"حاويات جهنم".. شبح جديد يطارد اللاجئين بألمانيا
الحكومة الألمانية تخطط لنقل لاجئين ببرلين من مراكز الإيواء إلى حاويات معدنية، واللاجئون يصفونها بالجحيم وأنها تضيع فرصتهم في سكن ملائم.
يرفض لاجئون سوريون في برلين نقلهم من مراكز الإيواء إلى حاويات على هامش المجتمع الألماني.
ووفق ما نقله عنهم موقع إذاعة "دويتش فيله" الألماني، الجمعة، فإنهم اعتبروا العيش في الحاويات "جحيما يعيدهم إلى معاناة محطات رحلات عذابهم عبر تركيا وأوروبا الشرقية".
"صحيح أن الظروف الحياتية عموماً والصحية خصوصاً سيئة في المبيت ولا تتوافق والحياة الكريمة، لكني كالعديد من ساكني مركز الإيواء لا نريد التنقل من جديد إلى مكان أسوأ".
بهذه الكلمات شرع عمر الطيان وهو أب لثلاثة أطفال يروي قصته بحسرة.
وبرر الطيان المنحدر من دمشق ذلك بأن "مكان إيوائنا الجديد عبارة عن مجموعة من الحاويات البيضاء منتشرة على مساحة قاحلة مطوقة بسياج حديدي، هذا المكان يذكرني بمراكز الإيقاف في اليونان وصربيا".
ويعد العيش في الحاويات الحديدية في نظر الكثير من اللاجئين صدمة كبيرة تطيح بآمالهم العريضة التي طارت بهم من بلادهم إلى ألمانيا، التي توقعوا فيها عيشاً رغيداً وفرصاً أكبر.
ويصف لاجئون المكان الجديد المحتمل نقلهم إليهم بأنه عبارة عن "أحياء قصديرية" خارج الحياة الاجتماعية.
ولإبعاد شبح العيش في الحاويات، قال الشاب العشريني غيث الأسعدي:" لقد قمنا باحتجاجات سلمية أمام مكتب الإدارة. مطلبنا كان واضحاً وهو البقاء في المبني إلى أن نحصل على شقق أو أماكن ملائمة تراعي المواصفات الإنسانية. نحن هنا نرفض هذا القرار الذي يعيدنا إلى نقطة الصفر".
وعن مبررات الحكومة الألمانية لنقل اللاجئين من مراكز الإيواء إلى الحاويات، قالت صوفيا شونيفالد من إدارة مركز الإيواء، إن "الوضع الصحي في هذا المركز في حي فلمارسدورف على غرار المراكز البرلينية الأخرى أضحى لا يطاق ولا يتماشى والمواصفات القانونية؛ لذا بات من الضروري حسب الإدارة المعنية توفير فضاءات سكنية صحية".
غير أن شونيفالد قالت إن نقل اللاجئين إلى الحاويات هو إجراء مؤقت إلى أن تحصل العائلات على شقق.
ومع ذلك ترى أن لهذه الحاويات جانباً إيجابياً، وهو أن المرء لا يتقاسم مساحته الخاصة مع الآخرين مثل ما هو الحال عليه الآن في مراكز الإيواء.
ولكن عمر شكك في كلام المسؤولة، قائلا إن المدة السكنية في الحاويات لن تكون قصيرة، خاصة أن الكل يعرف أن الحصول على سكن في برلين ليس بالأمر الهين.
وتتفق منظمة "كوراج" لدعم اللاجئين السوريين والواقعة في حي كروتزبارغ؛ حيث قالت سندرا فوس المسؤولة بالمنظمة، إنها ضد مراكز الإيواء الجماعية التي لا تتوافق والحياة الإنسانية الكريمة، خاصة للعائلات، غير أن نقلهم إلى الحاويات أيضاً إجراء "غير مسؤول" من قبل الدوائر المعنية.
وبررت ذلك بأن الحاويات ستكون بمثابة "صدمة نفسية" للاجئين تذكرهم بما عاشوه في المخيمات التركية واللبنانية وما رآه بعضهم في مراكز الإيقاف باليونان وبعض دول شرق أوروبا.
وبمرور الوقت تشدد حكومة المستشارة أنجيلا ميركل من شروط قبول اللاجئين، في محاولة للحد من تدفق اللاجئين والمهاجرين، وذلك بعد انتقادات واسعة وجهها ألمان وأحزاب لسياسة الباب المفتوح التي اتبعتها عام 2015، وأدت لتدفق نحو مليون مهاجر إلى ألمانيا.
ويلقي بعض الألمان بالمسؤولية على كثرة اللاجئين والمهاجرين فيما يخص زيادة معدلات الجرائم والعمليات الإرهابية والفكر المتطرف في البلاد.
وقامت الحكومة الألمانية بعمليات ترحيل جماعي فعلياً للاجئين من أفغانستان، قالت إن الأوضاع في بلادهم تحسنت، كذلك أجرت مفاوضات مع دول في شمال إفريقيا لإقامة معسكرات للاجئين أو لاستقبال لاجئين جدد وتخفيف الضغط على ألمانيا.