الدوحة لا بد وأن تدرك أن الخليج وإيران أو غيرها من أعداء الخليج لا يمكن أن يلتقيان، ولا يمكن للدوحة أن تستمر بهذا التناقض.
تعلو الأصوات من الدوحة عندما يقام مؤتمر في أي دولة عربية أو إسلامية ويبدأ الاعلام الرسمي وغير الرسمي بتكرار القول إن الدوحة لم تتلقَ الدعوة لحضور ذلك التجمع أو ذاك المؤتمر، ولعل أقرب الأمثلة على ذلك قمم مكة التي كانت في نهاية شهر رمضان؛ حيث تلقت الدوحة الدعوة لحضور تلك القمم بعدما ملأت الفضاء الإعلامي بالشكوى بأنها لم تتلقَ الدعوة لحضور قمم مكة.
نحن لا نريد لشعب قطر كل هذه المعاناة وكل هذا التشتت بين عواصم متعددة وقرارات متضادة، وقد حان الوقت للقول إن الوضع السياسي القائم في الدوحة يجعلنا نتنبأ وبسهولة أن المسافة لإيجاد حل لمشكلات الدوحة وعزلتها ما زال بعيدا.
تتم دعوة الدوحة بشكل طبيعي كدولة عربية وخليجية ويتم الحضور والاستقبال ككل الوفود، وينتشر الأمل بأن الدوحة هي في طريقها إلى الرشاد والعودة لمحيطها الخليجي والعربي وفهم متطلباتها السياسية كعضو في المنظومة الخليجية والعربية والإسلامية، فقد كانت المؤشرات كبيرة بأن الدوحة بدأت تتفهم أن في عزلتها ضرر كبير لها ولشعبها، ولكن السؤال هل كان ذلك حقيقة أم أن الدوحة ما زالت غير قادرة على فهم الاتجاه الصحيح لمسارها السياسي؟
ينسحب الوفد القطري من القمة الإسلامية في مشهد محزن للجميع، لأن أكثر الأحزان تأثيراً عندما يخيم الحزن على دولة تبدو للعالم بأن لا حول لها ولا قوة في سياساتها الداخلية والخارجية، ومع أنني من أصحاب التوجه المؤيد لإعطاء الجيران فرصة وعشر فرص لكي يراجع نفسه ويعود إلى طريقة، بل أدعو لمبدأ أن الرجوع ولو كان متأخراً فلا بد وأن يقبل، ولكن ما حدث في قمم مكة وما تلاه من تصريحات يدعو لليأس وخيبة الأمل بأن هناك من لا يريد الخير لقطر ولشعبها ولكن هذه المرة ليس من الخارج كما تدعي الدوحة بل هم في داخل قطر ويقودونها إلى الهلاك السياسي.
لم أستطع أن أدرك كيف لدولة مستقلة أن ينسحب وفدها من مؤتمر يحضره العرب والمسلمون دون إبداء الأسباب لذلك الانسحاب، فما تم هو خروج الوفد بلا مقدمات، بل أجزم وبنسبة عالية أن مكالمة هاتفية تمت في المؤتمر مع الوفد هي التي غيرت كل شيء، ولكن السؤال هو: ممن كانت تلك المكالمة ومن كان مصدرها ومن أي عاصمة صدر التوجيه بالانسحاب؟ فنحن أمام دولة بثلاث عواصم تسهم في صياغة قراراتها.
لقد ثبت للجميع أن الدوحة لا بد وأن تدرك أن الخليج وإيران أو غيرها من أعداء الخليج لا يمكن أن يلتقيان، ولا يمكن للدوحة أن تستمر بهذا التناقض الذي بدا جلياً عبر تغريدات قلقة أطلقها وزير قطري سابق؛ حيث تعكس تلك التغريدات حجم المعاناة من الوضع السياسي المتراكم في الدوحة التي تفقد توازنها عندما يتعلق الأمر بسيادتها في القرارات السياسية.
نحن لا نريد لشعب قطر كل هذه المعاناة وكل هذا التشتت بين عواصم متعددة وقرارات متضادة، وقد حان الوقت للقول إن الوضع السياسي القائم في الدوحة يجعلنا نتنبأ وبسهولة أن المسافة لإيجاد حل لمشكلات الدوحة وعزلتها ما زال بعيداً. ومع كل ذلك فإن حكمة القيادات الخليجية لم تقطع الأمل في عودة الدوحة إلى بيتها الأصلي ولكن بشروط الجميع يعرفها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة