مخرجات زيارة بابا الكنيسة الكاثوليكية فرنسيس إلى الإمارات في عام التسامح، شكلت نقلة نوعية في حوار الأديان والتقاء الثقافات وقبول التنوع
يقول المدير التنفيذي لمركز هداية لمكافحة التطرف العنيف سعادة مقصود كروز، ملخصاً أزمة استراتيجيات مكافحة الإرهاب القائمة على ردة الفعل: "إن مكافحة الإرهاب ككيس الملاكمة، ينتظر اللكمة من كل صوب حتى يبدي الكيس ردة الفعل".
عام التسامح ولقاء الأخوة الإنسانية ووثيقتها وأبعادها المحلية والدولية تغير قواعد المشهد مع الجماعات المتطرفة، فاليوم نحن نملك زمام المبادرة وقدم السبق في اللعبة، فبدلاً من الانشغال بمكافحة الإرهاب، تركنا الإرهابيين والدول الداعمة لهم، منشغلين بـ"محاربة التسامح"
هذا الوصف الدقيق للمشكلة الأهم في استراتيجيات مكافحة الإرهاب أو التطرف العنيف يدل على أنها في معظمها تتبنى إطار "ردة الفعل" وليس الفعل والمبادرة. ولو شبهنا المنافسة هنا برقعة شطرنج، نجد أن الجماعات الإرهابية المتطرفة تتقدم بخطوة عن المجتمعات والدول والمؤسسات المعنية بمكافحة هذه الآفة، وقد يكون لهذه الخطوة أثر مُدمر يصعب تداركه أو إصلاحه خصوصاً إذا ما مسّ حياة الأفراد أو سلك بهم إلى غياهب التطرف وتبني العنف.
وقبل الحديث عن استراتيجيات وإجراءات مكافحة الإرهاب والتطرف، وجب الإشارة إلى مدى تعقيد ظاهرة الإرهاب من حيث التطبيق، فالتطرف والإرهاب نجدهما يأخذان أشكالاً متنوعة فقد يكون دينياً، طائفياً، سياسياً واجتماعياً وغيره من الأشكال، وهناك أشكال عديدة للإرهاب منها ظاهرة الذئاب المنفردة والإرهاب النووي والسيبراني، حيث تتسابق قوى الشر في استغلال كل ما هو متاح لنشر الخوف والرعب في نفوس المطمئنين.
وللحديث عن مكافحة الإرهاب، فإن التركيز غالباً ما يتم على الإجراءات اللاحقة للإرهاب وليست الوقائية المانعة لحدوثه، فالحديث عن تجفيف مصادر التمويل يفترضُ وجود شبكة تمويل قائمة، وإجراءات المراقبة والرصد الأمني والاستخباراتي لا يمكن تنفيذها إلا بوجود تنظيمات وجماعات إرهابية تستهدفها هذه الإجراءات، هذا فضلاً عن التحالفات العسكرية الإقليمية والدولية، حتى إن بعض الإجراءات "الوقائية" تأتي بعد دراسة أساليب وتكتيكات ورسائل المنظمات الإرهابية وتصميم رسائل مضادة ونشرها في القنوات التي تستخدمها الجماعات الإرهابية، ولا تزال تحركاتنا هنا في إطار "ردة الفعل".
شكلت مخرجات زيارة بابا الكنيسة الكاثوليكية فرنسيس إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في عام التسامح، نقلة نوعية في حوار الأديان والتقاء الثقافات وقبول التنوع، وتعزيزاً لمنهج التسامح الذي تبنته الإمارات منذُ تأسيسها على يد والدنا المغفور له الشيخ زايد وإخوانه المؤسسين، وكانت ثمرة ذلك الجهد هي لقاء الأخوة الإنسانية الذي جمع فضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب مع قداسة بابا الكنيسة الكاثوليكية وكبار رجال الدين من مختلف الطوائف والأديان في أبوظبي.
عام التسامح ولقاء الأخوة الإنسانية ووثيقتها وأبعادها المحلية والدولية تغير قواعد المشهد مع الجماعات المتطرفة، فاليوم نحن نملك زمام المبادرة وقدم السبق في اللعبة، فبدلاً من الانشغال بمكافحة الإرهاب، تركنا الإرهابيين والدول الداعمة لهم، منشغلين بـ"محاربة التسامح".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة