المناصب السيادية.. هل يعطل إخوان ليبيا قطار خارطة الطريق؟
تعددت الأسباب والهدف واحد، هكذا دأب إخوان ليبيا على تعطيل قطار خارطة الطريق، متذرعين بحجج وصفها مراقبون بـ"الواهية".
فمن الاستفتاء على الدستور، مرورا بطريقة اختيار الرئيس، إلى المناصب السيادية، محطات ثلاث، توقف عندها قطار خارطة الطريق، ليدخل في موجة من الجدل، الهدف الأساسي منها إحداث بلبلة في الشارع الليبي، وفرض صفقة تنظيم الإخوان التي يريد تمريرها من وراء الكواليس، رافعين شعار الحصول على كل شيء أو تعطيل كل شيء.
إلا أن مجلس النواب الليبي، كان لهم هذه المرة بالمرصاد؛ ليخرج المستشار عقيلة صالح، رافضًا لقاء ممثلهم وهو رئيس ما يعرف بالمجلس الأعلى للدولة الإخواني خالد المشري في مدينة وزنيقة المغربية، معلنًا تمسكه بالاتفاقات السابقة حول المناصب السيادية وآلية توزيعها.
أزمة شائكة
ويواجه ملف المناصب السيادية في ليبيا أزمة شائكة، ففيما يصر مجلس النواب على التمسك بمخرجات اتفاق بوزنيقة، وتوزيع المناصب السيادية وفق المعيار الجغرافي على أقاليم البلاد الثلاثة التاريخية، بُرقة وطرابلس وفزان، يسعى "الأعلى للدولة" لحسم أهم تلك المناصب لصالحه، دون مراعاة الاتفاق المشار إليه سلفًا.
ويشكل ملف المناصب السيادية أهم عقبة في طريق توحيد مؤسسات البلاد، كما أنه شرط أساسي لإجراء الاستحقاق الانتخابي، ما يجعل من تأخير حسمه، تهديدًا لخارطة الطريق الأممية في ليبيا والتي تتوج بإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
مماطلة إخوانية
في هذا الصدد، يقول المحلل السياسي الليبي حسين المسلاتي لـ"العين الإخبارية"، إن "تنظيم الإخوان السبب الرئيس وراء فشل الوصول إلى اتفاق حول المناصب السيادية في ليبيا"، مشيرًا إلى أنه رغم التنازلات التي أقدم عليها مجلس النواب بتخليه عن جزء من اختصاصاته التشريعية والقبول بالتشارك مع "الأعلى للدولة" فيها، إلا أن الأخير يماطل في حسم الملف الشائك.
وبحسب مخرجات الاجتماعات السابقة بين الأعلى للدولة والنواب، فإنه جرى التوافق على أن يفتح مجلس النواب باب الترشيحات للمناصب السيادية ومن ثم يحيل ملفات المتقدمين إلى مجلس الدولة، ليختار من بينها أسماء تحال بدورها إلى البرلمان ليصوت عليها.
صفقة خلف الكواليس
ولهذا، يرى المحلل السياسي الليبي، أن الكرة الآن في ملعب مجلس الدولة الذي يحاول تمرير صفقة من خلف الكواليس عبر فرض شخصيات بعينها، معلنًا تمسكه بمحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير أو خالد شكشك رئيس ديوان المحاسبة.
وأشار المسلاتي إلى أن عرقلة تنظيم الإخوان لهذا الملف، "جاء بهدف الحفاظ على نفوذهم ومصالحهم، والتغطية على ملفات الفساد المالي الكبير ،والتجاوزات الضخمة التي تورطوا فيها، والتي قد تدفع بهم خلف القضبان".
اتفاقيات دولية
وطالب المحلل السياسي الليبي بتنحية خلافاته حول الملف الليبي جانبا، وإظهار جدية أكثر في تنفيذ كل الاتفاقات الدولية التي لم يتم تطبيقها.
بدوره قال المحلل السياسي الليبي خالد الترجمان، لـ"العين الإخبارية"، إن تنظيم الإخوان الليبي "يحاول بشتى الطرق عدم الوصول إلى انتخابات ديسمبر، متذرعًا بذرائع مختلفة، منها الدستور، والقاعدة الدستورية، والمناصب السيادية".
موقف حاسم
وأوضح الترجمان، أن "هناك توافقًا حول ملف المناصب السيادية، إلا أن تنظيم الإخوان يحاول الاستيلاء على مناصب بعينها، ضاربًا بالاتفاقات السابقة عرض الحائط"، مشيرًا إلى أنهم "يسعون لاقتناص منصب مفوضية الانتخابات حتى يعيثوا فيها فسادا، فضلا عن سعيهم الحثيث للمتاجرة بمحافظ مصرف ليبيا المركزي والاستثمارات الخارجية، إلا أن موقف رئيس مجلس النواب عقيلة صالح كان حاسمًا في الرباط، برفضه الجلوس مع المشري".
ورأى المحلل السياسي الليبي أن تنظيم الإخوان "لا يمكن الذهاب معه لبناء دولة مدنية، كونه لا يفهم إلا لغة واحدة"، متوقعًا انقلاب الشارع الليبي على قيادات لتنظيم وحسم الصراع الدائر حاليًا نهائيا.
فشل إخواني
المحلل السياسي الليبي محمد يسري توافق مع تصريحات المسلاتي والترجمان، إلا أنه أكد لـ"العين الإخبارية"، أن تنظيم الإخوان "يسعى لإفشال أي مساع للتوافق في البلاد، إثر عودتهم بخفي حنين من جنيف (في إشارة للملتقى السياسي الذي حسم في فبراير/شباط الماضي الأسماء التي تولت المجلس الرئاسي والحكومة)".
وبين المحلل السياسي الليبي، أن "تنظيم الإخوان يتحرك الآن من جديد محاولا تخريب أي توافق يتم الوصول إليه، لأنه أصبح خارج المشهد، لذلك تتجه أنظاره نحو تعطيل الوصول إلى المناصب السيادية، لأن جميع الشخصيات التي دفع بها لا تمتلك المعايير لتوليها".
عرقلة الانتخابات
وأشار إلى أن التنظيم الليبي، يتحرك بخطوات حثيثة نحو عرقلة انتخابات الرابع والعشرين من ديسمبر، خوفًا من تكرار فشله في الانتخابات البرلمانية التي أجريت عام 2014، فضلا عن فشله –حتى الآن- في تنحية رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات الحالي عماد السايح، وهو ما يحرمه من التلاعب في الانتخابات.
7 مناصب
والمناصب السيادية التي من المقرر حسمها من قبل مجلسي النواب والأعلى للدولة هي، محافظ المصرف المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس جهاز الرقابة الإدارية، ورئيس هيئة مكافحة الفساد، إضافة إلى رئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات ورئيس المحكمة العليا ومعهم منصب النائب العام.
شروط الترشح
وبحسب مخرجات اجتماع للجنة (13 + 13) المشكلة من مجلسي النواب والأعلى للدولة، المنعقد في فبراير/شباط الماضي، جرى توزيع المناصب السيادية بناء على المعيار الجغرافي على أقاليم ليبيا الثلاثة.
إذ مُنح إقليم برقة (شرق) محافظ ليبيا المركزي وهيئة الرقابة الإدارية، وطرابلس (غرب) ديوان المحاسبة والمفوضية العليا للانتخابات، وفزان (جنوب) هيئة مكافحة الفساد والمحكمة العليا.
وتوافقت اللجنة على ضرورة أن يتمتع كل مرشح لأي منصب من المناصب السيادية بالجنسية الليبية فقط، بالإضافة إلى عنصر الكفاءة والمؤهل العلمي وعدم تقلد مناصب سيادية فيما سبق.
على أن تفتح عملية الترشح للمناصب لجميع الليبيين، قبل أن يتمّ فرز الملفات من قبل المجلس الأعلى للدولة والبرلمان الليبي لاختيار المرشح الأفضل والأكثر إجماعا من الطرفين.
aXA6IDE4LjE5MS4xNjUuMTQ5IA== جزيرة ام اند امز