فساد وبذخ رجال أردوغان في البلديات سلسلة حلقاتها لا تنتهي
حلقة جديدة من سلسلة فساد رجال أردوغان في بلديات تركيا يكشفها مسؤولون وأعضاء مجالس بلدية أتراك
دأب الأتراك وغيرهم من المهتمين بالشأن التركي خلال الآونة الأخيرة على الاستيقاظ كل يوم تقريبا على فضيحة جديدة من فضائح فساد الرئيس رجب طيب أردوغان ونظامه، لا سيما في البلديات التي يتأكد كل يوم أنها كانت مرتعاً للبذخ والفساد لرجال "العدالة والتنمية".
- فساد أردوغان الإداري يعرض مليون عقار للانهيار بإسطنبول
- أرتفين وبرهانية.. حلقة جديدة في مسلسل فساد نظام أردوغان
وحسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "جمهورييت"، كشف معارض تركي، الأربعاء، عن حلقة جديدة من فساد رجال أردوغان في بلدية إسطنبول الكبرى، وإهدارهم المال العام دون وازع أو رادع لمجرد التباهي والرفاهية، رغم ما تشهده البلاد من أحوال اقتصادية متردية.
سعاد صاري، عضو مجلس بلدية إسطنبول عن حزب "الخير" المعارض، ذكر أن رؤساء بلديات العدالة والتنمية ضيعوا جزءاً كبيراً من الميزانية تحت بند استئجار سيارات، وهو في معرض انتقاده تقرير خاص بأنشطة البلدية خلال عام 2018.
وفي السياق ذاته، أوضح صاري أنه تم خلال عام 2018 استئجار 150 سيارة وتخصيصها لعدد من المسؤولين بالبلدية، مضيفاً "يجب التوضيح وفقاً لأي شروط مؤسسية، ولصالح من تم استئجار 150 سيارة، في حين أن هناك 16 رئيس دائرة و32 مديرا فقط في هيئة إدارات الأنفاق والترام الكهربائي التابعة للبلدية".
وبيّن أنه وفق التقرير المذكور، يوجد ألف و117 سيارة تابعة للسلطة في بلدية إسطنبول، مضيفاً "في حين تم تخصيص 170 مليون ليرة من ميزانية البلدية للسائقين والحافلات سنويا فى ميزانية هذا العام".
واستطرد المعارض التركي متسائلاً "أليس هذا فسادا مؤسفا؟ كيف يتم إنفاق هذه الأموال ونحن نعاني معدلات تضخم كبيرة؟".
وأفاد صاري بأن فائدة الدين الداخلي لميزانية بلدية إسطنبول لعام 2019 بلغت 784 مليون ليرة، والدين الخارجي 330 مليون.
وأضاف "يجب وقف هذا الاقتصاد المهدر في أسرع وقت ممكن، لم أرَ أي دولة في أوروبا تخصص سيارات للموظفين، بل إن رئيس الدائرة والمناصب المماثلة يذهبون ويأتون من وإلى المؤسسات العامة بوسائل النقل العام".
تجدر الإشارة إلى أن هذه الفضيحة لم تكن الأولى من نوعها، إذ سبق أن كشف منصور يافاش، الرئيس الجديد لبلدية العاصمة أنقرة، عن حالة من "البذخ الشديد" عاشها رجال أردوغان وهم يديرون شؤون البلدية سابقا، لدرجة إنفاق 36 مليون ليرة (أكثر من 6 ملايين دولار) خلال السنوات الثلاث الماضية في بند ترفيهي هو استئجار السيارات من الشركات الخاصة.
وذكر يافاش يوم 27 أبريل/نيسان الماضي، أن بلدية أنقرة استأجرت خلال أعوام 2015 و2016 و2017 نحو 658 سيارة مقابل 36 مليون ليرة.
وفي سياق الفساد ذاته، كشفت بريفان هيلين إيشيق، الرئيسة الجديدة لبلدية ولاية سيرت الكبرى (جنوب شرق)، الأربعاء، عن وصول إجمالي ديون البلدية حينما كانت بعهدة وصي معين من قبل أردوغان إلى 115 مليونا و622 ألف ليرة تركية.
وحسب ما نشره الموقع الإخباري التركي، نقلا عن بيان من الرئيسة الجديدة، تضمنت تلك الديون 34 مليوناً و867 ألفاً و557 ليرة ديون مستحقة لدول الاتحاد الأوروبي.
تجدر الإشارة إلى أنه بموجب قانون الوصاية على البلديات الذي أقرته السلطات التركية عقب المحاولة الانقلابية المزعومة عام 2016، والذي يمنح رئيس الجمهورية الحق في تعيين أوصياء جدد للبلديات بعد الإطاحة برؤسائها المنتخبين، بمزاعم عدة أبرزها الانتماء لتنظيمات إرهابية.
وتم بموجب هذا القانون الإطاحة بـ96 رئيس بلدية منتخب، ينتمي معظمهم لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي، بل اعتقال عدد منهم.
غير أن الانتخابات المحلية الأخيرة كانت سبباً في عودة معظم هؤلاء الرؤساء بعد انتخابهم، ليكشفوا بين الحين والآخر عن فضائح أوصياء أردوغان ونهبهم المال العام.
التحقيقات التي أجرتها البلدية أثبتت أن الديون المتراكمة، تقدر بـ115 مليوناً و622 ألفاً و296 ليرة تركية، تراكمت في الفترة من 6 فبراير/شباط 2017، وهو التاريخ الذي عُيّن فيه الوصي جيحون دلشان طاشقين، وحتى الانتخابات التي جرت في 31 مارس/آذار الماضي.
يشار إلى أن تقريرا رقابيا صدر عن ديوان المحاسبة التركي، مارس/آذار الماضي، كشف عن فساد مهول في جميع إدارات البلديات التركية التابعة لحزب أردوغان، تضمنت رشوة ومحسوبية وكسباً غير مشروع.
وأوضح التقرير أن المجاملات ومحاباة الأصدقاء والأقارب في التوظيف تفشت في تلك البلديات، كما رصد أشكالاً عديدة من أساليب الكسب غير المشروع، ومخالفة القانون الذي تحول إلى ممارسة معتادة في البلديات.
وإلى جانب هذه التقارير، قام عدد من الرؤساء الجدد لبعض هذه البلديات ممن فازوا بمناصبهم في الانتخابات المحلية الأخيرة، بالكشف عن ديون ومخالفات مالية جسيمة ارتكبها الرؤساء السابقون لتلك البلديات من المنتمين للحزب الحاكم.
وتأتي حالة البذخ والفساد هذه في وقت تشهد فيه البلاد أوضاعاً اقتصادية متردية، دأب النظام الحاكم خلالها على دعوة الناس للتقشف.