد.