تحذيرات.. أدلة على أن البغدادي حي ويدبر خطة "مرعبة"
رغم الغموض الذي يكتنف مصير أبو بكر البغدادي يعتقد كثير من المسؤولين الأمريكيين أنه ما زال حيا ويساعد في توجيه التنظيم.
رغم الغموض الذي يكتنف مصير زعيم تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي، والتقارير التي تصوره إما ميتاً أو مصابا بإصابات بالغة أو عاجزاً، يعتقد كثير من المسؤولين الأمريكيين أنه ما زال حيا ويساعد في توجيه فلول التنظيم بسوريا، بل إنه منهمك في تدبير مخطط جديد مرعب.
وفي تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، قالت رغم هذه الشائعات، فإن مسؤولي مكافحة الإرهاب في أمريكا مقتنعون بأن البغدادي ما زال حيا ويساعد في توجيه استراتيجية قوية طويلة الأمد للأعداد المتضائلة من مسلحي "داعش" الذين يدافعون عن معاقل الجماعة في شرق سوريا.
وما يدعم وجهة النظر الأمريكية، هو عمليات اعتراض (تنصت) أجهزة المخابرات واستجوابات المعتقلين، وكذلك الكتابات والتصريحات التي أدلى بها عملاء داخل شبكة التنظيم الإرهابي.
ويقول خبراء مكافحة الإرهاب، رغم أن الأدلة غير مكتملة ويصعب تأكيدها، فإنها تصور زعيما اختار أن يجعل نفسه خفيا، حتى داخل التنظيم، وهو القرار الذي أثار الشكاوى من الأتباع وربما يضعف الشعور بالقدرة على حشد قواته المحاصرة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد انهيار ما يسمى "الخلافة" وسقوط معقلها في العراق، استدعى زعيم تنظيم "داعش" الإرهابي أبو بكر البغدادي بعض كبار مساعديه إلى اجتماع في شرق سوريا العام الماضي، حيث كان هناك شيء آخر يشغل تفكيره ألا وهو تلاميذ المدارس.
وأشارت إلى أن البغدادي دعا شخصيا إلى اجتماع في مدينة دير الزور لإعادة كتابة المنهج التعليمي للجماعة الإرهابية، وفقا لمسؤول في "داعش" تم اعتقاله في عملية مشتركة قام بها مسؤولون أتراك وعراقيون في وقت سابق من هذا العام.
ويبدو أنه على الرغم من الظروف العصيبة التي تعيشها المجموعة، أراد البغدادي دراسة موضوع لا علاقة له ببقاء النواة الأيديولوجية للتنظيم.
وقال الضابط المعتقل المعروف باسم أبو زيد العراقي في بيان بثه التلفزيون العراقي: "هناك العديد من كبار القادة كانوا حاضرين وكذلك لجنة المناهج، التي أترأسها"
وأوضح أن الاجتماع الذي عقد في منتصف عام 2017، كان الاجتماع الثالث للجنة، التي كانت مشروعًا مفضلا لزعيم التنظيم، بعد أن "أنشأها الخليفة أبو بكر البغدادي"، كما قال الضابط.
لكن عمليات الاعتراض والتقارير تشير أيضاً إلى أن البغدادي قد حول اهتمامه في الأشهر الأخيرة إلى صياغة إطار أيديولوجي ينجو من التدمير المادي للخلافة في العراق وسوريا. وبالإضافة إلى جهوده في تجديد المناهج المدرسية للتنظيم، يبدو أن البغدادي كان وراء سلسلة من الرسائل في الأشهر الأخيرة التي سعت إلى تسوية الخلافات الأيديولوجية بين فصائل مسلحي "داعش".
وقال مسؤولون إنه بالنظر إلى هذه الأمور معا، فإن مثل هذه التصرفات تنقل انطباعا بانسحاب منظم، حيث يساعد البغدادي في إدارة الاستعدادات للتحول مما يسمى الخلافة إلى التمرد السري والحركة الإرهابية الدولية.
في السياق، قال نيكولاس راسموسن، الذي شغل منصب مدير مركز مكافحة الإرهاب القومي حتى ديسمبر/كانون الأول، إنه "حتى مع خساراتهم الموصل والرقة، كنا نرى مؤشرات على أنهم كانوا يخططون لتشغيل منظمة سرية جديدة، بينما كان يتم طردهم من هذه الأماكن، كانوا يخلفون وراءهم نوعًا من هيكل الخلية".
وأكد على هذه الاستراتيجية الأساسية من وصف نفسه بأنه أحد عملاء "داعش" الذي تواصل مع "واشنطن بوست" من خلال خدمة الرسائل المشفرة، حيث قال إن البغدادي -وهو أستاذ جامعي قبل أن يصبح إرهابيا- وعدد من كبار القادة الآخرين قرروا في وقت مبكر إعطاء الأولوية لتلقين الأطفال والمجندين، سواء داخل العراق أو سوريا أو خارجها، عبر الإنترنت، واكتسبت تلك الجهود مزيدا من الأولوية حيث أصبح من الواضح أن جيب الجماعة لن ينجو، على حد قوله.
وأضاف العميل، الذي وافق على إجراء المقابلة بشرط عدم الكشف عن هويته: "القيادة مقتنعة بأنه حتى لو اختفت الدولة، طالما أنهم يمكن أن يؤثر على الجيل القادم من خلال التعليم، فإن فكرة الخلافة ستستمر"
وأشار إلى أنه بموجب توجيهات بغدادي "ستغرس قيم الخلافة في الأمة (المجتمع الإسلامي)، ولن تختفي حتى لو كانت اختفت الخلافة".
وقال مسؤول أمريكي متخصص في شؤون مكافحة الإرهاب، اشترط عدم ذكر اسمه لمناقشة تقييمات الاستخبارات: "بكل المؤشرات، هو على قيد الحياة، نعتقد أنه ما زال ينسق، ولا يزال يساعد في إدارة التنظيم".
وفي غضون ذلك، يرى بعض المراقبين أن غياب البغدادي جزء من استراتيجية متعمدة داخل تنظيم اختار في السنوات الأخيرة إلغاء التأكيد على أهمية فرادى القادة لتطوير مُثُل المجموعة.
وفي هذ الصدد قال كول بونزيل، الباحث في شؤون الشرق الأوسط في جامعة برينستون: "يقول الكثير من أنصار التنظيم إن البغدادي لا يريد أن يجعل من كل شيء في داعش عنه. لقد كان هناك جهد، في الواقع، ليس لرفع أي شخصية فوق التنظيم".
ومع ذلك، فإن الاختفاء الافتراضي للبغدادي خلال صراع حاسم من أجل بقاء "داعش" أثار الجدل داخل التنظيم نفسه، ففي الأسابيع الأخيرة، نشر أعضاء من التنظيم في دير الزور رسائل على وسائل الإعلام الاجتماعي يشكون من أن البغدادي أزال نفسه من ميدان المعركة.
وعن هذا قال ستيفن ستالينسكي، المدير التنفيذي لمعهد أبحاث وسائل الإعلام في الشرق الأوسط، وهي منظمة غير ربحية في واشنطن تراقب مواقع المتطرفين على الإنترنت: "هذا يؤثر بوضوح على معنويات داعش ومؤيديها".
في المقابل، استجاب مؤيدون آخرون للانتقاد بتجديد قسم الولاء للبغدادي، فيما وصفه ستالينسكي بأنه "إشارة محتملة إلى أنه يواجه أو كان يواجه تحديات لسلطته من الداخل".
وأوضح راسموسن، مدير المركز الوطني السابق لمكافحة الإرهاب، أن الحملة العسكرية التي تتقدم ببطء ولكن بثبات ضد "داعش" أعطت البغدادي فرصًا كبيرة لتطوير خطوط الاتصال الآمنة والتحضير للمستقبل، محذرا أنه من المحتمل أن تشمل هذه الاستعدادات عمليات إرهابية مستقبلية وشحذ نظام للثبات ونشر الأفكار الأساسية للتنظيم بعد انتهاء وجود ما يسمى "الخلافة".