منذ عام 2015، أعلنت كوت ديفوار حالة التأهب القصوى ضد الإرهاب في مناطق شمال البلاد.
وتعرضت كوت ديفوار عام 2016 لهجوم إرهابي كبير نفّذه تنظيم "القاعدة"، استهدف منتجع جراند بسام.
وفي مطلع عام 2023، غيّر فرع "القاعدة" في مالي استراتيجيته وبدأ الهجوم في جنوب العاصمة باماكو، قرب الحدود مع غينيا كوناكري وكوت ديفوار.. وهذه البلدان، بالإضافة إلى غانا وتوجو وبنين، ولا سيما المناطق التي تسكنها قبائل "الفولاني"، معرضة للهجمات الإرهابية.
وقد تمكّنت كوت ديفوار حتى الآن من صدّ جميع محاولات كتيبة "ماسينا"، التابعة لتنظيم "القاعدة" الإرهابي.. فيما يسعى التنظيم لترسيخ وجوده في مناطق شمال البلاد.
ولا تعاني كوت ديفوار من مشكلة تجنيد إرهابيين مقارنة بمالي وبوركينا فاسو، ورغم ذلك لم تتوقف التنظيمات الإرهابية عن تجنيد عناصر إيفوارية يتم إرسال بعضها للقتال في بلدان مجاورة.. وقد أفادت مخابرات كوت ديفوار بوجود خلايا إرهابية تتكون من أعضاء مجندين في شمال البلاد.
وبعد هجوم كافولو عام 2020، تحرّكت السلطات الإيفوارية بسرعة وألقت القبض على عشرات الإرهابيين المنتمين لهذه الخلية، والذين حصلوا على دعم من السكان.. كان هذا الهجوم من أضخم الهجمات الإرهابية بعد اعتداء جراند بسام عام 2016.
حاليا، تحارب كوت ديفوار تسلل الإرهابيين، ولكنها تحارب أيضا تسلل من يوصفون بأنهم "أئمة ودعاة" ينشرون عقيدة متطرفة بين السكان، مستغلين فقرهم.
ويموّل الإرهابيون أنشطتهم من خلال الاتجار بالمخدرات وباقي الممنوعات، وكذا إجبار السكان على دفع ضرائب أثناء عبور الأراضي الخاضعة لسيطرتهم.
ولتنظيمي "القاعدة" و"داعش" الإرهابيين مصلحة في احتلال مناطق معينة لإنشاء طرق تهريب المخدرات وغيرها من الأنشطة الإجرامية.. لذلك، من المهم العمل ليس فقط ضد الإرهابيين حيث يوجدون، ولكن أيضا في أماكن منشأ البضائع غير المشروعة، التي تمرّ عبر مناطق سيطرتهم.. وبهذه الطريقة، يمكن قطع تمويل الإرهابيين وتقليص قدرتهم على النشاط.
وقد عالجت كوت ديفوار مشكلة تسلل الإرهابيين إلى شمال البلاد عبر التركيز على التعليم والصحة والتنمية الاقتصادية.. وترتكز فكرة المعالجة على خلق بدائل ورؤية مستقبلية للشباب، ويبدو أن هذه الاستراتيجية تحقق نتائج جيدة حتى الآن.
ورغم جهود كوت ديفوار لإيجاد بدائل ورؤية للمستقبل، فإن الجماعات الإرهابية، خاصة تنظيم "القاعدة"، تواصل إحداث الضرر والضغط من بوركينا فاسو.. لذلك، يفرّ آلاف اللاجئين من شمال كوت ديفوار بسبب الوضع الأمني.. وقد دفع هذا وزير الدفاع الإيفواري إلى الإبلاغ خلال جلسة لمجلس الأمن القومي في بلاده في 2 فبراير/شباط الجاري عن وصول نحو 9000 لاجئ إلى بوركينا فاسو مؤخرا.. وفي عام 2022، وصل ما يقرب من 7000 لاجئ، وفي عام 2021 هرب ما يقرب من 20000 لاجئ إلى كل من مالي والنيجر وبنين.
ومنذ عام 2018، يختبئ الإرهابيون في مناطق الغابات في كوت ديفوار، ما دفع قوات الأمن للانسحاب.
وقد سمح الإرهابيون للسكان المحليين بالصيد أو رعي مواشيهم أو استخراج المعادن مقابل الحد الأدنى من الضرائب، وهو أمر لم يكن مسموحا لهم في السابق.
يحدث الأمر نفسه في شمال بنين، ما أدى بالسلطات إلى حظر الترحال على الحدود في عام 2020.. وبهذه الاستراتيجية، يكسب الإرهابيون للأسف تعاطف السكان المحليين.
هنا يمكن استنتاج أن لتنظيم "القاعدة" مصلحةً في البلدان الأفريقية الساحلية المطلة على المحيط الأطلسي، رغم أنه لا ينوي احتلالها، لكنه سيستمر في تنفيذ العمليات بها، فيما لن يتبنى الاستراتيجيات نفسها في دول الجوار الشمالي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة