تايم لاين.. رحلة آلام الدينار الليبي في 9 سنوات
الدولار تضاعف قيمته أمام الدينار أكثر من 3 مرات ونصف، حيث قفز من متوسط 1.26 دينار في 2012 إلي 5.83 دينار في نهاية سبتمبر 2020
"لا ثورة دون خسائر".. مقولة يتداولها الكثيرون، لتبرير الأزمات الاقتصادية التي عرفتها ليبيا بعد ثورة فبراير/ شباط 2011 والتي تخطت التوقعات، لتؤدي إلى تدهور سعر الدينار الليبي، وضعف العملة مقابل الدولار.
"العين الإخبارية" ترصد رحلة تدهور سعر صرف الدينار خلال 9 سنوات، منذ ثورة فبراير/ شباط 2011 والذي انخفضت قيمته بنسبة 362% بما يعني أن الدولار الأمريكي تضاعفت قيمته أمام الدينار الليبي أكثر من 3 مرات ونصف.
وقفزت قيمة الدولار أمام الدينار من متوسط 1.26 دينار في 2012 إلي 5.83 دينار في نهاية سبتمبر 2020.
وتعتمد ليبيا على إيرادات النفط كمصدر وحيد للعملة الصعبة لكن مع إغلاق موانئ التصدير، فإن إيرادات ليبيا من النفط الذي يباع بالدولار واصلت الانخفاض بمعدل كبير، ما أدى إلى تدهور قيمة الدينار.
بيع العملة الصعبة
وتذبذب أداء الدينار أمام الدولار صعودًا وهبوطًا متأثرًا بالتطورات السياسية التي شهدتها ليبيا منذ فبراير/شباط 2011، وتأثيراتها على حجم إنتاج وتصدير النفط.
وبلغ متوسط سعر صرف الدولار أمام الدينار في عام 2012 نحو 1.2596 دينار.
وأصبح الدينار الليبي يتداول في دول الجوار بسعر متدن جدا، حيث بيع في تونس بنحو 45 قرشا تونسيا، وفي محافظات مصر بأسعار متباينة، إذ جرى تداوله في القاهرة بسعر يزيد قليلا على الثلاثة جنيهات،
بينما يرتفع إلى أكثر من أربعة جنيهات في محافظة مرسى مطروح الواقعة على الحدود مع ليبيا.
وباع المصرف المركزي الليبي 11 مليار دولار من العملة الصعبة في عام 2012 للسيطرة على العملة المتداولة في السوق المحلية، نتيجة سحب المواطنين ودائعهم في بداية الثورة الليبية عام 2011.
ضربة جديدة
وتلقى الدينار ضربة جديدة بعد أحداث مدينة سرت في عام 2013، حين تعرضت شاحنة نقل أموال تابعة لمصرف ليبيا المركزي إلى سطو مسلح من قبل مسلحين والاستيلاء على مبلغ 53 مليون دينار ليبيا و12 مليونا من عملات أجنبية (دولار - يورو).
انتكاسة كبيرة
وأدى إغلاق موانئ وحقول النفط في منتصف 2013، إلى انتكاسة كبيرة في الإيرادات، وعجز مالي كبير في الميزانية بسبب انخفاض الصادرات النفطية إلى أقل من 400 ألف برميل يوميًا بينما كانت ليبيا تصدر 1.7 مليون برميل يوميا في عام 2010.
واضطر مصرف ليبيا المركزي في عامي 2013 و2014 إلى سحب أكثر من 20 مليار دولار من احتياطيات النقد الأجنبي لسد العجز في الميزانية العامة على خلفية تراجع معدل تصدير النفط إلى نحو 400 ألف برميل يوميا.
وانخفض متوسط السعر الرسمي للدولار إلى 1.2566 دينار في العام 2013، ليعاود الارتفاع بنسبة 6.4% إلى 1.3379 دينار في العام 2014، وهو عام بداية الانقسام السياسي.
استشراء الفساد
وأدى استشراء الفساد في القطاع العام وانتشار ظاهرة التهرب الضريبي وتقاعس الجهات العامة عن دفع المستحقات، إضافة إلى المبالغة في الإنفاق التسييري وتقديرات خاطئة عن أسعار النفط، إلى الفشل في السياسة المالية.
ولم يستطع "المركزي الليبي" شراء كميات من الدولار من الأسواق العالمية كأحد الخيارات المتاحة لحل أزمة الدولار بسبب ضعف الثقة والجدارة الائتمانية للاقتصاد الليبي من مؤسسات ووكالات التصنيف العالمية مثل "فيتش" و"ستاندرد آند بورز" و"موديز".
مايو 2015
وخسر الدينار الليبي نحو نصف قيمته مقابل الدولار ليستقر عند حوالي 2.6 دينار للدولار الواحد بسبب عمليات احتيال أدت إلى نقصٍ في احتياطيات النقد الأجنبي لدى المصارف، الأمر الذي دفع اللجنة المالية في المؤتمر الوطني الليبي العام إلى مساءلة مصرف ليبيا المركزي ومطالبته باتخاذ الإجراءات اللازمة.
وأدى ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية بالبلاد إلى حالة من الغلاء في أسعار السلع بالسوق، فضلا عن زيادة ملحوظة في مستويات الإقبال على هذه العملات من طرف المتعاملين.
ووصل متوسط سعر الدولار أمام الدينار في عام 2016 إلى 1.4451 دينار، لتقفز العملة الأمريكية بنسبة 15% خلال 3 سنوات.
وفي عام 2018 أدت إجراءات الإصلاح المالي والنقدي، بفرض رسوم على مبيعات النقد الأجنبي ورفع مخصصات الأفراد من الدولار إلى هبوط متوسط سعر صرف الدولار في السوق الرسمية 1.3945 دينار، ثم إلى 1.3825 دينار في فبراير/ شباط 2019 مقابل 1.4451 دينار أعلى سعر سجله الدولار قبل عامين.
وشهدت أسعار الدولار، في 2020، ارتفاعًا أمام الدينار الليبي في السوق الموازية، إذ بيعت العملة الأمريكية الأربعاء بـ5.83 دينار، مقابل 5.75 دينار أمس الثلاثاء.
تحذيرات البنك الدولي
وحذر البنك الدولي، في دراسة له عن القطاع المالي في ليبيا، نشرت سبتمبر/ أيلول الجاري، من استمرار الانقسام في المصرف المركزي، الذي أضعف السيطرة على السياسة النقدية والسياسة المالية العامة من خلال الطبع العشوائي للعملة.
واختزل التقرير القطاع المالي في ليبيا في 4 سمات تسيطر عليه؛ أبرزها تواجد مصرفين مركزيين يعملان في البلاد، إذ تسبب هذا الانقسام في إضعاف السيطرة على السياسة النقدية وسياسة المالية العامة وأداء الإشراف المصرفي على البنوك بصورة كاملة.
وتشير الدراسة إلى تجميد جميع المبادرات والأنشطة في القطاع المالي، فيما عدا الأنشطة المصرفية، وتوقَّف عمل سوق الأوراق المالية بشكل أساسي مع قلة عمليات التداول العامة، فيما لا تزال أشكال التمويل الأخرى، مثل التأجير التمويلي والتأمين، في بدايتها.
وتساءلت فاليريا جوف، المختصة في قطاع الممارسات العالمية للتمويل والتنافسية والابتكار في البنك الدولي: "هل يمكن القيام بشيء ما لمساندة تطوير القطاع المالي في ليبيا؟ وهل ذلك ممكن حتى في ظل الظروف الحالية؟".
إصلاح النظام النقدي
واعتبرت جوف، أن إصلاح النظام النقدي يعد شرطًا مسبقًا لإحراز أي تقدم في مجال خدمات الوساطة المالية، لكن لا يمكن تحقيق ذلك إلا بعد توحيد المصرفين المركزيين في ليبيا، ومن المتوقع أن تتم أعمال المراجعة الدولية للمصرفين في المستقبل القريب، وهي الخطوة الأولى نحو التوحيد.
وتنصح المسئولة بالبنك الدولي بتفعيل بعض المبادرات على غرار تعزيز حوكمة القطاع المالي (فصل ملكية مصرف ليبيا المركزي عن المصارف التي يشرف عليها)، والإعداد لإجراء فحص ذي جودة للأصول المملوكة للمصارف الرئيسية.
كما نصحت بتحسين جمع بيانات القطاع المالي، وإعادة بناء السجل العقاري، وحفز تطوير المدفوعات الإلكترونية، وتنفيذ تدابير لتعزيز فرص حصول السكان والشركات الصغيرة على الخدمات المالية، وبناء قدرات مصرف ليبيا المركزي.
وأكدت، أن السلطات الليبية بالفعل أشواطًا في بعض هذه المجالات، وهي بحاجة إلى مواصلة العمل بشأنها.