تاريخٍ طويلٍ من الاتهامات التي لحقت بمنظمة الصحة العالمية عند كل أزمة وبائية قوية مرت على البشرية
حينما تكون منظمة عالمية معنية بأهم قطاع في أي مجتمع كان وهو الصحة، قاب قوسين أو أدنى من خسارة ثقة الحكومات والشعوب بها نتيجة ما يحيطها مؤخراً من لغط، حول مغالطاتها وتكهناتها المصيرية بشأن فايروس كورونا المستجد كوفيد ١٩، فهنا يتبادر إلى الأذهان إمكانية أن تكون هناك وقفة جادة تعيد لهذا الكيان هيبته.
لا ندري أهو استهداف إعلامي أو لعبة مسيسة تطال منظمة الصحة العالمية، أم أن هناك ثغرات واضحة فعلاً في عمل هذه الجهة، التي تعتبر سلطة التوجيه والتنسيق في منظومة الأمم المتحدة فيما يتعلق بالصحة على المستوى الدولي، وتملك نحو ١٥٠ مكتباً حول العالم وآلاف الموظفين ؟!.
هنا تجدر الإشارة إلى تاريخٍ طويلٍ من الاتهامات التي لحقت بالمنظمة عند كل أزمة وبائية قوية مرت على البشرية
ولكن الأكيد أن نظرةً مريبةً باتت تتشكل كهالة غامضة تحيط بالمنظمة، خاصة بعد أن غرد رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب بصورة عن كتاب أرسله إلى مديرها العام تيدروس أدهانوم غيبريسوس، جاء فيه أنّه "إذا لم تلتزم منظمة الصحة العالمية بإدخال تحسينات جوهرية كبيرة في غضون الثلاثين يوماً المقبلة، سأحوّل تجميدي المؤقّت لتمويل الولايات المتحدة لمنظمة الصحة العالمية إلى تجميد دائم وسأعيد النظر في عضويتنا في المنظمة"..، وأيد هذا الرأي وزير الصحة الألماني مؤخراً الذي أشار إلى أن المنظمة تخضع "لنفوذ بعض الدول الأعضاء".
وجاء الرد سريعاً من المفوضية الأوروبية التي أعلنت دعمها لمنظمة الصحة العالمية بعد تهديدات الرئيس الأميركي، لأنها ترى أن هذا وقت إظهار التضامن بدلاً من توجيه أصابع الاتهام أو تقويض التعاون متعدد الأطراف، وبالتوازي أكد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون دعم بلاده لجهود المنظمة كذلك.
وبعيداً عما إذا كان خطاب ترامب مسيساً نتيجة انحياز المنظمة لدولة ما كما يشاع، فإن جولة سريعة في مواقع التواصل الاجتماعي كفيلة بتأكيد تزعزع الثقة بالمنظمة، سواء من أوساط واسعة شعبياً، أو لدى العديد من حكومات العالم بما يصدر من معلومات طبية وصحية وبحوث علمية من هذه المنظمة إزاء فايروس كورونا، مما يستدعي تفحصاً دقيقاً لحالها ما إذا كانت قد خرجت من إطارها الإنساني لفضاء سياسي واقتصادي يخدم أجندات وتوجهات دول معينة!!
وهنا تجدر الإشارة إلى تاريخٍ طويلٍ من الاتهامات التي لحقت بالمنظمة عند كل أزمة وبائية قوية مرت على البشرية، سواء مع أزمة إنفلونزا الطيور في عام ٢٠٠٤ أو إنفلونزا الخنازير في ٢٠٠٩ ، وكلها كانت تدور حول ما إذا كانت هناك مصالح أقوى تفوق مصلحة الصحة العامة.
من الذي سيدفع فاتورة توصيات هذه المنظمة التي تتغير بياناتها بشكلٍ كلي خاصة فيما يتعلق بعقاقير العلاج من الفايروس أو طرق الوقاية والتعقيم والإجراءات الاحترازية التي تتخذها الدول لحماية أمن وسلامة مواطنيها، كتشكيكها مؤخراً بانعدام جدوى رش الشوارع والطرقات بمواد التعقيم اللازمة للقضاء على الفايروس؟!، أوليس الإنسان هو الضحية في هذه العمليات كلها؟!
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة