مرض النوم القهري.. كيف يغلبك النعاس نهارا ويُعرض حياتك للخطر؟
من الممكن أن يتسبب التشخيص الخاطئ في تأخر علاج مرض النوم القهري الذي قد يُعالج على أنه أرق أو إجهاد، مما يعرض حياة المريض للخطر.
طبيعي أن تجد نفسك غير قادر على مقاومة النُعاس المفاجئ، إذا لم تنل قسطا كافيا من النوم خلال ساعات الليل، أو في حال بقيت مستيقظا لمدة طويلة تصل إلى أكثر من 24 ساعة، ولكن قد تكون ضحية مرض النوم القهري إذا وجدت أنك تفقد السيطرة على معدلات النوم والاستيقاظ، في أغلب الأيام، وتغرق في نوم مفاجئ، خاصة أثناء النهار، دون قدرة على المقاومة.
علامات الإصابة بمتلازمة النوم القهري
يُعرف مرض النوم القهري بالتغفيق أيضا أو Narcolepsy، وهي حالة تصيب الدماغ وتجعل المصاب بها غير قادر على ضبط مواعيد الاستيقاظ والنوم. فيجد نفسه غارقا في نوم لا إرادي خلال ساعات النهار، وتهاجمه نوبات نوم مفاجئة، وقد يفقد القدرة على التحكم في عضلاته وتنهار دون تحكم منه.
ويمكن التعرف على مرض النوم القهري من خلال شكل النوم، فعبر تتبع مراحل النوم العادية. تأتي مرحلة نوم حركة العين السريعة REM كمرحلة متأخرة بعد ساعة على الأقل من بداية النوم، لكن لدى مرضى النوم القهري فإنهم يصلون لها بعد دقائق قليلة من بداية النوم.
يعتبر مرض النوم القهري نادرا، ولا يمكن الإشارة إلى عدد المصابين به، نظرا لعدم القدرة على تشخيصه ومعرفة أسبابه، ولكن تُظهر بعض الدراسات أنه يصيب ما بين 20 إلى 67 شخصا لكل 100 ألف شخص، وحسب موقع (Cleveland Clinic) قد يصاب الفرد بهذه المتلازمة من عمر 5 سنوات وحتى عمر 50 سنة، لكن يعد أكثر انتشاراً بين اليافعين وبداية العشرينات.
يبقى النوم القهري في حد ذاته حالة صحية ليست خطيرة، لكن يمكن أن تؤثر تداعياته على الروتين اليومي للمريض، فيكون أكثر عرضة للحوادث، ويفقد القدرة على التركيز، ويميل للانعزال تجنبا للإحراج والتعامل مع النوبات المفاجئة.
للمزيد: هل تساعد الوسائل الرقمية في تحسين جودة النوم؟
أنواع النوم القهري
لا يوجد أسبابا واضحة ينتج عنها حدوث مرض النوم القهري ولكن هناك مؤشرات تثبت حدوثه، وهناك نوعين لتصنيف اضطراب النوم القهري، هما:
1. النوم القهري مرتبطا بالجمدة
والجمدة أو نوبة الخمود هي حالة نادرة تسبب ضعفا في العضلات، وتظهر عند أكثر 70% من مصابي مرض النوم القهري تقريبا. تحدث عند تدمير الخلايا العصيبة التي تنتج الهيبوكريتين أو الأوركسين، وهو ناقل عصبي مسئول عن التحكم في اليقظة.
2. النوم القهري دون جمدة
بينما تظهر أعراض متلازمة النوم القهري لدى بعض المرضى دون وجود آثار للإصابة بالجمدة، فمستويات الهيبوكريتين طبيعية. لذلك يعتبر بعض الخبراء أن النوع الثاني هو مقدمة للنوع الأول، ولكن مع عدم تاكد ذلك يصيب النوع الثاني من النوم القهري 10% تقريبا من المرضى.
اكتشف: كيفية التخلص من اضطرابات النوم بإجراء بعض التغييرات في نمط الحياة
أسباب تؤدي إلى النوم القهري
سبب حدوث مرض النوم القهري ما زال غير محددا، ففي النوع الأول قد يكون نتيجة مهاجة الجهاز المناعي للخلايا العصبية المسئولة عن إنتاج الهيبوكريتين في الدماغ، ولا يوجد ما يفسر حدوث ذلك. رغم أن مصادر متنوعة تشير إلى بعض العوامل باعتبارها محفزات لحدوث المرض، ومنها:
- وجود عيب وراثي أو جيني.
- التعرض لضغوط نفسية شديدة.
- ومن الممكن أن يظهر بعض حدوث إصابة في الرأس.
- نتيجة الإصابة بمرض التصلب المتعدد، أو التهابات الدماغ.
