علي النعيمي بـ"نيوزويك".. يعرّي الإخوان ويكتب "الوصفة"
في مقال له على مجلة "نيوزويك" يعرّي الدكتور علي النعيمي رئيس لجنة شؤون الدفاع والداخلية والخارجية في المجلس الوطني الاتحادي بالإمارات أيديولوجية الإخوان، متخذا من آخر حوادث الإرهاب بلندن مثالا.
وتتعلق الحادثة بتعرض المشرع البريطاني السير ديفيد أميس للطعن والقتل منذ أسبوعين، في لندن، ووجهت تهمة ارتكاب الجريمة لشاب من أصل صومالي يدعى علي حربي علي، كان معروفا لدى الأمن البريطاني، وأحيل للبرنامج الخاص بمكافحة الإرهاب "بريفنت" عندما كان مراهقا.
وخصص الدكتور النعيمي، الذي يرأس أيضا مجلس إدارة "مركز هداية"، المؤسسة الإماراتية الرائدة في مكافحة التطرف والإرهاب، مدخل مقاله للحادثة، قائلا إن القتل المأساوي لأميس ليس مجرد مثال على تصاعد موجة الإرهاب، لكنه "تذكرة مهمة لما نحاربه حقا عندما نحارب الإرهاب".
وأضاف النعيمي خلال مقاله بالمجلة الأمريكية أنه على عكس ما يعتقده كثيرون في الغرب، "لا يتعلق الإرهاب بسكين أو قنبلة في أيدي مسلم، وإنما بأيديولوجية محددة أصابت عقول أولئك الضعفاء أمامها".
مفتاح الفهم
وقال المدعي العام البريطاني فيما يتعلق بقاتل أميس المزعوم: "سنرسل إلى المحكمة أن جريمة القتل هذه لها صلة الإرهاب، أي أن لها دوافع دينية وأيديولوجية".
وتعليقا على ذلك، رأى النعيمي أن هذا هو المفتاح؛ بمعنى أن الإرهاب اليوم هو تحريف للدين في صورة أيديولوجية، وبالتالي، يمكن فقط مكافحتها على مستوى الأفكار.
وخلال مقاله، يقول الدكتور النعيمي: "كعضو سابق بجماعة الإخوان المسلمين تمت تربيته منذ سن صغيرة، أتحدث عن تجربة حول المخاطر التي تشكلها هذه الأيديولوجية".
وفي كشف للجوء حاضنة الإخوان للسرية، يقول النعيمي: "في النهاية، تعتبر القدرة على التسلل بطريقة ممنهجة إلى عقل الإنسان أكثر قوة بكثير من أي فعل مادي. لا يمكن للشخص إخفاء سلاح، لكن يمكنه بسهولة إخفاء أيديولوجية، كما أوضح قاتل أميس".
معرفة عن كثب
وأضاف الدكتور النعيمي، متحدثا عن تجربته: "كنت لا أزال طالبا جامعيا في الغرب الأمريكي، بجامعة ولاية بورتلاند في أوريجون، عندما نجحت جماعة الإخوان في تجنيدي. ومثل كثيرين تم تجنيدهم، كان يغمرني حماس الشباب. كنت أيضًا شابا حيويا يعيش في عالم بعيد عن وطني، وسمحت لحماسة جماعة الإخوان بإشعال ذهني".
وتابع: "كان ذلك عام 1979، وكان الغزو السوفيتي لأفغانستان وتداعياته على آسيا الوسطى يذكر باستمرار في الأخبار. بدأت رحلة بحثية حثيثة للدفاع عن قضايا العرب والمسلمين المتأثرين بفكر الإخوان".
وأردف: "يجب أن أكون صادقا: كان الأمر مثيرًا. اعتقدت أن الإخوان كانوا الصوت الحقيقي للإسلام. بالكاد يمكنني أن أصف مدى قوة أن تكون مرتبطا بهذا المركز، أن تكون مدعوا إلى الدوائر الداخلية".
سقوط القناع
واسترسل الدكتور النعيمي في مقاله، قائلا: "لكن عندما نضجت، اكتشفت التشرذم والانقسام بين المسلمين. أدركت أنه إلى جانب جماعة الإخوان، كانت هناك جماعات أخرى، السلفية والتبليغية، على سبيل المثال، وجميعهم يدعون أنهم الصوت الحقيقي للإسلام".
