رحلة حفيد البنا.. من جامعة أكسفورد إلى سجن "فلوري ميروجيس"
سر صعود حفيد البنا من مجرد مدرس ثانوي في جنيف، إلى أستاذ بجامعة أكسفورد بدعم وتمويل الدوحة قبل أن ينتهي به الحال في السجن.
بات طارق رمضان، حفيد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان الإرهابية، في بؤرة اهتمام الصحف الغربية بعدما أيدت محكمة فرنسية قرار استمرار حبسه على ذمة قضيتي اغتصاب، وسلطت الضوء على رحلته من مدرس ثانوي في جنيف إلى أستاذ في جامعة أكسفورد، حتى محطته الأخيرة كسجين نتيجة لانحرافاته الأخلاقية.
وجاءت سلسلة الشهادات والتقارير للبحث في تاريخ طارق رمضان بعد توجيه اتهامات له بالاغتصاب والاعتداء الجنسي على سيدات في أوروبا، والتهديد بالقتل أحيانا.
وبعد ثلاثة أشهر من التحقيق الاستقصائي، استدعى المدعي العام الفرنسي حفيد البنا للتحقيق معه، وبعد أولى مواجهاته مع إحدى المشتكيات، التي قالت عنها وسائل الإعلام إنها تعاني في إعاقة في أحد الساقين، أعطت للمحققين دليلاً عن صحة أقوالها بالرسائل النصية التي تبادلاها، وأيضاً بتأكيدها وجود ندبة في منطقة حساسة بجسده.
ويرفض القضاء الفرنسي إطلاق سراح رمضان؛ حتى لا يؤثر على المشتكيات، أو الشاهدات، والسبب الآخر لضمان عدم هروبه من العدالة بالاحتماء بجواز السفر السويسري.
المرأة الأولى التي فجرت فضيحة حفيد مؤسس الإخوان، الكاتبة الفرنسية والناشطة النسوية هيندا عياري، وذلك عقب إطلاق حملة "اكشفي خنزيرك" على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أشارت في تعليق لها على صفحتها الشخصية على "فيسبوك"، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى أنها ارتبطت بعلاقة مع رمضان، تحولت مع مرور الوقت إلى حوار ساخن، ثم لقاء في أحد فنادق باريس، حيث تعرضت للاغتصاب عام 2012، وتقدمت بشكوى ضده.
ومنذ أن أعلنت عياري حقيقة حفيد البنا المعروف بصلاته الوثيقة بالنظام القطري، توالت الدعاوى بحقه حيث أكدت سيدة أربعينية أخرى، تعرضها لـ"عنف جنسي متوحش" في فندق كبير "في جنوب فرنسا خريف 2009"، بحسب ما أكدت صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية في ذلك الوقت.
وخلال هذا الأسبوع، أفادت صحيفة "لوجورنال دي ديمانش" الفرنسية في تقريرها، بأنها تواصلت مع سيدة سويسرية، كانت على علاقة برمضان بين عامي 2009 و2010، وأدلت بشهادتها لتتحدث عن وقائع جديدة تكشف خداع وازدواجية حفيد مؤسس الإخوان.
وتجمع المشتكيات في حق رمضان أنه كان يستخدم الاستراتيجية نفسها؛ حيث كان يجذبهن بالوعظ الديني، ويعِدهُن بالزواج، ويغتصبهن، ثم يهددهن بالقتل إذا ما فضحنه، إلا أنه في كل مرة تظهر فيه إحدى السيدات لتتحدث عن ذلك؛ يرد بأن هذه الشكاوى افتراءات.
لم تحتمل جامعة "أكسفورد" البريطانية، الفضيحة وأجبرت رمضان على القيام بإجازة إجبارية لحين انتهاء التحقيقات، وفقا لبيان صادر عن الجامعة حينها.
لكن التحقيقات قادت رمضان الحاصل على ليسانس الآداب والفلسفة من جنيف إلى السجن، رحلة تشابكت تفاصيلها بين الانحراف الأخلاقي ودعم التنظيم الإرهابي ونظام الدوحة ومؤسساته الإرهابية وعلى رأسها ما يسمى بـ"اتحاد علماء المسلمين".
استكمل حفيد البنا دراسته للعلوم الإسلامية في القاهرة، وتزوج بريطانية اعتنقت الإسلام، وكانت زميلة له في المدرسة الثانوية التي كان يعمل بها، وله 4 أبناء، بحسب معلومات سردها الكاتب الفرنسي لان هامل بمجلة "باري ماتش".
