الهيمنة على سوق النفط العالمي.. حلم أمريكي مؤجل
نيك بتلر رئيس معهد السياسات في كلية كينجز لندن يرى أن طموحات أمريكا من ثورة النفط الصخري قد لا تنتهي إلى حد الاكتفاء الذاتي والتصدير
يرى نيك بتلر رئيس معهد السياسات في كلية كينجز لندن، أن طموحات الولايات المتحدة من ثورة النفط الصخري قد لا تنتهي إلى حد اكتفائها ذاتيا من النفط والغاز وتصديرهما، بل قد تتعدى ذلك إلى الهيمنة على أسواق الطاقة التقليدية في العالم.
وكتب بتلر في مقال بصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، الإثنين، أن قطاع النفط الصخري في أمريكا طور تقنيات تمكنه من خفض تكاليف الإنتاج بحيث يصبح قادرا على الحياة حتى في ظل أسعار متدنية، كما أن شركات أمريكية تدرس تصدير "ثورتها التقنية" لاستخراج النفط الصخري من دول أخرى حول العالم.
- نفط أمريكا إلى الصين يغير قواعد السوق العالمية
- إكسون تستعين بتكنولوجيا مايكروسوفت في الحوسبة السحابية للنفط الصخري
ويقول بتلر إن أحدث البيانات الأمريكية حول توقعات الإنتاج تشير إلى أن ثمة "خطأ" في تقديرات البعض التي تحدثت عن أن "الصخر الزيتي" ظاهرة قصيرة الأجل أو هامشية نتيجة النضوب السريع لمخزونات الحقول.
وكشفت أحدث بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (عادة ما تكون متحفظة في توقعاتها)، أن إنتاج الولايات المتحدة من الخام سيرتفع إلى 13.2 مليون برميل يوميا بحلول نهاية عام 2020، وهو ما يحافظ لواشنطن على صدارتها كأكبر منتج في العالم ويوسع الفارق بينها وبين ملاحقيها.
الصخر الزيتي الذي نظرت إليه أمريكا في البداية كمصدر للغاز فقط، انتهى حاليا إلى أن يصبح المزود الأكبر لاحتياجات الولايات المتحدة من النفط والغاز (الثلثين)، لكن طموحات واشنطن لم تقف عند هذا الحد حتى أصبحت مصدرا صافيا لهما، قبل أن تتدخل في التأثير على الأسعار عالميا.
وبحسب بتلر، فإن نمو الصادرات من الولايات المتحدة هو التفسير الرئيسي لبقاء سعر برميل النفط حول 60 دولارا فقط رغم انخفاض الإنتاج في فنزويلا وإيران نتيجة للعقوبات والاضطرابات.
- إنتاج النفط الصخري بأمريكا يصل إلى 8.4 مليون برميل يوميا في مارس
- توقعات بارتفاع إنتاج النفط الصخري الأمريكي في فبراير
وتوقع أن يستمر إنتاج أمريكا النفطي في الارتفاع حتى 2025 على الأقل، حتى بأسعار النفط الحالية.
وتشير أحدث أرقام وكالة الطاقة الدولية إلى أن صادرات أمريكا النفطية ستستمر في النمو بشكل مطرد، ويعني هذا أن نمو الإنتاج في الولايات المتحدة يمكن أن يستوعب معظم الزيادات السنوية في الطلب العالمي على النفط (حوالي 1 مليون برميل في اليوم) ما يؤثر على صادرات الدول النفطية الأخرى.
أما على صعيد السوق العالمية للغاز، فيرى بتلر إن الصادرات الأمريكية تعيد تشكيل هذا السوق أيضا، خاصة وأن الزيادة الأخيرة في صادرات الغاز من الولايات المتحدة جاءت مستفيدة من كميات متزايدة يتم إنتاجها "بشكل عرضي" وكمنتج ثانوي أثناء استخراج النفط.
وأشار إلى أن أسعار الغاز يمكن أن تنخفض أكثر لا سيما وأن الطفرة الأمريكية، يوازيها طفرات أخرى في الإنتاج حول لعالم، وبالتالي فإن التوقعات السابقة عن ارتفاع في سعر الغاز في أوائل عام 2020 تبدوا الآن في غير محلها.
- 6 مليارات متر مكعب حجم إنتاج أكبر حقل غاز صخري في الصين
- على ترامب ألا يغرد.. أرباح النفط الصخري المتنامية تحت رحمة "أوبك"
ولفت بتلر أيضا، إلى أن ارتفاع صادرات الغاز الأمريكية جاءت رغم توقف مؤقت في تطوير الصخر الزيتي خلال العام الماضي، نظرًا لأن البنية التحتية اللازمة (خطوط الأنابيب) لنقل كميات إضافية منه خاصة من حقل بيرميان العملاق في تكساس ونيو مكسيكو، كانت مختنقة وغير قادرة على الاستيعاب، وتابع:"مع ذلك ارتفع الناتج الأمريكي بأكثر من مليون برميل يوميا في العام الماضي".
وقال رئيس معهد السياسات في كلية كينجز لندن أن الغاز الصخري استحوذ أيضا على حصة سوقية من الفحم في الولايات المتحدة، كما قوض أنشطة الطاقة النووي الأمريكية.
بتلر أشار أيضا إلى أن النفط الزيتي خفض جدا من اعتماد الولايات المتحدة على الواردات، التي وصلت العام الماضي إلى 1.5 مليون برميل يومياً من الشرق الأوسط، مما قد يحرر السياسة الخارجية الأمريكية تجاه المنطقة.
- الجزائر توقع أول عقد لاستغلال الغاز الصخري بعد تجميد المشروع لسنوات
- الصين.. اكتشافات "قياسية" من الغاز الصخري في 2017
"الثورة حية لكن لم يتم تصديرها بعد"، تابع بلتر.. مشيرا إلى أن احتمال التصدير موجود، لا سيما في ظل وجود احتياطيات من النفط الصخري في الصين وجنوب أفريقيا وروسيا وأماكن أخرى كثيرة حول العالم، لكن التقدم في الإنتاج منها كان بطيئاً بسبب الإمدادات الإضافية في سوق عالمية مشبعة.
لكنه قال إن "الوضع بدأ يتغير" حيث تنمو صناعة الصخر الزيتي في الأرجنتين وكندا باستثمارات من شركات طاقة كبرى مثل شيفرون الأمريكية.
ويرى رئيس معهد السياسات في كلية كينجز لندن أن التغييرات التي طرأت على نمط التجارة في أسواق النفط العالمية لا تعدو كونها مجرد تلميح لاضطرابات أخرى قادمة.