الدكتور النعيمي كشف كيف تبدّت له حقيقة التنظيم، قائلا: "جعلني هذا أشكك في ادعاءات الإخوان بالتفوق، وعقدت العزم على النأي بنفسي بعيدا عن جميع الناس الذين يرون أو يروجون لأنفسهم كأوصياء أو متحدثين باسم الإسلام. قررت الاستقلال بتفكيري ورفضت أي نوع من الوصاية على عقلي أو إرادتي باسم الإسلام".
واستدرك بالقول: "لكنني تعلمت درسا مهما أيضًا، وهو أن ما يجذب الناس للإرهاب تهزمه إثارة أيديولوجية قوية بادعاءات روحية. وأن الطريقة الوحيدة لمكافحته هي من خلال التمكين الذاتي".
وأشار الدكتور النعيمي في مقاله إلى أن "الإرهاب الإسلامي" ينتشر مجددًا، لأن الأيديولوجية الموجودة في صميمه تجد مشترين جددا، موضحا أن في أفغانستان اليوم، ترتكب إحدى خلايا تنظيم داعش الأكثر تطرفا -داعش خراسان- منذ 2011 فظائع ضد المسلمين، مما يجعل مشهد التطرف بأكمله في المنطقة أكثر تعقيدا بكثير، وأكثر خطورة بكثير.
أمل الإخوان
ومع انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، يشيد البعض في الشرق الأوسط وقارة أفريقيا بانتصار التطرف، وقوبل استيلاء حركة طالبان السريع على أفغانستان موجة عارمة من الاحتفالات بشتى أنحاء المنطقة والعالم من الشرق إلى الغرب، بحسب النعيمي.
ورأى الدكتور النعيمي أن هذا الأمر "بالنسبة لكثيرين يعتبر علامة؛ فإذا تمكنت طالبان الأقلية من السيطرة على البلاد في مواجهة قوات الحلفاء وجيوش أقوى الدول على وجه الأرض، فهناك أمل لتلك الجماعات المتطرفة لإلحاق الهزيمة بالدول الصغيرة والضعيفة في آسيا وأفريقيا".
وقال إن "الأيديولوجية الإسلامية" المتطرفة تحشد الأغنياء والفقراء، الشباب وكبار السن، وتوحد الساخطين من كل مجموعة ضد أسلوب حياة معتدل؛ أسلوب بدلا من أن تتبنى فيه قيم الإسلام المتعلقة بالتعايش السلمي، والتسامح، والوئام، والسلام، يتعرض الدين الإسلامي للاختطاف والإفساد، ويتحول إلى دين وحشية وقمع.
مكمن الداء ووصفة الدواء
وأوضح أن تحويل الدين الإسلامي إلى أيديولوجية سياسية هو المصدر الرئيسي لقوة هذه الجماعات المتطرفة. وهذا ما يفتقده الغرب في حربه على الإرهاب؛ وهو أهمية الأفكار في تحفيز آلاف من الشباب المفعم بالنشاط، عشرات الآلاف ممن انضموا لداعش من الخمس قارات، للانضمام إلى تلك الجماعات بشكل أعمى.
وبحسب الدكتور النعيمي، "هذا بالطبع ليس منفصلًا عن الواقع المادي؛ طالما هناك فقر وتهميش واضطهاد، تصبح حرب الأفكار أقوى".
ورأى أن طريقة محاربة تلك الأفكار هي التمكين، من خلال تقديم بدائل للشباب الأكثر ضعفا والمحرومين، مضيفًا: "نحاربها من خلال تفكيك الأيديولوجية السياسية للجماعات الإسلامية المتطرفة المنبثقة من أم تلك الجماعات، جماعة الإخوان المسلمين".
وفي اقتراح الحل يضيف الدكتور النعيمي: "من خلال الفرص الأفضل التي يوفرها التعليم والاقتصاد المزدهر، يمكننا مواجهة التطرف وترسيخ التزام قوي لأيديولوجية التعايش. ويجب إشراك القيادات الدينية والمعلمين في حرب الأفكار للتأكد من أن القادة الدينيين ينشرون نسخة من الإسلام لا تروج للكراهية والتطرف وإنما الإسلام الذي يحض على السلام والتعايش".
والأهم من ذلك -يضيف النعيمي- "يجب عليهم أن يوضحوا أن هناك عالما مليئا بالفرص في الانتظار، من خلال طريق التعايش والتعاون، وليس العزلة المتطرفة".
واختتم الدكتور النعيمي مقاله بالقول: "تجربتي خير دليل على أن هذا ممكن. وآمل أن يضيء هذا الطريق حتى نتمكن من أن نكون فاعلين في مكافحة صعود الإرهاب".
aXA6IDE4LjE5MS4xMDcuMTgxIA== جزيرة ام اند امز