من عجب أن يخرج علينا حسن نصر الله، أمين عام مليشيا "حزب الله" الإرهابي اللبناني، قبل أسبوع لقلب حقائق الاعتداءات الإرهابية الحوثية ضد منشآت مدنية إماراتية.
واعتبر "نصر الله" -بمنطق يعاكس ما شهده العالم- أن الاعتداءات الإرهابية الحوثية جاءت "رد فعل" على ما أسماه "تدخلا في شؤون اليمن"، متعمِّدا نسيان أن قوات التحالف العربي لدعم الشرعية، بقيادة السعودية، لبّت نداء واستغاثة الشعب والحكومة اليمنية والرئيس اليمني لإنقاذ اليمن من مليشيا الحوثي المنقلبة على الشرعية، كما نسي متعمِّدا أن ما تفعله عناصر مليشيا "حزب الله" الإرهابية على الأراضي اليمنية هو عين التدخل في شؤون الغير بالحضور الكامل لتدريب الإرهابيين الحوثيين على أعمال الإرهاب.. فهل معهم مسوغ تدخُّلِهم ووجودهم في اليمن؟ هل طلبت منهم حكومة معترف بها دوليا ذلك؟ على أي قانون دولي يستند أولئك الإرهابيون في دعم بعضهم بعضا؟
لسنا في حاجة إلى القول بأن مغالطات "نصر الله" مكشوفة وفقيرة الخيال، فهي تكسر كل منطق إلا منطق الإرهابي، الذي يبرر لنفسه جرائمه، ذلك أن تسلسل الفعل ورد الفعل في الملف اليمني ليس وليد هذه الأيام، وإنما يعود إلى سنوات مضت.. تحديداً منذ بادرت مليشيات الحوثي الإرهابية بالاستيلاء بالقوة المسلحة على الحكم في اليمن عام 2015 وإسقاط السلطة الشرعية في البلاد بانقلاب متكامل الأركان.
تلك هي نقطة البداية، التي فتحت الباب أمام تحول الوضع في اليمن إلى مأساة إنسانية وتهديد خطير، ما دفع الحكومة اليمنية الشرعية لطلب العون من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، اللذين استنفرا بحسّهما العروبي لحماية اليمن وشعبه، صونا للأمن القومي العربي.. فكان تشكيل قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، بقيادة السعودية، خطوة حتمية للتعامل مع الانقلاب الحوثي وإرهابه، الذي امتد خارج اليمن إلى دول جواره، بل إلى تهديد أمن وتجارة العالم من خلال الممرات الملاحية الدولية، وكان استمرار أعمال التحالف العربي ضرورياً لمواجهة الاعتداءات الحوثية، خصوصاً بعد تجاوزها الحدود اليمنية والتجرؤ على استهداف الأعيان المدنية في السعودية ثم الإمارات.
كلمات زعيم مليشيا "حزب الله" الإرهابي تحمل دلالات أخرى أهم من مضمونها المغاير للحقائق، فمجرد خروجه في هذا التوقيت للتعليق على الملف اليمني عموماً يمثل محاولة يائسة لدعم الحوثيين قبل إدراك خط النهاية، خاصة بعد الموقف الدولي المندِّد باعتداءاتهم الإرهابية على منشآت مدنية إماراتية، فلم يعد هناك أي شك في أن العالم، دولا ومنظمات على رأسها مجلس الأمن، لن يقبل تلك الممارسات الإرهابية الحوثية، وعليه بات الحوثيون في عزلة كاملة إقليمية وعالمية، حتى إن إعادة تصنيفهم كجماعة إرهابية رسميا من قبل الولايات المتحدة باتت مسألة وقت.. وهنا جاءت تصريحات "نصر الله" كرد فعل إعلامي يائس ومحاولة مد حبل إنقاذ للحوثيين الإرهابيين من مأزقهم الختامي، لكن "نصر الله" وهو يقوم بذلك لم يخرج من العباءة الإيرانية، التي تتظاهر بالقوة في أقسى درجات الضعف، وتدعي المظلومية فيما تعتدي على حقوق وسيادة الآخرين.. تعلن رفض أي تدخلات في شؤون الغير، بينما هي تتدخل إلى حد تفاخر بعض ساستها بوجود أذرع ووكلاء لها في بعض دول المنطقة.
وحيث لا يجد الحوثيون حالياً أي دعم أو تعاطف معهم على مستوى العالم، لذا ليس مستغرباً أن يتبرع "حزب الله" الإرهابي ليمد يداً داعمة، فهما في كفة واحدة، وتجمعهما سنوات من التعاون المليشياوي تدريبا وتسليحا.
وفي ظل انشغال إيران بالمفاوضات النووية والحرج الذي يمكن أن تتعرض له حال تبنّيها أي موقف سياسي أو إعلامي داعم للحوثيين علناً، كانت الاستعانة بذراعها اللبنانية، "حزب الله" الإرهابي، ليقوم بالمهمة.
وبدلاً من تبنّي موقف يرد الحوثي عن سياسة الاعتداء، التي ستقضي عليه حتما، جاء موقف "نصر الله" ومليشياه بمؤازرة إرهاب الحوثي، ما يعني أنهم جميعا ماضون في جرائمهم الإرهابية، وسط انكساراتهم وهزائمهم الميدانية.
على العالم أن يدرك أن التعامل الصحيح، سواء مع الحوثيين أو مع الأذرع الأخرى لإيران في المنطقة، لا بد أن يستند إلى الصرامة والحزم والحذر من مراوغاتهم، فهي اللغة الوحيدة التي يفهمونها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة