على خطى الدولار.. سوق سوداء للأدوية في لبنان
تفاقمت أزمة نقص الأدوية في لبنان التي يستورد أغلبها من الخارج على نحو كبير ، وسط شح الدولار، وتسابق اللبنانيين على التخزين.
وتشهد البلاد منذ أشهر، على وقع الانهيار الاقتصادي والمالي المتمادي، نقصاً كبيراً في الأدوية المستوردة بغالبيتها من الخارج، سواء تلك التي تستخدم لعلاج مرضى كوفيد-19 أو الأمراض المزمنة وصولاً إلى مسكنات الألم العادية وحتى الفيتامينات.
إلا أنّه خلال الأسابيع الأخيرة ومع ارتفاع عداد الإصابات بفيروس كورونا، ظهرت طوابير انتظار طويلة أمام الصيدليات.
سوق سوداء
وحسب وكالة فرانس برس، انتعشت منذ نهاية العام، سوق سوداء وصل فيها سعر بعض الأدوية إلى معدلات خيالية.
وأدى ذلك وفق ما يشرح عاملون في القطاع الصحي الى أزمة غير مسبوقة باتت معها أدوية تستخدم في علاج فيروس كورونا غير متوافرة إلا بكميات قليلة، حتى في المستشفيات.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، يسأل الكثير من اللبنانيين عن سبل تأمين أدوية كوفيد-19 في لبنان الغارق في أسوأ أزماته الاقتصادية.
وانقطعت كذلك أجهزة الأكسجين التي تستخدم في المنازل بسبب تهافت الناس على تخزينها، ما حرم مرضى من الاستفادة منها.
مجهولة المصدر
وانتشرت في الأسواق وفق نقابة مستوردي المستلزمات الطبية أجهزة مزيفة مجهولة المصدر بمبالغ خيالية.
وفي كل مرة تستضيف محطة تلفزيونية طبيباً أو تنتشر تقارير عن إمكانية استخدام دواء ما في علاج كوفيد-19، يتهافت اللبنانيون على الشراء حتى لو لم يكونوا مصابين، وهو ما حدث مؤخراً مع دواء إيفرمكتين، المضاد للطفيليات.
وزعمت تقارير أن الدواء، الذي لم يكن لبنان يستورده أساساً، أنه علاج محتمل للفيروس، رغم تأكيد أعلى المراجع الطبية العالمية عدم وجود أدلة كافية للترويج له كعلاج.
سعر السوق السوداء
وأدى التهافت على إيفرمكتين وفق ما يوضح نقيب مستوردي الأدوية كريم جبارة لوكالة فرانس برس "إلى بروز سوق سوداء للدواء لم يتمكن أحد من لجمها" بعدما تمكنت جهات غير رسمية من استقدامه من الخارج.
وأوضح جبارة، أن سعر بيعه في السوق السوداء وصل إلى 300 ألف ليرة، أي ما يعادل 35 دولاراً وفق سعر الصرف غير الرسمي، فيما تباع العلبة حالياً، بعدما استورده أحد الوكلاء إثر نيله موافقة وزارة الصحة بنحو 8 آلاف ليرة.
وأضاف، سلّمت شركتان، إحداهما محلية، تنتجان نوعين من الأسبيرين، "الأسواق أكثر من 500 ألف علبة خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي، فيما حجم الطلب الطبيعي خلال عام 2020 كان 200 ألف علبة، ورغم ذلك، فالدواء ليس متوافراً حالياً".
التهريب مستمر
ويشرح جبارة "ثمة حالة هلع تغذي نفسها: لدينا تخزين في المنازل، وتهريب لا نعرف حجمه" إضافة إلى "تأخير في التحويلات المالية للخارج من مصرف لبنان".
وازدهر التهريب بشكل رئيسي وفق جبارة جراء محافظة الأدوية على سعرها المدعوم، وهو ما جعل الدعم يذهب لغير مستحقيه.
ويواجه مصرف لبنان مع نقص احتياطي الدولار تدريجياً، ضغوطاً متزايدة في تأمين الحاجيات الأساسية المدعومة منه وعلى رأسها الدواء.
وأسهم تداول أنباء عن توجه لإزالة الدعم في رفع الطلب خشية انقطاع الدواء أو ارتفاع ثمنه على وقع تدهور سعر الليرة التي فقدت أكثر من 80% من قيمتها.