- التغيرات الهرمونية لدى المراهقين وفي سن اليأس أيضا.
- بعض حالات العدوى بفيروس إنفلونزا الخنازير، وكذلك تناول التطعيم المستخدم ضدها.
عواقب مرض النوم القهري النفسية والاجتماعية والصحية خطيرة، فالمصابون به أكثر عرضة لحوادث الطرق، ويفقدون القدرة على ممارسة نشاطاتهم اليومية سواء في الدراسة أو العمل، ولذلك يجب الانتباه لعلاماته الأولى ومعرفة سبل التعامل معه.
إليك: فوائد النوم في مواعيد ثابتة.. أكثر من 5 فوائد ونصائح لروتين نوم جيد
أعراض النوم القهري
من الممكن أن تحدث الإصابة بمرض النوم القهري ف أي من المراحل العمرية، كما أنه يؤثر على الرجال والنساء بمعدلات متساوية، وقد ينشط ظهوره خلال فترة المراهقة وفي عمر 35 سنة وما بعدها.
ويمكن الشك في حدوث إصابة مرض النوم القهري من خلال عدد من العلامات. التي قد تظهر فجأة في أسابيع أو تتطور على مدى سنوات، ومنها ما يلي.
- تململ الساق وركلها في أثناء النوم.
- صعوبة في النوم وأرق في أثناء الليل.
- الهلوسة ورؤية وسماع أشياء غير حقيقية.
- توقف التنفس أثناء النوم، والحركة الزائدة.
- نوبات نوم مفاجئة دون حدوث ما يستدعيها.
- يمكن أن تلاحظ حدوث مشكلات في الذاكرة.
- فقدان القدرة على التركيز في العمل أو الدراسة.
- الشعور بنعاس شديد لا يمكن مقاومته في أثناء النهار.
- فقدان القدرة على التركيز في المهام اليومية، والميل إلى الانعزال
- كثرة الكوابيس في أثناء النوم، وحدوث الهبات الساخن والاستيقاظ أكثر من مرة.
- شلل النوم وفقدان القدرة على الحركة لمدة تتراوح من ثواني لعدة دقائق.
- الجمدة أو فقدان السيطرة على العضلات بداية من حركة تدلي الجفون تلقائيا وهبوط الرأس وحتى انهيار كل عضلات الجسم.
طرق علاج النوم القهري
ظهور أي من الأعراض السابقة وفق المدى الزمني لها، يجب أن يشجعك على الذهاب إلى الطبيب المختص. الذي يعمل على تحديد المرض عن طريق استبعاد وجود أسباب أخرى لهذه الأعراض.
عادة ما يتم علاج مرض النوم القهري من خلال علاجات طبية وأخرى سلوكية. فيما يركز العلاج السلوكي لعلاج مرض النوم القهري على الاعتماد على عادات أكثر إيجابية يمكنها أن تحسن من طبيعة النوم، منها ما يلي.
أولاً: العلاج السلوكي للنوم القهري
- تحديد وقت للحصول على قيلولة يوميا.
- ممارسة التمارين الرياضية والنشاط البدني المعتدل.
- تجنب شرب الكحول والمهدئات التي تتسبب في النعاس.
- الاعتماد على نظام غذائي متوزان وصحي، والابتعاد عن الوجبات الدسمة.
- طلب الدعم المعنوي من المقربين والمتابعة مع استشاري نفسي عقلي متخصص.
- الحرص على توضيح حالتك الصحية لأصحاب العمل وكذلك أساتذة المدرسة أو الجامعة.
- تجنب قيادة السيارة لفترات طويلة (فالمصابون بالنوم القهري أكثر عرضة لحوادث الطرق).
- اكتساب عادات نوم صحية بوضع جدول زمني ثابت لوقت النوم والاستيقاظ والالتزام به.
- تجنب استخدام الأجهزة الإلكترونية أو التعرض لشاشة الهاتف قبل ميعاد النوم بساعة على الأقل.
ثانياً: العلاج الدوائي للنوم القهري
بالإضافة للعلاج السلوكي، من الممكن أن يحدد الطبيب المختص أدوية النوم القهري التي تساعد على تقليل الأعراض، وتمنح المريض القدرة على التحكم في النوم والاستيقاظ. والتي يجب تناولها تحت إشرافه، مثل:
- أدوية مودافينيل، أوأرمودافينيل.
- الأدوية التي تحتوي على أوكسيبات الصوديوم.
لا تعتبر أن مرض النوم القهري قد يمنعك عن ممارسة روتينك اليومي الطبيعي، فكل ما تحتاجه هو الاكتشاف المبكر للمرض واتباع نصائح وإرشادات الطبيب للحصول على جودة حياة أفضل وتحكم حقيقي بالنوم.