وينحدر رمضان في أسرة برجوازية مصرية إخوانية، فوالدته وفاء البنا ابنة حسن البنا مؤسس تنظيم الإخوان، ووالده سعيد رمضان، منسق العلاقات الخارجية للتنظيم الإرهابي، وهاجرت أسرته من مصر عام 1954، إلى سويسرا حيث وُلد رمضان ونشأ.
وفي مسقط رأسه جنيف، درس حفيد البنا الفرنسية ثم الفلسفة ما بين عامي 1988 و1991 في مدرسة "دوسوسور" الإعدادية، وفي عام 1991، شد الرحال مع زوجته وأطفاله إلى مصر.
ولم تسلم السويسريات من انحرافات رمضان، إذ كشفت صحيفة "لوتمب" السويسرية تحت عنوان "طارق رمضان.. المدرس الذي اغتصب تلميذاته القاصرات"، أن حفيد مؤسس الإخوان اعتدى على 4 فتيات جنسيا منذ سنوات، عندما كنَّ قاصرات تتراوح في فترة التسعينيات أعمارهن ما بين 14 إلى 18 عاما.
وفي عام 1998، درس بمؤسسة "لايشستر" الإسلامية في بريطانيا، وهي توصف بأنها أحد أبرز المراكز الأوروبية الإخوانية.
وعن أطروحة الدكتوراه التي تقدم بها طارق في جنيف، كان على قناعة تامة بأنها ستُقبل من دون أية مشاكل، إلا أن أفكارها رُفضت لكونها كانت دفاعا بالدرجة الأولى عن أفكار ونشاطات حسن البنا فيما يتعلق بفكر الإرهاب والتمدد المسلح، وبعد جدل ومحاولات، اضطرت الجامعة إلى إزالة بعض الفقرات لإجازتها.
وكعادة أعضاء الجماعة الإرهابية تبرأ رمضان من جماعة الإخوان وأنكر انتسابه لها، لكنه دافع مرارا عن معتقدات البنا، رغم اعترافه بترويج جده لفكر الإرهاب المسلح في العديد من خطاباته.
فيما أشار أستاذ علم الاجتماع أميرو مارونجي بييرا، إلى أنه على الرغم من أن طارق رمضان لم يتقدم بطلب للانتماء للجماعة؛ فإن نسبه يكفي لترويج أفكار الإخوان، حسب ما نقلت على لسانه مجلة "باري ماتش".
رمضان وقطر
وارتبط دارس الفلسفة المنحرف بالدوحة التي تولت قيادة رحلة صعوده، ورصدت صحيفة "لوتمب" السويسرية، العلاقة المشبوهة التي تجمع بين المفكر الإخواني وقطر، موضحة أنه خلال عام 2000، بينما يتصاعد نجاحه بفضل دعم الدوحة في الأوساط الإسلامية في أوروبا، رفضت الولايات المتحدة هذه الأفكار، وتم فصله من جامعة "فيربورج" الأمريكية.
وبعدها ظل مشردا حتى وجد في بريطانيا نافذة يطل بها لينشر أفكاره "وبثبت أقدامه في جامعة أكسفورد بفضل الدعم الذي قدمته الدوحة عام 2009 كمنحة لتمويل أبحاث الدراسات الإسلامية لصالح جامعة أكسفورد؛ وهو ما أعطى فرصة لرمضان لنشر أفكاره المسمومة عبر هذه الأبحاث"، بحسب الصحيفة السويسرية.
وعلى الرغم من إنكار طارق رمضان المستمر لصلته المباشرة بالدوحة؛ فإن صحيفة "لوموند" الفرنسية أكدت أن قطر قدمت تمويلا ضخما لإجراء دراسات في العلوم الإسلامية المعاصرة التي تهتم بها جامعة أكسفورد، بإعانة قيمتها 2 مليون يورو، لبسط نفوذ الأسرة الحاكمة القطرية للسيطرة على مركز الأبحاث والتحكم في قرار تعيين طارق رمضان للانتساب بجامعة أكسفورد والتدريس بكلية سانت أنتوني بالجامعة.
كما كشف موقع "ميديا بارت" الإخباري عن أن رمضان يعطي أيضا محاضرات في "كلية العلوم الإسلامية " بالدوحة، والتي يمضي بها أسبوعين في الشهر، مضيفا أنه "في عام 2012 أسندت إليه قطر منصب رئاسة مركز البحوث الإسلامية والأخلاق، بالدوحة".
aXA6IDMuMTQ1LjM0LjIzNyA= جزيرة ام اند امز