مع بدء الأزمة الروسية الأوكرانية قبل قرابة 6 أشهر، اندلعت على وقعها مواجهة أخرى بين أمريكا ودول أوروبية من جهة وموسكو من جهة أخرى.
تلك المواجهة والتي قادتها أمريكا، استخدمت فيها سلاح العقوبات، كمحاولة لإجبار روسيا على التراجع عن عمليتها العسكرية، إلا أن صمود موسكو والتأثير غير الكبير لذلك السلاح، دفع أعضاء من الكونغرس الأمريكي للضغط على الرئيس جو بايدن لتصنيف روسيا "دولة راعية للإرهاب".
إلا أن تقريرًا لـ"مجموعة الأزمات الدولية" حذر من أن إقدام الولايات المتحدة على ضم روسيا إلى مجموعة صغيرة جداً من البلدان المدرجة في قائمة "رعاية الإرهاب"، والتي تشمل حالياً كوبا، وإيران، وسوريا، وكوريا الشمالية، سيأتي بنتائج عكسية للغاية، مما قد يؤدي إلى تضييق مساحة الدبلوماسية متى حانت لحظة انطلاق محادثات السلام.
وأشار التقرير إلى أن إجراء مثل هذا سيزيد من التوترات "شديدة الخطورة"، وسيعيق الجهود متعددة الأطراف الرامية لمعالجة حالات الصراع والأزمات الإنسانية، لا في أوكرانيا فحسب، بل في العديد من أنحاء العالم.
كيف تصنف الدول كـ"راعية للإرهاب؟
منح الكونغرس الأمريكي وزير الخارجية سلطة تقديرية لتصنيف دولة ما بأنها "راعية لهجمات الإرهاب الدولي"، لكن القوانين الثلاثة التي تمنح سلطة وضع هذه التسميات لا تقدم تعريفا واضحا وشاملا لمعنى "الإرهاب الدولي".
ولا يوجد شرط بأن يقوم وزير الخارجية بتصنيف كل دولة تفي بمعايير التصنيف أو حتى أن تكون الدول المدرجة في القائمة هي "الراعي الأكبر للإرهاب الدولي" في وقت معين.
وبالنظر إلى المرونة التي أوجدها هذا الإطار القانوني، يبدو أن الاعتبارات السياسية والسياسة المحلية، وحتى غير المرتبطة بمكافحة الإرهاب، لها تأثير كبير في قرار التصنيف.
وبحسب تقرير مجموعة الأزمات الدولية، فإن تصنيف إحدى الدول كـ"راعية الإرهاب" هي عملية بالغة الأهمية من الناحيتين القانونية والسياسية، ما يجعل واشنطن تتجنب في الأغلب لإدراج الدول التي تربطها بها علاقات متعددة الأوجه ضمن تلك القائمة.
فما تشترك فيه كوبا والدول الثلاث الأخرى المدرجة حاليًا هو أن الولايات المتحدة ليس لديها علاقات دبلوماسية أو تجارية رسمية معها، بحسب التقرير الذي قال إن التصنيف يشكل مصدرًا إضافيًا للخلاف.
تأثيرات "خطيرة"
إنجريد برونك ويرث مديرة مركز هيلين سترونج كاري للقانون الدولي في كلية فاندربيلت للقانون، ومديرة برنامج برانستيتر للتقاضي وحل النزاعات، تقول إن "تصنيف روسيا كدولة راعية للإرهاب ستكون له بعض التأثيرات السلبية على أوكرانيا ومصالح الولايات المتحدة أيضاً".
وأكدت برونك أنه "لا ينبغي لوزير الخارجية أنتوني بلينكين أن يصنف روسيا كدولة راعية للإرهاب"، مشيرة إلى أنه على الكونغرس التوقف عن الضغط للقيام بذلك؛ لأن مثل هذه الخطوة "سيكون لها تداعيات خطيرة"، لاسيما أنه من غير المرجح أن تُفضي إلى إقناع موسكو بإنهاء العملية العسكرية في أوكرانيا.
وخلص التقرير إلى أن التصنيف ربما يكون مسعى لإظهار الدعم القوي لأوكرانيا، واستجابة لمناشدات الرئيس فلوديمير زيلينسكي، لكن من غير المرجح أن يعمل على إقناع روسيا بإنهاء عمليتها العسكرية أو عكس مسارها.
وعلى الرغم من أن الجهود الدبلوماسية الهادفة لوقف القتال قد تبدو بعيدة، إلا أنه عندما يحل اليوم، فإن التصنيف سيخلق عقبات خطيرة، بحسب تقرير مجموعة الأزمات الدولية، الذي قال إنه سيؤدي إلى مزيد من التدهور في قدرة الدبلوماسيين الأمريكيين والروس على العمل معًا في منتديات متعددة الأطراف.
ويقول التقرير، إنه رغم العملية العسكرية الروسية، فإن التعاون لا يزال قائما بين الدولتين (أمريكا وروسيا) حول منع الصراع وتقديم الدعم الإنساني للمناطق المتضررة من الأزمات.
وأشار إلى أن تصنيف روسيا "سيضخ مخاطر إضافية في موقف خطير للغاية بالفعل"، مؤكدًا أن الإدارة الأمريكية كانت "حكيمة" في مقاومة الجهود المبذولة لدفعها في هذا الاتجاه، وعليها أن تستمر في القيام بذلك.